صحافة إسرائيلية

ردود فعل إسرائيلية تنتقد وقف إطلاق النار ولا تتوقع استمراره

"شئنا أم أبينا، فقد خرجت حماس معززة القوة، فهي لم تعد فقط قضيتها إلى الوعي الدولي، بل أصبحت لاعبا إقليميا"- جيتي

تتواصل الانتقادات الداخلية ضد حكومة الاحتلال وجيشه عقب وقف إطلاق النار مع غزة، بسبب الإخفاقات السياسية والعسكرية، وتوزعت الانتقادات بين المستويات السياسية والإعلامية، لا سيما مواقف قادة الأحزاب، في تصريحات نقلتها صحيفة "معاريف"، ترجمتها "عربي21".


جدعون ساعر زعيم حزب "أمل جديد" أكد أن "ما أنجزه بنيامين نتنياهو من وقف إطلاق نار غير مشروط مع حماس، أمر محرج"، فيما أشار يائير لابيد زعيم حزب "يوجد مستقبل" إلى أنه "بعد 11 يومًا من الحرب يمكن القول إن الجيش نجح في مهمته المحددة له، لكن الحكومة فشلت".


وبدوره، قال بيتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية: "آمل ألا تكون حماس تقول الحقيقة بشأن الاتفاق في وقف إطلاق النار على منع اليهود من دخول القدس والأقصى، وإلا فإني أتوقع هذا الصباح أن أرى الحرم القدسي مفتوحا لليهود، وكل شيء آخر سيثبت أن حماس تكلمت الحقيقة".


العار والحرب


وأشار رئيس حزب "القوة اليهودية" إيتمار بن غفير إلى أن "وقف إطلاق النار المخزي استسلام شديد لإملاءات حماس، هذه ليلة صعبة لإسرائيل وردعها، وكما قال ونستون تشرشل فقد اخترت العار خوفًا من الحرب، لكن لدينا اليوم في إسرائيل العار والحرب في نفس الوقت". 


عضو الكنيست، تمار زاندبرغ، زعيمة حزب ميرتس، أكدت أن "السؤال الوحيد هو كيف نمنع الحريق القادم، والجواب هو محادثات سلام، لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع، وسياسة الحكومة تسهم في تقوية حماس، وإدارة ظهرها للسلطة الفلسطينية بهدف منع التسوية السياسية، باعتبارها من توفر الجواب الوحيد لحياة آمنة".


ميراف بن آري من حزب "يوجد مستقبل" أشار إلى أن "أبرز نتيجة لهذه العملية هو تحول عسقلان إلى سديروت، وتل أبيب إلى عسقلان"، فيما أوضح ميكي ليفي من ذات الحزب أنه "بعد 11 يومًا من القتال، من العار أن تختفي الحكومة الإسرائيلية، ولا تظهر أمام الجمهور لتعلن موافقتها على وقف إطلاق النار، وتشرح القرار، ولحسن الحظ أن حماس بدأت إطلاق النار، وأوقفته".


ميراف ميخائيلي زعيمة حزب العمل تساءلت عن "أهداف العملية، هل هو وقف إطلاق النار، أم تحقيق الهدوء، وماذا سنفعل في هذا الصمت، هل سيقوم نتنياهو بتحويل الأموال مرة أخرى حتى يكون لدى حماس المزيد من الصواريخ لإطلاقها علينا في الجولة القادمة، حان الوقت للتوقف عن الإنكار".


أما موشيه يعلون وزير الحرب السابق، فقال إن "التفاهمات لوقف إطلاق النار لن تستمر طويلا، ولذلك على كل سياسي إسرائيلي أن يبعد المصالح الأمنية عن اعتبارات بقائه الحزبي، وإلا عليه أن يخلي مقعده، مما يتطلب العثور على طريقة لسد الفجوات، وتجاوز الخلافات، وإنقاذ إسرائيل، لقد حان الوقت".


حماس فرضت شروطها


نداف شرغاي الكاتب في صحيفة إسرائيل اليوم، أكد أن "الاستجابة الإسرائيلية لمطالب حماس في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح ليست مجرد شائعات أو تسريبات، ففي الميدان يتشكل واقع جديد يظهر أن إسرائيل استجابت منذ الآن لهذه المطالب، كنا نفترض أن نتنياهو سيدحرج حماس، ويرفض مطالبها عن الطاولة، لكن التخوف والشك سرقا قلوب الإسرائيليين".


وشدد الكاتب على أن "هذا اليوم الثامن عشر الذي يغلق فيه الحرم القدسي في وجه اليهود، وتفيد صورة الواقع، مع كثير من الأسف بأن حماس حققت ردعا حيال إسرائيل في القدس، وهي السبب الرسمي للمعركة التي بدأناها، في الحرم حققت المعركة في غزة ما لم يحققه مئات طاعني السكاكين، داعسي السيارات، ومطلقي النار، ممن خرجوا في السنوات الأخيرة باسم الأقصى لقتل اليهود، لكن النتيجة اليوم هي إبعاد اليهود عن الحرم".


وأشار إلى أن "معركة غزة سجلت إنجازا فلسطينيا يتمثل بتجميد للاستيطان اليهودي في القدس، بل إن حماس أعادت للقدس جغرافيا الخوف، وبات متأخرا إعادة الدولاب للوراء، وينبغي علينا الاعتراف بالواقع، وعدم محاولة تجميله، رغم أن الاستجابة لمطالب حماس في القدس ستكون سابقة خطيرة، غدا سيطالب الفلسطينيون بتجميد وإخلاء اليهود من نقاط استيطانية أخرى في القدس، وسيطرحون مطالب مشابهة في اللد أو عكا، وهذه المعادلة التي تحاول حماس فرضها منذ بداية المعركة".


يوسي يهوشع الكاتب العسكري في يديعوت أحرونوت، قال إن "وقف إطلاق النار أمر وهمي، لأن التحلي بالهدوء دون معالجة تعاظم قوة حماس، لا يعد نجاحا، بالعكس هذا فشل، رغم أننا سنشهد في الأيام القريبة القادمة أحاييل إعلامية كثيرة جدا حول وقف النار، لأننا اكتشفنا في هذه الحرب أن حماس استغلت فترة الهدوء منذ 2014 في تعظيم قوتها، وتحسين قدراتها النارية، ومدى صواريخها". 


وأكد أن "الحل في هذه الحالة أن يواصل الجيش في غزة مهاجمة وسائل إنتاج المعدات القتالية لحماس وفق صيغة "المعركة بين الحروب" السائدة في لبنان وسوريا، لكن مشكوك جدا أن يتبنى الجيش هذه السياسة في غزة، لأنه معني بالهدوء في غزة، رغم أن الاستخبارات الإسرائيلية لم تعرف كيف تقرأ نوايا حماس، وحتى قبل يوم من بدء هذه المعركة، لم يصدقوا أن حماس ستفعل ذلك، وفوجئوا بها، مما شوش خططه العملياتية". 

غياب الوعي


وأوضح أنه "شئنا أم أبينا، فقد خرجت حماس معززة القوة، فهي لم تعد فقط قضيتها إلى الوعي الدولي، بل أصبحت لاعبا إقليميا ربط عموم اللاعبين في الساحة، وقفت كـ"درع القدس"، تقود معسكر المقاومة".


يسرائيل هرئيل كتب في هآرتس أن "الخلاصة النهائية من حرب غزة أن حماس انتصرت في القدس، لأنه بسبب إملاءات حماس، ولشديد الإهانة الإسرائيلية، فإن الحرم القدسي مغلق أمام اليهود، حماس تدعي، وبحق، أنها سجلت انتصارات أخرى، فقد أشعلت الجمهور الفلسطيني في أرجاء فلسطين، وفي العالم".


وأضاف أن "الجديد في هذه المعركة أن حماس طلبت من فلسطينيي الداخل، كما لم يحصل منذ 1949، الخروج، والنتيجة أن المحتل وجد نفسه عاجزا أمام "أبطال" عكا واللد والرملة والنقب والجليل ووادي عارة، والشرارة التي انتظرها الفلسطينيون في الـ73 سنة الأخيرة لن تخبو مرة أخرى، ولا يقل أهمية، أن حماس عمقت الشرخ في أوساط اليهود، وزادت حدة الأزمة السياسية بينهم".


وأوضح أنه "بفضل حماس فقط، وليس بسبب عار الدول العربية والسلطة الفلسطينية، فإن فلسطين تشتعل، واليهود في حرج، وينكرون كالعادة، الإنجاز التاريخي للمقاومة العربية، والجيش يمنع الجنود من ارتداء الزي الرسمي وحمل السلاح، وهناك سيارات عسكرية حظر عليها السفر في وادي عارة، والبدو يرشقون بالحجارة السيارات الإسرائيلية في شوارع جنوب فلسطين، ومنعوا بشكل مؤقت دخول الطيارين لقاعدة نيفاتيم".


وأكد أن "حماس بدأت الحرب بهدف تحرير "الأماكن الإسلامية المقدسة" من أيدي المحتل اليهودي، وفي هذه الأماكن، ليس فقط في غزة، يجب هزيمته، وتشكيل صورة انتصار، في المقابل فإن إسرائيل لم تحدد بسبب غياب الفهم والوعي، أهدافا استراتيجية للمعركة، وإذا لم تتصرف إسرائيل بالطريقة الملائمة، فإن حماس ستستمر في السيطرة على القدس، وشوارع إسرائيل ستستمر فيها أعمال الفوضى على شاكلة اللد وعكا".