سياسة دولية

حقوقيون يوصون نواب أمريكا بوقف دعم الدكتاتوريين العرب

رسم عدد من مسؤولي منظمات حقوق الإنسان الدولية صورة قاتمة لوضع حقوق الإنسان في العالم العربي

رسم عدد من مسؤولي منظمات حقوق الإنسان الدولية صورة قاتمة لوضع حقوق الإنسان في العالم العربي بعد عشر سنوات من انطلاق الربيع العربي.

جاء ذلك خلال جلسة استماع نظمتها لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب الأمريكي الخميس 29 نيسان/ أبريل 2021، حول حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد عشر سنوات من الربيع العربي وآثارها على السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وطالبوا بوقف دعم الدكتاتوريات في العالم العربي والشرق الأوسط.

وشارك في الجلسة فيليب ناصيف، مدير مناصرة الحقوق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية، وسارة هوليوينسكي مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش بواشنطن، وصموئيل تادروس زميل أول مركز معهد هدسون للحرية الدينية، وسارة ليا ويتسن رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، وستيفن ماكينيرني المدير التنفيذي لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، وفق المعهد المصري للدراسات.

وقال ناصيف إنه بعد مرور عشر سنوات، فإن الصورة التي ترسمها حالة حقوق الإنسان في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبدو قاتمة.

وطالب ناصيف الحكومة الأمريكية بحظر جميع مبيعات الأسلحة إلى مصر خاصة ما يتعلق منها بصادرات بذخيرة الغاز المسيل للدموع والأسلحة الصغيرة وغيرها من المعدات القمعية. وطالبها بالتأكيد على ضرورة أن يفرج نظام السيسي عن جميع سجناء الرأي والكف عن الاعتداء على المتظاهرين السلميين ووسائل الإعلام المستقلة، وينبغي أن تتبع المحاكم المعايير الدولية لضمان محاكمات عادلة لمن يتم اعتقالهم.

من جهتها قالت هوليوينسكي إنه رغم الفشل الذي مني به الربيع العربي، إلا أن كل أدوات القمع لم تستطع وقف الناس في جميع أنحاء المنطقة عن المطالبة والتحفيز لنيل حقوقهم.

وأشارت هوليوينسكي إلى أوضاع حقوق الإنسان في المغرب والأردن، اللذين يتمتعان بسمعة إيجابية نسبياً في دائرة السياسة الخارجية الأمريكية، على حد قولها، فقد تم هناك قمع منتقدي الأنظمة وسجن قادة الاحتجاج السلمي وكذلك استهداف المعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي والفنانين والصحفيين.

وطالبت هوليوينسكي واشنطن بتبني نهج إقليمي أكثر اتساقاً لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيرة إلى أن واشنطن لديها الأدوات القانونية التي يمكنها استخدامها مثل قانون ماغنتسكي وغيرها، والتي يجب تنفيذها في جميع المجالات مع الحلفاء والخصوم على حد سواء.

وطالبت بأن يكون هناك حظر على مبيعات الأسلحة إلى أسوأ الحكومات التي تنتهك الحقوق.

 

"كشف الضعف"

أما تادروس فيرى أن الربيع العربي لم يؤد إلى الدخول في حقبة جديدة من التحولات الديمقراطية والحصول على حريات أكبر، مع استثناءات قليلة في تونس والسودان. مضيفا أن مظاهر الانفتاح السياسي المحدود وتنامي منظمات المجتمع المدني التي شهدتها العديد من دول المنطقة قبل الربيع العربي، استبدل بها قمع جميع أشكال المعارضة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ولا يزال الشرق الأوسط واحداً من أقل المناطق ديمقراطية في جميع أنحاء العالم حيث غابت حريات الدين والتعبير تماماً تقريباً.

وأكد تادرس أن الربيع العربي كشف الضعف المتأصل في دول الشرق الأوسط الحديثة، وأن الانهيار الحالي هو نتيجة فشل الأنظمة في تطوير ميثاق حكم يجعل مواطنيهم يعتقدون أن الدولة ملكهم، ولخدمة مصالحهم.

وأضاف: "على الرغم من الآمال التي سادت بأن الربيع العربي سيؤدي إلى ظهور لاعبين ليبراليين وديمقراطيين في المنطقة ووضع حد لحتمية الاختيار بين الأنظمة الاستبدادية والحركات الإسلامية، إلا أن العقد الماضي كشف فقط الضعف المتأصل للفاعلين الديمقراطيين الليبراليين في جميع أنحاء المنطقة، فضلاً عن ضعف التزامهم بهذه القيم".

ويعتقد تادرس أن تقديم الدعم لأحزاب أو سياسيين معينين لا يفيد كثيرا، لذلك فهو يدعو واشنطن للالتزام بدعم المؤسسات والأفكار الديمقراطية، خاصة من خلال الأنظمة التعليمية التي ستساعد في علاج هذا الضعف على المدى البعيد.

 

"كارثية"

ووصفت ويتسن، في شهادتها أمام جلسة الاستماع، أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة بـ"الكارثية"، فالنزاعات الداخلية لا تزال تجتاح المنطقة، بما فيها الصراعات المسلحة التي تم تدويلها والحروب الأهلية والقمع الجماعي والتعذيب الممنهج والواسع النطاق، وإفلات قوات الأمن من العقاب، وأجهزة القضاء المسيسة، والحرمان بشكل جماعي من الحقوق المدنية والسياسية التي تؤثر على معظم الناس في المنطقة.

وطالبت ويتسن الحكومة الأمريكية بأن تمتثل لالتزاماتها الخاصة بحقوق الإنسان والتي تحظر المساهمة في الانتهاكات.

وانتقدت ويتسن موقف واشنطن من الربيع العربي وقالت إن واشنطن و"منذ الانتفاضات العربية وعقود عديدة قبل ذلك، ساعدت بدأب أخطر الأنظمة التعسفية في الشرق الأوسط من خلال توفير الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري للحكومات القمعية".

ووجهت ويتسن انتقادات لاذعة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي "المسؤولة عن جرائم الفصل العنصري والاضطهاد في حكمها للفلسطينيين".

ووجهت انتقادا لاذعا لنظام السيسي واصفة إياه بأحد شركاء أمريكا الأمنيين، لإقدامه على إعدام 17 معتقلاً في يوم واحد في نموذج للمحاكمات والإجراءات شديدة الجور. "لقد أصبحت مصر رائدة عالمياً في عمليات الإعدام حيث قامت بتنفيذ 228 حكما بالإعدام منذ 2014، بحسب آخر إحصاء لي، لا يزال 106 أعضاء سابقين في البرلمان المصري مسجونين ظلماً، وهي أكبر نسبة للبرلمانيين المسجونين على مستوى العالم"، قالت ويتسن.

وأضافت: "في مصر اليوم إذا اشتكيت من التعذيب أو من اختفاء أولادك، أو عملت كمحام للدفاع عن المضطهدين أو كصحفي مستقل، أو حتى إذا كنت تؤلف موسيقى أو تلتقط صوراً أو تنشر فيديو "تيك توك" عن أحد الأحداث، فسوف تجد نفسك عرضة للملاحقة القضائية بتهمة أنك “إرهابي”.

وطالبت ويتسن بإنهاء الدعم العسكري والمالي الأمريكي المقدم للحكومة المصرية بالكامل.

كما أنها طالبت واشنطن بإنهاء دعمها العسكري لسلطات الاحتلال الإسرائيلي.

 

"حقيقة مزعجة"

أما ماكينيرني فقال إنه كان ينبغي للولايات المتحدة أن تنظر إلى هذه الأحداث الرائعة في الربيع العربي كحدث يمثل فرصة تاريخية لإصلاح سياستها الفاشلة. ولكن بدلاً من ذلك حدث العكس.

واضاف أن "الحقيقة المزعجة هي أن المجتمع السياسي في واشنطن يبدو أنه لا يهتم فعلاً بالاستقرار في الشرق الأوسط. ولا يهتم معظم صانعي السياسات على الإطلاق بحقوق الإنسان، على الرغم من العقود التي أثبتت أن عكس ذلك هو الصحيح.

ويعتقد ماكينيرني أن "الدافع وراء سياسة الولايات المتحدة هو النفوذ والتأثير الفاسد للفاعلين الذين يستفيدون من الوضع الراهن ومن السياسة القائمة، وخاصة الديكتاتوريات البغيضة التي هي في الواقع المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار".

وأوضح أن أخطر تطور يتعلق بسياسة الولايات المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو تزايد الاستخدام الفاسد للأموال من قبل بعض أسوأ الديكتاتوريين في العالم، الذين ينبغي اعتبارهم قتلة جماعيين وإرهابيين، لشراء النفوذ هنا في واشنطن من خلال جماعات الضغط وعقود العلاقات العامة والتمويل لمراكز الفكر والجامعات والاستثمارات المحسوبة على قطاعنا الخاص.

وأكد ماكينيرني أنه من "غير الممكن دعم حقوق الإنسان ودعم الدكتاتوريات في نفس الوقت. عليك أن تختار بين الاثنين، ولكن حكومتنا تدعم بشكل مأساوي الديكتاتورية في جميع أنحاء المنطقة بدلاً من الديمقراطية ما ينذر بنتائج كارثية ولكن يمكن التنبؤ بها".

وطالب ماكينيرني بإنهاء دعم الولايات المتحدة للقتلة الدكتاتوريين.

كما أنه طالب بدعم تونس والديمقراطية التونسية، وأن يكون ذلك في مقدمة أولويات الولايات المتحدة.

وطالب الكونغرس بأن يكافح بفاعلية النفوذ الفاسد المستشري للديكتاتوريات القاتلة في واشنطن، وهذا يشمل جميع الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، بما في ذلك أنظمة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وغيرها.