قالت مجلة "فورين بوليسي"،
إن المؤامرات ومحاولات
الانقلاب، ليست غريبة على الأردن، فالسنوات العشرون الأولى من حكم الملك الراحل
حسين كانت مليئة بمؤامرات انقلابية ومحاولات اغتيال وحرب أهلية مع منظمات فلسطينية
في البلاد.
ولفتت المجلة إلى ما جرى
مؤخرا، في تقرير ترجمته "عربي21" من اتهام ولي العهد السابق والأخ غير
الشقيق للملك عبد الله الثاني، الأمير حمزة، بالانخراط في "الفتنة" ثم
وضعه "تحت رعاية الملك" حتى ظهورهما معا.
وكان الأمير قد تعهد يوم
الاثنين بالولاء للعاهل الحالي وعلى ما يبدو نزع فتيل آخر عاصفة ملكية. لكن
احترامه لا يعني نهاية عدم الاستقرار في الأردن.
وقالت المجلة إن "هذه
الحلقة هي أحد أعراض التحديات التي واجهها الملك عبد الله منذ اندلاع الربيع
العربي، وليس المشكلة نفسها. ومن غير المحتمل أن يكون هذا هو التحدي الأخير الذي
يواجهه الملك في حكمه ما لم يخضع الاقتصاد الأردني لإصلاحات اقتصادية مهمة بسرعة".
ورأت أنه "من
المفترض أن هذه المؤامرة جاءت من داخل البلاط الملكي، مما أعطى صفة التابلويد
للتهديد الأمني، خاصة بعد أن جعل الأمير إقامته الجبرية أكثر غرابة، من خلال إصدار
بيان شخصي عبر الإنترنت. ومع ذلك، فإن خطة حمزة المزعومة للإطاحة بعبد الله تخدم
في صالح صرف الانتباه عن المشاكل الاستراتيجية والاقتصادية المستمرة في الأردن والتي
ليس لديها حلول واضحة سهلة".
ونقلت المجلة عن بروس
ريدل، زميل بارز في معهد بروكينغز، وصفه الخلاف الملكي الأخير بأنه "أخطر أزمة
سياسية واجهها الأردن منذ 50 عاما".
وقالت إن الخبراء
الإقليميين سمعوا عن هذه التحذيرات من قبل. ومع ذلك، فإن المزيج الذي يمتلكه عبد
الله من الذكاء السياسي والحظ في التعامل مع التحديات التي واجهها منذ اندلاع
الربيع العربي لا يعني أنه سيظل محظوظا في المستقبل.
ولفتت إلى أنه لا
يمكن اعتبار الاستقرار الداخلي أمرا مفروغا منه. فقد توقفت السياحة، أكبر صناعة في
الأردن، بعد ظهور جائحة كورونا، فقد بلغت إيراداتها 5.8 مليارات دولار في اقتصاد
قيمته 43 مليار دولار في عام 2019، لكن الأردن لم يستطع السماح للسائحين بالعودة
إلى البلاد مع انتشار الفيروس.
علاوة على ذلك، تشير
التقديرات إلى أن التحويلات، التي بلغت 3.7 مليارات دولار في عام 2018، انخفضت بنحو
20% للمنطقة بأكملها في عام 2020.
وقبل أسبوعين، اندلعت
احتجاجات في عمان إلى جانب مدن أخرى بسبب وفاة ستة أشخاص من فيروس كورونا في
المستشفيات الحكومية. كان السبب هو نقص إمدادات الأكسجين. ومع ذلك، تُظهر الأدبيات
حول الاستبداد المقارن أن الاحتجاجات قد توفر للنخب فرصا للكشف عن تفضيلاتهم
والانفصال عن النظام الحالي.
في حالة حدوث المزيد من
الاحتجاجات بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، أو نقص المياه، أو أزمة فيروس كورونا، أو
ضغوط استضافة عدد كبير من اللاجئين، فقد تفتح فرصة للأمير حمزة أو منافس انتهازي
آخر على العرش.
اقرأ أيضا: جدل بالأردن لمقاضاة امرأة فضلت والدها على الملك.. والأخير يتصل
وأضافت: "أعرب
العديد من المعلقين والمراقبين الأردنيين عن صدمتهم واستغرابهم من انتقاد حمزة
الصريح لأخيه الملك ومع ذلك، ما كان أكثر إثارة للصدمة هو التدفق العام لانتقادات
العاهل الحالي. وقامت البرامج الإذاعية الشعبية عبر مكالمات هاتفية منتظمة بانتقاد
الملك، وإلقاء اللوم عليه في الأداء الاقتصادي السيء للبلاد والفساد".
وقالت المجلة إن بعض
الأردنيين الذين تخلفوا عن الركب اقتصاديا، شعروا أن حمزة استخدم لغة الشارع
العربي لمخاطبة احتياجات الناس من أجل تحقيق مصالحه الخاصة. ونقل عن وزير المالية
الأردني محمد العسعس أنه قال: "البطالة هي أكبر مشكلة تواجه هذا البلد".
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل البطالة يبلغ 24 بالمئة حاليا.
حلفاء الأردن الإقليميون
المفترضون لا يساعدون. يحيط بالمملكة "أصدقاء أعداء" مثل إسرائيل
والسعودية، والذين على الرغم من استفادتهم من استقرار وتعاون العائلة المالكة
الهاشمية، يميلون إلى التورط في سلوكيات تقوض ثباتها. تؤدي سلوكيات هؤلاء الأصدقاء
الأعداء إلى تفاقم التوترات السياسية الداخلية في الأردن.
واحدة من أهم القضايا هي
المياه. يمثل الوصول إلى المياه مشكلة لكثير من الأردنيين - وسرقة المياه تجارة
كبيرة فشلت الدولة في معالجتها. بينما يستمر استهلاك المياه في الارتفاع، لا يزال
التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الإسرائيلية لتوفير 8 ملايين متر مكعب إضافي بعيد
المنال.
وبسبب هذه المشاكل، أصبح
الأردنيون العاديون تحت رحمة لصوص المياه الذين يحفرون آبارا غير مستغلة دون إذن
من الدولة ويتقاضون ما يريدون من الأشخاص الذين لا تصلهم الخدمات بشكل كاف أولا
تصلهم خدمات تماما.
وقالت المجلة إن الأردن
يأمل في بناء قناة إلى البحر الأحمر أو البحر الميت لتخفيف هذه المشاكل، لكنه، حتى
الآن، لم يتمكن من إبرام صفقة مع إسرائيل.
فضلا عن ذلك هناك شائعات
تقول، إن السعودية متورطة في مؤامرة مزعومة للإطاحة بالملك. لكن من المهم ملاحظة
أنه بمجرد تسريب تفاصيل اعتقال حمزة وآخرين، أصدرت معظم الدول بيانات دعم للعاهل
الأردني، إلا أن البعض في الأردن يخشى أن يكون السعوديون مهتمين باتفاق سلام مع
إسرائيل من أجل الحلول مكان الهاشميين كأوصياء على المسجد الأقصى وتولي الوصاية
على الأماكن المقدسة في القدس.
وختمت المجلة بالقول إن
"الخلاف الأخير للعائلة المالكة هو رمز للمشاكل الاقتصادية والاستراتيجية
المستمرة في الأردن. وإذا استمروا، فمن المحتمل جدا أن يجد هذا الحليف المعتدل
لأمريكا والغرب نفسه مهزوزا بالتحديات الداخلية مرة أخرى في المستقبل، وقد يكون
تحديا للعرش ربما من حمزة أو منافس ملكي آخر لم يكشف عن نفسه بعد".
FT: غموض يلف مستقبل الأردن.. ودسائس القصر نذير شؤم
VOX: اعتقال الأمير حمزة يهدف لإسكات كل أنواع المعارضة
FT: أزمة الأردن وراءها تنافس و"عداء" بين الملك وحمزة