ملفات وتقارير

قانون جديد يفاقم معاناة الفلاح المصري.. ماذا عن الأمن الغذائي؟

رفض البرلمان حذف عقوبة الحبس ستة أشهر من مشروع قانون الري بحق من يخالف قرارات تحديد مساحات زراعة الأرز- أرشيفية

يواجه قانون الموارد المائية والري الذي وافق عليه البرلمان المصري، مؤخرا، انتقادات على خلفية تحميل الفلاح أعباء مالية جديدة، تهدد بزيادة العزوف عن الزراعة.

ورفض البرلمان حذف عقوبة الحبس ستة أشهر من مشروع قانون الري، بحق من يخالف قرارات تحديد مساحات زراعة الأرز، بعد مطالبة بعض النواب باستبعاد البند حفاظا على الفلاحين.

إتاوات جديدة

ويفرض القانون رسوما مالية على الفلاحين، مقابل منحهم تراخيص تشغيل ماكينات رفع المياه التقليدية، بواقع 10 آلاف جنيه، وتحميلهم نسبة 10 بالمئة من قيمة تكاليف إنشاء أو إحلال وتجديد شبكات المصارف المغطاة، أو المصارف الحقلية المكشوفة. ( الدولار يساوي 15.75 جنيه).

كما يفرض رسما بقيمة خمسة آلاف جنيه مقابل منح المزارع ترخيصا بحفر البئر الجوفي، و200 ألف جنيه مقابل ترخيص ري الأراضي الزراعية الجديدة، ومخرج الصرف لها.

ومن أهم ملامح القانون (131 مادة) النص على السجن كعقوبة لبعض المخالفات، مثل زراعة الأرز في المناطق غير المُقررة لذلك، وكذلك إعاقة حركة سير المياه في نهر النيل.

كما يحدد القانون المساحات المُخصصة للزراعة، وينظم عملية استخدام وتوزيع المياه، ويحدد كذلك الاشتراطات اللازمة بمآخذ المياه ومصبات المصارف، وسُبل استغلال مياه الأمطار والسيول، وإعادة استخدام مياه الصرف في الري.

وكان نقيب عام الفلاحين في مصر، حسين أبو صدام، قد أعلن قبل شهرين تجميد نشاط نقابة الفلاحين؛ احتجاجا على تجاهل الحكومة المصرية لمطالبهم، ومساعدتهم في تجاوز جائحة كورونا، وتكبد قطاع كبير منهم خسائر مالية كبيرة.

وقال في تصريحات سابقة لـ"عربي21": "شهدنا تدني جميع أسعار الخضروات الفترة الماضية، رغم أن أسعار المستلزمات الزراعية مرتفعة، وهناك خسائر كبيرة في غالبية المحاصيل، والحكومة لم تقدم أي دعم مادي أو معنوي للفلاح، ورغم زيادة صادرات الحاصلات الزراعية، إلا أنه لم يستفد منها".

 

 

"أمن مصر الغذائي في خطر"

 
وفي حديث لـ"عربي21"، أعرب الخبير الاقتصادي، محمد كمال عقدة، عن اعتقاده بأن القانون الأخير جزء من سلسلة قوانين وقرارات "سوف تقضي على مهنة الفلاحة في مصر على المدى البعيد".

 

وقال: "الدولة تتخلى عن الفلاح المصري، وسيكون ذلك خطرا على الأمن الغذائي".

وأضاف "عقدة": "القانون سوف يقضي على آمال الفلاحين، ويمنع الكثير من دخول المهنة، ومن المعروف أنها مهنة توارثية، ولن يستكمل البعض مهنة آبائهم؛ لأنها لا تلبي متطلبات الحياة بسبب هذه القوانين".

 

اقرأ أيضا: السيسي يطلق مشروع "دلتا جديدة".. هل ينقذ مصر من الفقر؟

وتابع: "يوجد دعم للفلاح والمزارع الغربي من خلال تفعيل قانون الزراعات التعاقدية، وتساعده في تسويق محصوله، وتوفر دعم في الأسمدة، وتوفر القروض الزراعية والحيوانية، والهدف ليس أن يكسب الفلاح فقط، إنما حتى يستمر في مهنته حتى يحافظوا على الأمن الغذائي".

وقال: "لن تكون أول ولا آخر مرة تفرض فيها الحكومة المصرية رسوما على تراخيص ماكينات رفع المياه؛ لأنها سوف تتزايد بشكل مطرد في السنوات المقبلة مع تراجع حجم الموارد المائية المتوفرة، وهذه الرسوم الجديدة هي بسبب تراجع حجم المياه نتيجة التخلي عن حقوق مصر التاريخية من خلال اتفاقية 2015 الموقعة بين مصر والسودان وإثيوبيا".

البطش بالفلاح بدلا من دعمه

وانتقد الأستاذ المساعد في مركز البحوث الزراعية سابقا، عبد التواب بركات، تحميل الحكومة المصرية الفلاح أعباء إضافية، وقال: "القرارات الخاصة بتقليص مساحات زراعة الأرز، المحصول الاستراتيجي للمصريين، وفرض غرامات، واستمرار المادة المتعلقة بالحبس، هي قرارات مجحفة بحق المزارعين (ثلث الأيدي العاملة بمصر)، ومضرة بزراعات المحاصيل المصرية".

وأكد بركات في حديثه لـ"عربي21" أن "الحكومة المصرية رفعت يدها عن الفلاح، بل تحولت قراراتها إلى البطش بالفلاح، ولعل عدم وجود من يدافع عن الفلاح جعلها تتمادى في فرض المزيد من الرسوم والغرامات، وزيادة الأعباء على الفلاحين".


وحول واقع الفلاح المصري، أوضح أن "الفلاح متضرر بقوة لعدة أسباب، من بينها عدم وجود دعم مادي حقيقي ، وارتفاع أسعار الوقود والأسمدة والتقاوي والأيدي العاملة، وعدم صرف تعويضات عند حدوث أي كوارث كتقلبات المناخ، وعدم شراء المحاصيل من الفلاح بسعر عادل، وتجاهل تفعيل قانون الزراعة التعاقدية".