ملفات وتقارير

كيف تستفيد إسرائيل من الفشل المصري بأزمة قناة السويس؟

مصر قناة السويس جنوح سفينة فيسبوك/صفحة مجلس الوزراء المصري

أثارت أزمة قناة السويس الكثير من التكهنات بشأن مستقبل الممر المائي، والنتائج التي يمكن أن تنتهي إليها هذه الأزمة، فيما يبدو أن إسرائيل قد تكون المستفيد الأكبر من هذه الأزمة، بعد أن عادت إلى الواجهة مجددا فكرة الممر المائي البديل الذي سبق أن طرحته إسرائيل للربط بين البحرين الأحمر والمتوسط. 

 

وجنحت سفينة شحن عملاقة محملة بأكثر من 220 ألف طن من السلع والبضائع في عرض قناة السويس، ولم تعد قادرة على الحركة منذ صباح الثلاثاء الماضي، وهو ما تسبب بإغلاق كامل للقناة، وتعطيل مئات السفن، ومنعها من الحركة بشكل كامل، بانتظار إعادة تعويم الباخرة العملاقة، فيما أفادت هيئة قناة السويس بأنه حتى صباح الأحد كان أكثر من 360 سفينة قد علقت على مشارف القناة بانتظار العبور.


وتأتي هذه الأزمة بعد شهور قليلة من معلومات تداولتها تقارير صحافية عن "مشاورات بين إسرائيل والإمارات بشأن حفر قناة مائية جديدة تربط بين البحرين المتوسط والأحمر، مماثلة لقناة السويس المصرية"، وهو ما تسبب بغضب مصري؛ بسبب أن القناة المقترحة يمكن أن تشكل تهديدا مباشرا لمصالح مصر في الملاحة المائية بالمنطقة، كما أنها يمكن أن تؤدي إلى خفض إيرادات قناة السويس، التي تشكل مصدرا مهما للدخل من العملة الصعبة للاقتصاد المصري. 

 

اقرأ أيضا: صور جوية للسفن العالقة على مدخل قناة السويس (شاهد)

 

وقال مقال نشرته جريدة "تايمز أوف إسرائيل" إن المحادثات بشأن الممر المائي المنافس لقناة السويس بدأت بعد 19 يوما فقط على توقيع اتفاق التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب العام الماضي، كما تحدث المقال في الجريدة الإسرائيلية عن أنه خلال الفترة من 2015 إلى 2020 استطاعت قناة السويس أن تُدر على مصر أكثر من 27.2 مليار دولار أمريكي، وذلك ارتفاعا من 25.9 مليار دولار خلال السنوات الخمس التي سبقت، ما يعني أن ثمة طلبا عالميا متزايدا على الملاحة في المنطقة، وهو ما يُمكن أن يُغري إسرائيل والإمارات بأن تفتحا ممرا مائيا يتقاسم مع المصريين هذه المكاسب.


لكن، وبحسب المعلومات التي جمعتها "عربي21"، فقد تبين أن فكرة الممر المائي البديل لقناة السويس ليست جديدة، فقد نشر موقع "بزنس إنسايدر" تقريرا قبل أيام، يكشف فيه لأول مرة عن وثائق أمريكية تعود إلى العام 1963، وتتضمن خطة لفتح ممر مائي بديل عن قناة السويس بطول 160 ميلا (256 كلم)، ويربط بين البحرين المتوسط والأحمر، ومن شأنه تغيير خارطة الحركة  التجارية العالمية.

 

وبحسب الوثائق، فإن الخطة الأمريكية المقترحة كانت تقوم على فكرة استخدام القوة النووية من أجل فتح الممر المائي بشكل سريع وفعال، حيث يتم استخدام قنابل نووية على طول المسافة بين البحرين؛ من أجل الحفر وفتح الممر المائي بسرعة قياسية. 

 

اقرأ أيضا: سفن تتجه إلى رأس الرجاء الصالح.. ومصر تدرس السيناريوهات

 

ووفقا للمذكرة التي تعود إلى العام 1963، فقد كانت الخطة ستعتمد على 520 قنبلة نووية لفتح الممر المائي، ودعت المذكرة إلى "استخدام المتفجرات النووية في حفر القناة عبر صحراء النقب" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. 


وصدرت المذكرة عن مركز "لورانس ليفرمور" الوطني، المدعوم من وزارة الطاقة الأمريكية، حيث تقترح "تطبيقا مثيرا للاهتمام للحفريات النووية، ويؤدي إلى فتح قناة على مستوى سطح البحر بطول 160 ميلا عبر إسرائيل".


وقالت المذكرة إن "الطرق التقليدية للتنقيب ستكون باهظة الثمن للغاية.. يبدو أنه يمكن تطبيق المتفجرات النووية بشكل مربح في هذا الوضع".

 

اقرأ أيضا: مصر تفقد 70 مليون دولار من إيرادات قناة السويس في 5 أيام


وأضافت المذكرة أن "هذه القناة ستكون بديلا استراتيجيا قيما لقناة السويس الحالية، وربما تسهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية".

 

وبينما يدور الحديث عن قناة مائية إسرائيلية بديلة للسويس، فقد نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن مساعي تل أبيب للعب دور أكبر في سوق الطاقة بالمنطقة، وتحدث التقرير عن تعاون إسرائيلي إماراتي في مشروع خط أنابيب لنقل النفط، وذلك بالتزامن مع إعلان الإمارات استثمار 12 مليار دولار في إسرائيل، الأمر الذي يعزز من احتمالات أن تكون إسرائيل أكبر المستفيدين من أزمة قناة السويس. 


وتسببت أزمة إغلاق قناة السويس الحالية بموجة من القلق على مستوى العالم؛ بسبب أن عشرات الشركات سوف تتأخر بضائعها عن الوصول إلى الأسواق، فيما اضطرت شركات شحن إلى تغيير مسار سفنها إلى الطريق التقليدي القديم عبر رأس الرجاء الصالح، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع تكاليف الشحن، وبالتالي ارتفاع العديد من السلع في الأسواق.


ويتوقع المحللون أن تتأثر عمليات تجارية تبلغ قيمتها 40 مليار دولار بهذا الإغلاق في قناة السويس، فيما يُشار إلى أن 10% من نفط العالم و8% من الغاز المسال يمر بالقناة، إضافة إلى العديد من السلع الحيوية والمهمة التي تمر يوميا من خلال القناة، وهو ما يُمكن أن يشجع العالم على دعم مشروع حفر القناة البديلة، بما ينتهي إلى أن تكون إسرائيل أكبر المستفيدين من الأزمة الراهنة.