سلط
موقع "New York Review" الأمريكي
الضوء على الكاتب الأمريكي ناثان ثرال، الذي يعيش في القدس المحتلة، والذي بدوره ركز في مقالة له
على الأوضاع التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وقال
الصحفي مات سيتون في مقاله الذي ترجمته "عربي21" إن الموقع نشر في 19 آذار/
مارس 2021، مقالة استثنائية لناثان ثرال بعنوان: "يوم في حياة عبد سلامة".
يصف
المقال تجربة أب فلسطيني بعد حادث طريق مميت في الضفة الغربية في عام 2012، حيث اصطدمت
حافلة مدرسية تقل ابن سلامة بشاحنة كبيرة في طريقها إلى مقلع أحجار يملكه إسرائيليون.
مع هذه القصة المؤلمة كنقطة انطلاق له، يستكشف ثرال التاريخ الطويل لوقوع الضفة الغربية
تحت الاحتلال أولا، ثم الاستيطان فيها على نطاق واسع من قبل إسرائيل، مما خلق الظروف
التي أدت إلى هذه المأساة الإنسانية الخاصة.
ثرال
هو المدير السابق للمشروع العربي الإسرائيلي في مجموعة الأزمات الدولية، وهي واحدة
من أكثر منظمات البحث والتحليل المستقلة احتراما في مجال الشؤون الخارجية. وهو الآن
كاتب متفرغ، يقيم في القدس، حيث يعيش مع زوجته وبناته الثلاث.
ويساهم
في New York Review (وكان في يوم من
الأيام مساعد تحرير في المجلة)، وقد نشر سلسلة من المقالات خلال السنوات الأخيرة -
لا سيما في مجلة New York Times Magazine و The Guardian و London Review of Books - حددت المعايير
الفكرية والسياسية الجديدة لما أصبح معترفا به بشكل متزايد على أنه واقع الدولة الواحدة
بين إسرائيل وفلسطين (أو ما بعد الدولتين).
ويقول
الكاتب: "لقد كنت متحمسا لنشر مقال ثرال هذا الأسبوع ليس فقط بسبب طموحه ونطاقه،
ولكن أيضا لأنه يفتح آفاقا جديدة له ككاتب، متحررا من قيود كونه محللا بحتا. في هذا
المستوى الجديد، جسد لي تقريره بعمق من جديد ما كنت أتصور أنني أعرفه عن ظروف الحياة
في ظل الاحتلال الدائم. على أمل أن تصل إلى أكبر عدد ممكن من القراء، جعلنا القصة متاحة
مجانا للأسبوعين المقبلين، بما في ذلك خلال فترة الانتخابات العامة في إسرائيل".
كان
سؤالي الأول إلى ثرال هذا الأسبوع حول ما اعتبره هدفه الأسمى في عرض هذه القطعة أمام
جمهورنا. ويبدأ، كما قال: "بالرأي السائد بين النخب الأمريكية بأن هناك حركتين
قوميتين في إسرائيل وفلسطين -يهودية وفلسطينية- لهما مطالب قانونية وأخلاقية مشروعة
على نفس قطعة الأرض، والتي يجب تقسيمها 78% أو أكثر للدولة التي يسيطر عليها اليهود
و22% كحد أقصى للفلسطينيين، حل عادل لأن النزاع الرئيسي في نهاية المطاف هو على الضفة
الغربية وأراضي غزة التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967".
قال
لي: "كل جانب من جوانب هذا التحليل خاطئ.. لأن معظم النخبة الليبرالية يؤيدون
تقسيم الدولتين، فإن نقطة البداية في فهمهم ليست الواقع على الأرض، بل بالأحرى 'الحل'
المفضل لديهم. أردت أن أترك هذه الأطر الأيديولوجية جانبا وأن أصف الواقع ببساطة كما
هو اليوم: لا تسيطر إسرائيل فقط على أكثر من 90 في المائة من الأراضي الواقعة بين نهر
الأردن والبحر الأبيض المتوسط، بل تديرها بالكامل، ويتمتع الفلسطينيون بحكم ذاتي محدود
للغاية في النسبة المتبقية التي تقل عن 10%".
يذكرنا
المقال باللحظة في عام 2013 عندما جلس وزير الخارجية جون كيري أمام لجنة في مجلس النواب
وتوقع أن حل الدولتين لم يتبق فيه أكثر من عامين. وفي العام التالي، تسبب كيري في عاصفة
بقوله إن إسرائيل تخاطر بأن تصبح "دولة فصل عنصري". ووسط الخلاف الدبلوماسي
والعلاقات العامة الذي أعقب ذلك، كان مضطرا للتراجع عن التعليق، لكن استخدام كلمة أبارثايد
كان بمثابة لحظة مذهلة للاعتراف من أحد أعضاء تلك النخبة الليبرالية الأمريكية وشكلت
أيضا إشارة إلى مدخل لثرال أيضا.
وقال:
"اليوم، نحن في لحظة غير عادية في الفهم الأمريكي لإسرائيل وفلسطين.. هناك اتفاق
الآن عبر الطيف السياسي على أنه لا جدوى من إجراء مفاوضات إسرائيلية فلسطينية لأن حل
النزاع ليس حتى في الأفق، ناهيك عن كونه وشيكا".
وأضاف:
"السؤال هو، إلى أين ستؤدي نقطة الاتفاق الجديدة هذه؟.. ليس هناك من ينكر أن الواقع
الحالي -بغض النظر عن الاسم الذي تختاره لاستخدامه، سواء أكان هيمنة عرقية قومية أو
فصلا عنصريا أو استعمارا- هو واقع من الظلم العميق والهيمنة على أساس العرق للمجموعة
المهيمن عليها.
ويتعارض
واقع اليوم في إسرائيل وفلسطين مع كل ما تدعي أمريكا أنها تمثله. إذن ما هو مبرر استمرار
أمريكا في تزويد إسرائيل بالدعم الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي، بينما يمكننا أن نتفق
جميعا على أن هذا هو الوضع -من القهر العرقي القومي- إن لم يكن دائما، فهو على الأقل
إلى أجل غير مسمى؟".
وهذا
في الواقع هو السؤال الكبير الذي تتركه مقالته لقرائها الأمريكيين. فأردت أن أعرف كيف
تحول ليجعل هذه الساحة بأكملها مجال اهتمامه، بل حتى قضيته. وكان الجواب في مقاله الذي
جعل الحادث مركزيا له.
يقول
في المقال: "في طريق عودتهم من زيارتي في لوس أنجلوس عام 2003، انقلبت سيارة جدي
وجدتي من جانب الطريق، وسقطت على منحدر كبير. نجا جدي ولم تنج جدتي.. فتركت وظيفتي
على الفور -كنت حينها أعمل كعامل بسيط في عجلة تحرير أفلام هوليوود- وعدت إلى المنزل
إلى منطقة الخليج (شمال كاليفورنيا) لمساعدة عائلتي بعد الحادث. بعد شهرين، قالت لي
أمي: "أتعلم، جدتك أرادت دائما العيش معك في القدس. لماذا لا تقوم بالذهاب في
إحدى رحلات بيرثرايت (الخاصة باليهود) المجانية هذه؟' ولم أكن قد زرت إسرائيل من قبل..
والبقية، كما يقولون، هو مجرد تاريخ".
عدا
أن جزءا آخر من ذلك التاريخ يتضمن العمل مع New York
Review - وروبرت سيلفرز (محررها من 1963 وحتى 2017). وقال:
"كنت أعمل كأحد مساعديه في التحرير، واقترح علي أحيانا، بلطف، أن أكتب شيئا للصحيفة..
وأخيرا، وافق على أنني سأقدم تقريرا عن برنامج "بناء الدولة" لرئيس الوزراء
الفلسطيني سلام فياض أو "الفياضية" كما كان توماس فريدمان يطلق عليها بحماس،
والتي كانت تحظى باهتمام بالغ في واشنطن في ذلك الوقت، وتحظى بدعم وإجماع من الحزبين.
اتخذ مقالي وجهة نظر مخالفة، وشرفني بوب بأن جعل المقال موضوع الغلاف".
وقد
لفت المقال الانتباه، بما في ذلك انتباه روب مالي، الذي كان وقتها في مجموعة الأزمات
الدولية (والآن المبعوث الخاص لإدارة بايدن إلى إيران)، والذي سرعان ما قام بتعيين
ناثان. وأتساءل الآن كيف يتعامل، وهو المقيم في القدس مع عائلته منذ فترة طويلة، مع
قضايا الانتماء والولاء والمعارضة.
أجاب:
"جزء من جاذبية العيش هنا هو أنني غريب. وهذا له تكاليفه بالطبع، ولكن له أيضا
مزاياه. إحدى هذه المزايا هي أنني أستطيع أن أكون منتقدا دون إثارة عذاب داخلي، فهويتي
لا ترتبط بهذا المكان، أنا لست إسرائيليا. لكنني أشعر بالمسؤولية تجاه ما يحدث هنا،
لأسباب ليس أقلها أن هذه السياسات تُنفذ باسم كل الشعب اليهودي، وأيضا لأنني، كأمريكي،
أدفع ثمنها".