قال رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية في أمريكا اللاتينية، سمعان صفدي خوري، إن الجاليات الفلسطينية بمختلف أنحاء العالم دخلت في مشاورات مستمرة بشأن الموقف من الانتخابات المقبلة، مؤكدا أن "السلطة الفلسطينية تُصرّ على إبعاد فلسطينيي الخارج عن المشاركة في هذه العملية، لأنها تخاف من نتائج الانتخابات التي سنلعب فيها دورا هاما وكبيرا جدا".
وأضاف، في مقابلة مع "ضيف عربي21": "إذا اضطررنا لإجراء وتنظيم انتخابات موازية للكل الفلسطيني سواء لأبناء الداخل أو الشتات في الخارج فسنقوم بذلك، بعيدا عن غطرسة السلطة التي تعمل على تجزئة أبناء الشعب الواحد، ونحن سنفعل أي شيء لإثبات وجودنا، لكننا لا نبحث عن انقسامات جديدة".
ونوّه رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية في أمريكا اللاتينية إلى أن "هناك أفكارا أخرى (لم يحددها) لا نزال نجري التشاور بشأنها، ونتابع ما يحدث حاليا من مستجدات بخصوص تلك الانتخابات".
وتابع صفدي: "السلطة الفلسطينية لن تستطيع منعنا أو إقصاءنا في اختيار مَن يُمثلنا في المهجر؛ فهي تريد إبعادنا عن المشهد، لكننا نرفض ذلك، ولدينا الإمكانات لمواجهة هذا الإقصاء، وسوف نجد الطريق الأفضل لزيادة الوحدة والتجمعات على مستوى فلسطيني عالمي؛ فنحن حوالي 7 ملايين فلسطيني في الخارج، ويجب على السلطة أن تعلم أن لنا الحق في التصويت الانتخابي كأعضاء طبيعيين".
وفي ما يأتي نص المقابلة مع "ضيف عربي21":
لو تحدثنا عن وضع الجاليات الفلسطينية في أمريكا اللاتينية؟
بفضل الله توجد جالية فلسطينية كبيرة في أمريكا اللاتينية؛ ففي السلفادور فقط يوجد حوالي 150 ألف فلسطيني، وهذه جالية مهمة جدا ومندمجة في المجتمع السلفادوري بشكل كبير على أكثر من صعيد، سياسي واقتصادي واجتماعي وفني.
كما أن 44% من الإنتاج القومي للبلاد يُعتبر في أياد عربية فلسطينية، وتُعدّ الجالية الفلسطينية هناك من أكبر الجاليات في أمريكا اللاتينية، وأكثرهم مُهاجرون من مدينة بيت لحم.
ما أبرز الصعاب والتحديات التي تواجهكم؟
بالطبع، الأوضاع اختلفت الآن عن ذي قبل، وبالتحديد قبل مائة عام؛ فالهجرة الفلسطينية بدأت قبل الحرب العالمية الأولى، وبالتالي فقد تَعرّض المهاجرون الفلسطينيون للتهميش والملاحقة في بادئ الأمر، والعرب ككل، فأطلقوا علينا اسم "توركو" نسبة إلى بطاقات المرور وجوزات السفر التي حَملها أوائل المهاجرين، وكان الهدف من إطلاقهم علينا هذا الاسم هو من باب التقليل وعدم الاحترام، لكن مع مرور الزمن استطاعت تلك الجاليات أن تُثبت جدارتها بقوة حتى أصبح لدينا في السلفادور رئيسان للجمهورية من بيت لحم.
كيف تقيمون طبيعة العلاقات بين أمريكا اللاتينية وفلسطين؟
في الوقت الحالي جيدة نسبيّا، لكنها تتفاوت ما بين دولة وأخرى، بحسب التوجه السياسي لكل دولة، سواء كانت يمينية أو يسارية، لكننا لا نُقحم قضيتنا في بوتقة أي توجه بعينه؛ فالقضية الفلسطينية قضية إنسانية عادلة وقضية حق وشرعية، وذلك يجب أي يعرفه أي نظام سياسي سواء كان يمينيا أم يساريا، لكن من الضروري أن أشير إلى أن اليسار يدعمنا بشكل أفضل من باقي الحكومات الأخرى.
ما تقييمكم لأداء دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير خاصة أن البعض يتهمها بأنها مسؤولة عما يصفونه بتغييب الإمكانات الهائلة للفلسطينيين في الخارج وفي أمريكا اللاتينية على سبيل المثال.. ما تعقيبكم؟
بكل أسف نعم، الدائرة حاولت تهميش مَن لا يسير على خطواتها، ومَن لا يؤيد سياستها الفاشلة التي تنتهجها، واستطاعت بتلك السياسية نقل المشاكل من الداخل الفلسطيني إلى أمريكا اللاتينية وإلى أماكن أخرى أيضا حول العالم، ولدينا كثير من المشاكل مع السفارات في الخارج والمنظمات التي تتبع السلطة الفلسطينية، بينما كان الواجب عليها أن تقوم بدعم كل فلسطينيي مغترب، خاصة مَن لديه مشروع وفكر وطني حقيقي.
وعلى صعيد آخر، فإن هناك مجموعات تتبع السلطة في أمريكا اللاتينية لها مصالحها الخاصة، وهؤلاء ممن يؤمنون بسياسة السلطة ويعتبرونها الممثّل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، ومن هنا أطالب بإعادة هيكلة منظمة التحرير من جديد، لأنها فشلت في توجيهنا إلى مشروع وطني سليم يقودنا إلى التحرر، لكن بكل أسف اكتفت المنظمة وفروعها في الخارج بمخرجات اتفاقية أوسلو وتعدت على الميثاق الوطني الفلسطيني الذي يقوم على تحرير فلسطين وحق اللاجئين في العودة، إضافة إلى اعتبار كل فلسطيني، وبعيدا عن أي تمييز في الأصل أو الدين، أن له حق التمثيل والتواجد داخل المجلس الوطني الفلسطيني.
وبالتالي أنتم تحمّلون دائرة شؤون المغتربين جزءا من المسؤولية عن تغييب الطاقات بالخارج؟
بالطبع، بالنسبة لي فأنا فلسطيني لا تستطيع السلطة الحالية أن تُعيد لي هويتي الأصلية، ورغم احترامي للدولة التي أقيم فيها الآن فأنا أحمل فقط جواز سفر سلفادوري ولولاه لما كنت أحمل أي هوية، وللعِلم فأنا رئيس الاتحاد الفلسطيني في أمريكا اللاتينية، وعندما أقمنا الاتحاد لم يسلم من هجوم السلطة ودائرة المغتربين على وجه الخصوص، كما أني عضو في المجلس الوطني الفلسطيني وأمثل عدة مؤسسات فلسطينية وباسمهم نرفض سياسة أوسلو وسياسة السلطة الفلسطينية الفاشلة.
ولماذا تمت مهاجمة الاتحاد الفلسطيني في أمريكا اللاتينية من قِبل السلطة الفلسطينية ودائرة شؤون المغتربين؟
أنت تعلم أن كل مواطن حسب الميثاق الفلسطيني هو فلسطيني ولا يستطيع أي إنسان أن يحرمه من هذا الحق، بينما دائرة المغتربين ومن خلفها وزارة الخارجية ترفضان التعامل مع أي تمثيل أو مؤسسة فلسطينية خارج نطاق ولائهما في أمريكا اللاتينية.
كما أن السفارات الفلسطينية الموجودة هنا لا تقوم بواجبها تجاه الجاليات الفلسطينية وتنحاز إلى سياسة السلطة لا سيما أن أغلب موظفيها من حركة فتح، لذلك فإننا نعتبر أنفسنا أغرابا عن هذه السفارات، فهي لا تُمثلنا ولا ترعى مصالحنا في أغلب دول القارة، رغم علاقتي الجيدة، مع سفيرنا في السلفادور، فهو يختلف عن الكثيرين منهم.
كيف يمكن الاستفادة من الطاقات الفلسطينية في الخارج؟
نحن هنا نملك عدة مؤسسات، والجالية الفلسطينية لها شأن كبير ووزن كبير لا يستهان به، ولو كان هناك اتساع في دائرة التعاون بيننا وبين السلطة في رام الله لكانت الفائدة عظيمة، لأن الهجرات إلى أمريكا اللاتينية تختلف عن باقي هجرات الفلسطينيين في دول أخرى، وهنا لا أقصد هجرة 1948 أو 1967 فحسب؛ فهناك من هاجر قبل مائة عام، فأنا أتحدث عن ثالث أو خامس جيل يُولد في الاغتراب، لذلك فإنه يجب التقرّب من هذه الأجيال نظرا للبُعد الجغرافي الكبير بين فلسطين وأمريكا اللاتينية من أجل الاستفادة منهم، ونحن نحاول عن طريق سِماتنا الثقافة الشهيرة، والتي يعرفها الجميع أن نخلق جسر تواصل مع العالم هنا بشكل دائم، وهناك بعض المثقفين يعملون باستمرار على تنمية هذه الروح أينما ذهبوا.
البعض يقول إنه يتم تعيين ممثلي الجاليات الفلسطينية في الخارج بشكل تعسفي وفقاً لقاعدة الولاء.. ما ردكم؟
طبعا كلام صحيح بنسبة 100%؛ فمنذ 2017 وبعد عدة محاولات هنا توجد الفيدرالية الفلسطينية التابعة مباشرة إلى دائرة المغتربين، ونحن حاولنا إحياءها بعد أن كانت جسدا ميتا مدة 25 عاما، كما أن السلطة كان لديها صحوة، لأن قرابة ثمانين ألف فلسطيني يعيشون في أمريكا اللاتينية ولهم مراكزهم لمصالح شخصية انتخابية حاولوا التقرب منها، بينما رفضت كثير من المؤسسات والأشخاص هنا فكرة التعسف والتعيين، وقد عقدنا مؤتمرا عام 2019 خرج عن إدارة السلطة حول هذا الأمر رغم دعوتنا الدائمة لأن نكون يدا واحدة مع من لديه مشروع وطني، ومَن يُبقي على ثوابت القضية الفلسطينية ولا يعترف باتفاقية أوسلو بسبب جنايتها في حق الشعب الفلسطيني.
كيف ترى مستقبل الوجود الفلسطيني في أمريكا اللاتينية؟
نحن هنا منذ سنوات طويلة، وكما قلت فإنه كان لدينا رئيسان لجمهورية سلفادور، ولا يزال الرئيس الحالي نجيب أبو كيلة وهو من أصول فلسطينية والدته من بيت لحم ووالده من القدس. كما أننا متواجدون في البرلمان وفي الاقتصاد، إضافة إلى أننا نسيطر على جزء كبير من الحركة التجارية، كما أن بعض الفلسطينيين ومنذ أكثر من عشرين عاما يمتلكون قنوات تليفزيونية وراديو يصل من خلالها صوتنا في كثير من الأوقات إلى الرأي العام الفلسطيني والسلفادوري أيضا.
البعض يرى أن الفلسطينيين هم مَن سبقوا بعض الدول العربية في التطبيع مع إسرائيل وذلك بتوقيع اتفاق أوسلو مع إسرائيل.. ما تعقيبكم؟ وكيف ترون علاقة اتفاق أوسلو بموجة التطبيع الأخيرة؟
من الطبيعي أن يلوم الإنسان أخاه، فقد كان لدينا أمل كبير في الأخوة العرب، لأن قضيتنا ليست فلسطينية فقط بل هي قضية قومية، ورغم ذلك فأنا ألوم السلطة الفلسطينية أكثر من لومي للرئيس الراحل أنور السادات والحكومة الأردنية، لأننا أصحاب القضية ونحن أولى برفض أوسلو بالأمس واليوم وفي المستقبل.. ورغم رفضي للتطبيع الذي قامت به بعض الدول العربية مؤخرا، فإن اللوم الأكبر يقع على السلطة الفلسطينية التي عادت إلى هذا الطريق المعوج مرة أخرى، الذي يبعدها عن مشروع التحرر الوطني.
كيف تتابعون الانتخابات الفلسطينية؟ وما فرص مشاركة الجاليات الفلسطينية بالخارج في تلك الانتخابات؟
نحن فعلا بحاجة إلى انتخابات من أجل اختيار قيادة مستقيمة، وضخ دماء جديدة في منظمة التحرير المغيبة منذ سنين، لكن بكل أسف بُني الهرم من الرأس أولا وليس من القاعدة، فكان من الواجب أن تبدأ الانتخابات بالمجلس الوطني الفلسطيني الذي يُمثل الكل الفلسطيني ثم الانتخابات التشريعية وبعدها الرئاسية، إضافة إلى أن رئيس السلطة محمود عباس قال إن الانتخابات ستكون للفلسطينيين في الداخل، غزة والضفة الغربية، بينما جرّد بذلك الفلسطينيين من أبناء الـ48 واللاجئين في الشتات، سواء في الأردن أو في لبنان وجميع الدول الأوروبية وأيضا في الأمريكتين وسواها من القارات، من حق الاقتراع. وهذا ما نرفضه تماما مع إصرارنا على المشاركة في اختيار ممثلينا وتقرير المصير؛ فنحن جزء لا يتجزأ من هذا الشعب ويجب أن يُسمع صوتنا؛ فهناك قرابة 51% من الفلسطينيين في الخارج ولا تستطيع السلطة الفلسطينية أن تُجرّدهم من حقهم الذي يؤكده الدستور والميثاق الوطني الفلسطيني.
ماذا لو أصرت السلطة الفلسطينية على إبعاد فلسطينيي الخارج من المشاركة في الانتخابات؟
نحن الآن في مشاورات مستمرة بين الجاليات الفلسطينية في كل أنحاء العالم، ومنظمة التحرير هي الممثل الشرعي لجميعنا، أما السلطة فلن تستطيع منعنا أو إقصاءنا في اختيار ممثلينا في الشتات للشراكة في تقرير المصير..
فهم يريدون تهميشنا وإبعادنا عن المشهد، لكننا نرفض ذلك ولدينا الإمكانات لمواجهة هذا الإقصاء، وسوف نجد الطريق الأفضل لزيادة الوحدة والتجمعات على مستوى فلسطيني عالمي؛ فنحن حوالي 7 ملايين فلسطيني في الخارج ويجب على السلطة أن تعلم أن لنا حق الانتخاب، وليس لها الحق في منعنا من اختيار مَن يُمثلنا، وخصوصا لعدم شرعيتها منذ أكثر من 15 عاما، فنحن لا نستجدي أحدا.
وإذا اضطررنا لإجراء وتنظيم انتخابات في الخارج فسنقوم بذلك وبعيدا عن سيطرة الاحتلال. وسنفعل أي شيء يكفل حقوقنا، ونحن لا نبحث عن انقسامات جديدة. وهناك أفكار أخرى لا نزال نجري التشاور بشأنها، ونتابع ما يجري حاليا من مستجدات خاصة لهذه الانتخابات إن تمت.. فقد اعتدنا على تراجعات السيد عباس.
برأيك، لماذا تُصرّ السلطة على إبعاد فلسطينيي الخارج عن المشاركة في الانتخابات؟
لأنها تخاف من نتائج الانتخابات التي سيلعب فيها فلسطينيو الخارج دورا هاما وكبيرا جدا، خاصة أننا عشنا التجارب الديمقراطية المختلفة ونؤمن بها لأبعد مدى. وبكل أسف تعمل جهات فلسطينية، ومن خلال دائرة شؤون المغتربين، على تقليل أعداد الفلسطينيين في دول الاغتراب، وذلك حتى تقلل من أهمية ونسبة تمثيل الخارج للمشاركة في أخذ القرار الوطني الفلسطيني.