اقتصاد دولي

"الخزانة الأمريكية" تتحدث عن مخاطر وفرص العملات الرقمية

حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين من مخاطر الأسواق الرقمية بما في ذلك إساءة استخدام العملات المشفرة- جيتي

حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، من مخاطر الأسواق الرقمية، بما في ذلك إساءة استخدام العملات المشفرة، لكنها قالت إن التقنيات المالية الجديدة يمكن أن تساعد أيضا في مكافحة الجريمة والحد من عدم المساواة.

وفي اجتماع حول الابتكار في القطاع المالي، قالت يلين إن مثل هذه التقنيات يمكن استخدامها، ليس فقط لوقف تدفق أموال الجريمة المنظمة ومكافحة القراصنة، ولكن أيضا لتقليل الفجوات الرقمية في الولايات المتحدة.

وأوضحت، خلال الاجتماع، أن إقرار قانون مكافحة غسيل الأموال، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، سيسمح لوزارة الخزانة بإعادة صياغة إطار لمكافحة التمويل غير المشروع الذي لم يتغير إلى حد كبير منذ سبعينيات القرن الماضي.


وقالت الوزيرة لصناع السياسات والهيئات التنظيمية وخبراء القطاع الخاص: "نحن نعيش وسط انفجار في المخاطر المتعلقة بالاحتيال وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب وخصوصية البيانات".

ورأت أن الابتكار المسؤول والمنصف يمكن أن يحدث فرقا كبيرا، مضيفة: "يجب ألا يكون الابتكار مجرد درع للحماية من اللاعبين السيئين، يجب أن يكون أيضا سلما لمساعدة المزيد من الناس على الارتقاء إلى مستوى حياة أفضل". 

 

وفي السياق حظيت العملة المشفرة الأكبر في العالم "بتكوين" منذ بداية العام الجاري باهتمام واسع، بعد تحقيق طفرات سعرية تاريخية متتالية، لتقترب خلال تعاملات الأسبوع الماضي من مستوى 50 ألف دولار، بحسب موقع كوين ماركت كاب "Coin Market Cap" المتخصص في سوق العملات المشفرة. 

ولم تجذب العملات المشفرة اهتمام الأفراد الحالمين بالثراء السريع فقط، بل أصبحت محل اهتمام واسع من قبل العديد من كبار المستثمرين والشركات والمؤسسات الدولية، خاصة بعد إعلان شركة "تسلا" الأمريكية استثمار 1.5 مليار دولار تقريبا في العملة المشفرة الشهر الماضي.

وقالت الشركة المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية، الاثنين: "استثمرنا ما قيمته 1.5 مليار دولار في عملة بتكوين، وبموجب تلك السياسة سنزيد حيازتنا من الأصول الرقمية من وقت لآخر على المدى الطويل".


اقرأ أيضا : بعد طفرات بتكوين.. ما هي مخاطر العملات المشفرة؟ (شاهد)


وأضافت الشركة: "نتوقع قبول الدفع باستخدام بتكوين لمنتجاتنا في المدى القريب، مطبقين القوانين المخصصة، وسيكون الأمر على قاعدة محدودة في بداية الأمر".

وفي ظل تحول العملات المشفرة، إلى أحد الأدوات الاستثمارية الحديثة، خاصة في ظل حالة الضبابية وعدم اليقين التي تشهدها الأسواق الدولية بعد تفشي وباء كورونا، تثار العديد من التساؤلات حول مخاطر العملات المشفرة، وآثارها الاقتصادية المحتملة، وتداعياتها على العملات الوطنية.

 

وفي هذا الإطار، قدم الباحث الاقتصادي، ورئيس قسم الاقتصاد بصحيفة "عربي21" إبراهيم الطاهر، بحثا خلال المؤتمر الدولي الثالث للأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي (إيفي)، دعا فيه اﻟﺪول والمؤسسات المالية إلى ﺿﺮورة ﻣﻮاﻛﺒﺔ ظاهرة العملات المشفرة، ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻗﺘﺼﺎدﻫﺎ وتحقيق اﻻﺳﺘﻘﺮار المالي، وﻣﻨﻊ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺰﻻق في مخاطر العملات المشفرة غير القانونية.

وطالب الطاهر، البنوك المركزية التي تسعى حاليا لإصدار عملات رقمية لمواجهة مخاطر انتشار العملات المشفرة، بأن تحدد ﺑﺪﻗﺔ أوﻟﻮياتها وﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺎتها، ﻗﺒﻞ اتخاذ ﻗﺮار إصدار ﻋﻤﻠﺔ رﻗﻤﻴﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ.

وشدد على ﺿﺮورة قيام اﻟﺒﻨﻮك المركزية بتوفير ﻧﻈﺎم إلكتروني وطني ﻟﻠﻤﺪﻓﻮﻋﺎت ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ التعافي اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻣﻦ اﻷزﻣﺎت وﻳﺘﻴﺢ ﻟﻸﻓﺮاد اﻻﺣﺘﻔﺎظ باﻷﺻﻮل المالية ﺑﺸﻜﻞ آﻣﻦ وأﻛﺜﺮ ﻛﻔﺎءة.

وقال الطاهر، إن اﻟﻌﻤﻼت المشفرة ﻳﺰداد قبولها ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم، وﻗﺪ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺧﻼل الفترة المقبلة ﻗﺒﻮﻻ أوﺳﻊ في المعاملات المالية، ﻗﺪ ﻳﻜﺴﺮ ﻫﻴﻤﻨﺔ اﻟﻌﻤﻼت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، وﻳﻔﻘﺪ اﻟﺒﻨﻮك المركزية ﺳﻴﻄﺮتها ﻋﻠﻰ ﺣﺠﻢ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ، وﻳﺴﻠﺒﻬﺎ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ المحافظة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻨﻘﺪي، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻠﻮل ﻋﺎﺟﻠﺔ لمواجهة ﺗﻠﻚ المخاطر.

وأضاف أن ظهور أكثر من 4000 نوع من العملات المشفرة خلال فترة قياسية، يجعل منها ﻣﺼﺪر تهديد واسع ﻻﻗﺘﺼﺎدات اﻟﺪول وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ، ﺣﺎل أﺻﺒﺤﺖ هذه العملات اﻵﻟﻴﺔ الرئيسية ﻟﺘﺴﻮﻳﺔ المدفوعات، واﻟﺘﺒﺎدﻻت اﻟﺪوﻟﻴﺔ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺪ يترتب ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺮض اﻗﺘﺼﺎدات ﺗﻠﻚ اﻟﺪول لخسائر كبيرة إذا انهارت ﻗﻴﻤﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻼت.

 

وأشار الطاهر، إلى أن العملات المشفرة قد تشكل ﺿﻐﻄﺎ ﻛﺒيرا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻼت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، لافتا إلى أن تزايد الإقبال عليها ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻔﺠﻮة ﺑين اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮاﻗﻌﻲ وﺑين اﻻﻗﺘﺼﺎد المالي، ويفقد البنوك المركزية اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻨﻘﺪي، والحفاظ ﻋﻠﻰ ﺣﺠﻢ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ.