تزايدت خلال الأسابيع الماضية اتهامات متبادلة بين قطر والبحرين، تتعلق بعضها بالخلافات البحرية بين البلدين، وأخرى بالخروقات الجوية.
اللافت في تجدد الاتهامات العلنية بين الطرفين، هو تزامنها مع قرب الوصول إلى مصالحة خليجية مطلع العام المقبل في العاصمة السعودية الرياض.
اتهامات متبادلة
في الثالث عشر من كانون أول/ ديسمبر الجاري، أعلنت وزارة الداخلية القطرية، أن دوريات أمن السواحل والحدود أوقفت طرادا بحرينيا في منطقة "فشت الديبل" داخل حدود المياه القطرية.
وأوضحت الوزارة في بيان لها أنه "تبيّن لدوريات أمن السواحل والحدود وجود (3) بحارة على متن الطراد، يقومون بالصيد بواسطة (القراقير)، أحدهم بحريني الجنسية والاثنان الآخران ينتميان إلى جنسية إحدى الدول الآسيوية".
وتابعت: "تمت إحالتهم، بالإضافة إلى المضبوطات للنيابة المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية بحقهم.
على الفور جاء الرد البحريني حينها ببيان صادر عن وزارة الداخلية، حذر الدوحة من "الاستمرار في الممارسات الاستفزازية ضد الصيادين البحرينيين".
وجاء في البيان أن "تمادي قطر في مثل هذه الممارسات الاستفزازية، يتنافى تماما مع مبادئ مجلس التعاون الخليجي وعلاقات حسن الجوار والقوانين والأعراف الدولية، وتعكس عداء قطر واستهدافها مواطني مملكة البحرين في أرزاقهم".
وشدّدت الوزارة على أنها "تحتفظ بحقها في اتخاذ ما تراه مناسبا لحفظ حقوقها وحقوق مواطنيها، حيث تعد المياه الإقليمية مصدرا لأرزاق ممارسي مهنة الصيد من المواطنين على مدار السنين".
وفي وقت لاحق، شنّ مستشار ملك البحرين، ووزير الخارجية السابق خالد بن أحمد، هجوما عنيفا على قطر بسبب القضية ذاتها.
وغرّد بحسابه في "تويتر": "أزمة قطر في علاقاتها مع جيرانها لها أسباب وأوجه عديدة، وأسوأها هو استهدافها المستمر للبحارة والصيادين البحرينيين الذين يبحرون ضمن حدود البحرين، وذلك بإطلاق النار عليهم، وقتلهم أو خطفهم، ومصادرة قواربهم، وقطع أرزاقهم" على حد وصفه.
وأضاف: "اعتدنا من قطر المؤامرات المكشوفة والتزوير الصريح على مر العقود، إلا أنه ليس لدينا ما هو أهم من سلامة مواطنينا في أرواحهم وأرزاقهم"، مشيرا إلى أن المسألة تأخذ بـ"أقصى الجدية"، مطالبا الدوحة "بالكف عن هذه الاعتداءات المتكررة، التي تتحمل مسؤوليتها بالكامل"، على حد قوله.
وأواخر الشهر الماضي، أعلنت وزارة الداخلية القطرية أنها سمحت بمغادرة زورقين بحرينيين دخلا المياه الإقليمية لبلادها دون إخطار مسبق، بعد التنسيق مع المنامة.
فقد اعتدنا من قطر المؤامرات المكشوفة و التزوير الصريح على مر العقود ، الا انه ليس لدينا ما هو اهم من سلامة مواطنينا في ارواحهم و ارزاقهم . و هي مسألة نأخذها باقصى الجدية و على قطر ان تكف عن هذه الاعتداءات المتكررة التي تتحمل مسؤوليتها بالكامل (2)
— خالد بن أحمد (@khalidalkhalifa) December 17, 2020
تهدئة بحرينية
بعد بيان وزارة الداخلية، وتغريدات خالد بن أحمد الحادة تجاه قطر، دعت الحكومة البحرينية الأسبوع الماضي إلى الحوار بشكل مباشر مع قطر من أجل حل أزمة المياه والصيادين.
وأكّد مجلس الوزراء "أهمية إعادة الأوضاع المتعارف عليها لأجيال متعاقبة، بالسماح للبحارة البحرينيين بالصيد في المياه القطرية إلى الحدود القطرية - الإماراتية، وبالمقابل سماح مملكة البحرين للبحارة القطريين بالصيد في المياه البحرينية إلى الحدود البحرينية - السعودية".
ولفت إلى أنه "استنادا لموقف مجلس النواب الممثل لرغبة المواطنين، أشار مجلس الوزراء إلى أهمية التفاوض الثنائي المباشر مع دولة قطر للوصول إلى اتفاق بشأن استمرارية السماح للصيادين بالبلدين من ممارسة نشاطهم".
وبرغم ذلك، نوّه قائد خفر السواحل البحريني اللواء ركن علاء سيادي، إلى أن قطر ما زالت تحتجز 47 قارب صيد بحريني.
وأضاف في بيان له أنه "في إطار الاستهداف القطري المستمر للبحارة في أرزاقهم، احتجزت قطر خلال السنوات العشر الأخيرة 650 قاربا و2153 شخصا يحملون الهوية الرسمية البحرينية".
وأشارت الحكومة البحرينية إلى أنها فتحت أبواب التقدم بطلبات تعويض من مواطنيها البحارة، متهمة قطر بـ"قطع أرزاقهم".
خلاف تاريخي
يعود خلاف الحدود المائية بين قطر والبحرين، إلى أكثر من 80 عاما، أي قبل استقلال البلدين رسميا.
الخلافات التي وصلت ذروتها في ثمانينيات القرن الماضي، حول جزر فشت الديبل، وحوار، ومنطقة الزبارة، دفعت السعودية بقيادة الملك فهد بن عبد العزيز إلى التوسط بين البلدين في 1987.
ومع فشل الوساطة السعودية، رفعت قطر خلافها الحدودي إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 1991.
وبقيت المحكمة 10 سنوات كاملة إلى حين إصدار حكمها، إذ قضت في 2001، بأن فشت الديبل، والزبارة، وجزر جنان، وحداد جنان، قطرية.
فيما اعتبرت المحكمة أن جزر حوار، وجزيرة قطعة جرادة بحرينية.
وحينها اتفق ملك البحرين حمد بن عيسى (كان بمسمى أمير)، مع أمير قطر آنذاك حمد بن خليفة، على بدء صفحة جديدة والعمل سويا من أجل تعزيز أواصر التعاون لخدمة مصالح بلديهما.
حضور لليبيا والاستعمار البريطاني
بحسب بحث نشره "المعهد البريطاني للقانون الدولي"، فإن محكمة العدل الدولية عند مطالعتها لخلاف قطر والبحرين، وضعت أمامها أنموذج خلاف مشابه لليبيا ومالطا في العام 1984.
وأوضح المعهد في دراسة اطلعت عليها "عربي21" أن محكّمي العدل الدولية قالوا إن الحل الأمثل لخلاف قطر والبحري،ن هو بذات الطريقة التي ذهبت إليها المحكمة بالأزمة بين ليبيا ومالطا، وتكون عبر حساب المسافة من الساحل لكل طرف.
في حين ذكرت "الجمعية الأمريكية للقانون الدولي" في بحث لها عن الخلاف البحري بين البلدين، أن العدل الدولية اطلعت على وثائق تعود إلى عهد الاستعمار البريطاني في ثلاثينيات القرن الماضي، وأظهرت أن آل خليفة لم يبسطوا سيطرتهم على الزبارة، ومن ثم لا يملكون أحقية بضمها للبحرين الآن.
ولفتت الجمعية إلى أن المحكمة أخذت بعين الاعتبار ارتفاعات المد والجزر للمناطق المتنازع عليها، ورفضت طلبا بحرينيا بترسيم الحدود على أساس أن البحرين دولة أرخبيلية (مجموعة جزر)، مشيرة إلى أنه لو وافقت المحكمة على هذا الطلب، ستتمكن المنامة من ضم جزر أكثر عند احتساب المسافة من السواحل.
للاطلاع على بحث الجمعية الأمريكية للقانون الدولي (هنا)
للاطلاع على بحث المعهد البريطاني للقانون الدولي (هنا)