رحب حقوقيون سوريون بإعلان وزير
الخارجية الهولندي، ستيف بلوك، التوصل إلى طريقة لمحاسبة النظام السوري على جرائمه
في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وكان بلوك أكد، في تصريحات إعلامية، أن بلاده وجدت أخيرا وسيلة تستطيع من خلالها إحالة بشار
الأسد وأبرز رموز وأركان
حكمه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، بعد سنوات من إغلاق طريق المحكمة عبر
الفيتو الروسي.
وأوضح أن طريقة محاسبة نظام الأسد في
محكمة لاهاي تستند إلى اتفاقية مناهضة
التعذيب، التي وقع عليها النظام السوري في
العام 2004.
وحسب موقع الإذاعة الألمانية، تقوم
هولندا إلى جانب دول أخرى بجمع شهادات من الشهود التي تدين رموز وأركان نظام
الأسد بارتكاب جرائم تعذيب، وأنها باتت واثقة من أنها تستطيع بهذه المستندات
إحالتهم إلى المحكمة الدولية في لاهاي.
وأعرب عضو "المركز السوري
للدراسات والأبحاث القانونية"، المحامي والناشط في قضايا حقوق الإنسان، ميشال
شماس، عن أمله في أن تتم محاكمة النظام على جرائمه، مستدركا بأن إعلان وزير الخارجية الهولندي ينطوي على مبالغة.
وأوضح لـ"عربي21" أن محكمة
العدل الدولية في لاهاي لا تستطيع محاكمة أشخاص، بل تحاكم دولا، وهي تختص بالفصل في النزاعات بين البلدان.
وحسب شماس، فإن التحرك الهولندي لن
يوقف التعذيب في
سوريا، فحتى تصل الشكوى إلى محكمة العدل الدولية، وتصبح قضية، قد
يحتاج الأمر إلى ما يقارب خمس سنوات، فضلا عن ذلك لن تستطيع المحكمة اتخاذ
إجراءات، كالكشف على أماكن الاعتقال والتوقيف في سوريا، على اعتبار أن سوريا قد
تحفظت على المادة 20 من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تتيح إمكانية القيام بجولات
تفتيشية مفاجئة لمراكز الاحتجاز وللسجون.
من جانبه، رحّب المحامي السوري عبد
الناصر اليوسف بالخطوة الهولندية، وقال لـ"عربي21": "الهدف من هذا
التحرك هو الضغط إعلاميا، أكثر من كونه تحركا قضائيا، وذلك لأنه ليس لمحكمة العدل
أي صفة إلزامية".
ومع ذلك، اعتبر اليوسف التحرك الهولندي
لا يخلو من مؤشرات إيجابية، إذ يكفي أن من شأن هذه الدعوة وغيرها أنها تقطع الطريق
على محاولات روسيا إعادة تعويم النظام السوري من جديد.
وقال إن "هولندا ستقوم بالتحرك،
بسبب مخالفة النظام لاتفاقية "مناهضة التعذيب"، وقد يلفت هذا التحرك
النظر إلى مأساة المعتقلين في سوريا".
شمعة لنتذكر
في السياق ذاته، تواصل منظمات سورية
تنفيذ حملتها الإلكترونية بعنوان "شمعة لنتذكر"، تضامنا مع المعتقلين
السوريين، في سجون ومعتقلات النظام السوري.
وقال مدير "الشبكة السورية لحقوق
الإنسان"، فضل عبد الغني، في حديث لـ"عربي21"، إن الهدف من الحملة هو لفت نظر العالم العربي والدولي إلى مأساة المعتقلين، بصبغة عاطفية وإنسانية،
بعيدة عن التقارير والتوثيق.
وأوضح أن الهدف الأوسع للحملة هو
التأكيد من السوريين الناجين من المعتقلات، أن مأساة ما يزيد على 130 ألف معتقل
بسجون النظام السوري حاضرة في تفكيرهم، وليست في طي النسيان.
بدوره، قال رئيس "الهيئة السورية
لفك الأسرى والمعتقلين"، الحقوقي فهد الموسى، إن الحملة تأتي في إطار حملات
المناصرة التي تسلط الضوء على قضية المعتقلين في سوريا، كقضية إنسانية لم يشهد
العالم مثيلا لها في العصر الحديث.
وأضاف لـ"عربي21" أن
"المطلوب من مئات المنظمات الحقوقية السورية والدولية، وآلاف النشطاء
الحقوقيين، القيام بحملات مناصرة حقوقية وإعلامية دولية، بتوجيه رسالة جماعية وبجهود منسقة وموحدة إلى الدول الفاعلة بالقضية السورية، ووزارات خارجية الدول، ومجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، والمواقع الإعلامية الأجنبية العالمية، للضغط على مجلس حقوق الإنسان لإيجاد آليات حقوقية جدية وحقيقية، لبيان مصير عشرات
آلاف المعتقلين المغيبين في سجون نظام الأسد.
ومن المقرر أن تستمر الحملة لأسابيع،
حيث تتطلع إدارة الحملة إلى مشاركة أكبر قدر ممكن من السوريين فيها، وذلك لإيصال
صوت المعتقلين إلى الهيئات الدولية.
وحسب "الشبكة السورية لحقوق
الإنسان"، فإن عدد المعتقلين في سجون النظام يقارب 130 ألف معتقل، 85 في المئة منهم قيد الإخفاء القسري.