سلط مركز بحثي
إسرائيلي، الضوء على كواليس وخفايا اتفاقيات التطبيع التي وقعت مؤخرا في البيت
الأبيض بين كل من الإمارات والبحرين مع الاحتلال الإسرائيلي، وأهداف الإدارة
الأمريكية من تلك الاتفاقيات.
خارج التطبيع
وأوضح "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده كل من اودي ديكل ونوعا شوسترمان، أن "عنوان الاتفاق بين إسرائيل والإمارات "معاهدة سلام، علاقات دبلوماسية وتطبيع كامل"، يشهد على تطلع المشاركين فيه، لرؤيته كخطوة تاريخية تتجاوز السياق الحالي".
ونوه أن الاتفاق
"عرض كاتفاق سلام، رغم أنه لم تكن حروب بين إسرائيل والإمارات والبحرين،
فالرؤيا؛ هي لتطبيع كامل، بخلاف العلاقات بين إسرائيل والأردن ومصر، ويتضمن
الاتفاق التعاون في مجالات مدنية متنوعة، تسمح بعلاقات دافئة بين الجانبين، وإلى
جانب ذلك التغلب على الأزمات السياسية التي قد تنشأ، خاصة في إدارة النزاع
الفلسطيني – الإسرائيلي".
وأكد أن "الاتفاق
لم يتضمن المسائل موضع الخلاف؛ حل الدولتين؛ تعليق الضم؛ اتفاقات بين أبوظبي
وواشنطن لتوريد أسلحة هجومية متطورة"، مضيفا: "يحتمل أن تلقى هذه
المواضيع جوابا في رسائل جانبية سرية، كما هو دارج في الاتفاقات السياسية، لتجاوز
الحساسيات".
ونبه المركز، في تقديره
الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان: "نظرة
عليا"، أنه "لا يوجد في الاتفاق تناول محدد للتحدي الذي تشكله إيران،
لكن هذا الموضوع تطرق له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، "عراب الاتفاق"،
حين وعد بأن يحقق "صفقة جيدة" مع إيران في الموضوع النووي، في حال انتخب
لولاية أخرى".
أهداف ترامب
وقدر أن "رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يشكك بقدرة التوصل لاتفاق مع إيران يقيد
قدراتها وتطلعاتها، كان راضيا أقل عن إعلان ترامب"، منوها أن "لإدارة
ترامب، فضلا عن المصلحة في إنجاز سياسي بارز قبيل الانتخابات الرئاسية، مصلحة في غرس
مفهوم استراتيجي لإعادة تنظيم ميزان القوى في الشرق الأوسط".
وبين المركز البحثي، أن
"أمريكا تسعى لتشكيل ائتلاف إقليمي للدول العربية المقربة من واشطن، غايته صد
تطلعات طهران ومنع تثبيت نفوذ الصين وروسيا في المنطقة، وعرض مخطط جديد لحل النزاع
الإسرائيلي – الفلسطيني، يستهدف الدفع للأمام بالائتلاف في ظل تحرير الدول العربية
من التزاماتها التقليدية بالقضية الفلسطينية عديمة الجدوى، وحرمان الفلسطينيين من
قوة الفيتو على تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
وأشار إلى أنه من أجل
تحقيق وعد ترامب بتطبيع المزيد من الدول العربية مع تل أبيب، ينبغي تحقيق عدة
شروط؛ مصالح مشتركة مع إسرائيل؛ التقدم في حل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني،
مكاسب اقتصادية وعسكرية من التطبيع، منوها أنه "بحسب هذه الشروط، من الصعب
الإشارة للدولة التالية في الطابور".
وذكر أن مسقط التي
لديها "علاقات قريبة غير رسمية مع تل أبيب، ستفضل في هذه المرحلة، تأجيل
القرار وحفظ مكانتها كوسيط بين واشنطن ودول الخليج وطهران، كما أن المغرب، يتوقع
أن تؤجل قرارها، كي لا تعرض للخطر مكانتها كرئيسة لجنة القدس في منظمة الدول
الإسلامية".
وأضاف: "سيؤثر
نجاح الاتفاقيات على قرار دول أخرى الانضمام للتطبيع، وستفحص المردودات التي ستحصل
عليها الإمارات والبحرين، ومع ذلك، توجد احتمالية عالية في أن تتخذ خطوات تطبيع
حتى بدون إقامة علاقات رسمية، مثل فتح المجال الجوي السعودي أمام الرحلات الجوية
الإسرائيلية".
ورجحت الدراسة، أن يقوم
جو بايدن، المرشح الديمقراطي للرئاسة، في حال فوزه بـ"استغلال اتفاقيات
التطبيع للجم خطوات إسرائيل في الساحة الفلسطينية".
الإمارات تلح
ونبهت الدراسة، أنه
"في ضوء اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، فإن للإمارات والبحرين مصلحة في
تحقيق إنجازات استراتيجية مع إدارة ترامب، بخاصة عقود توريد السلاح المتطور
والاتفاقات الاقتصادية التي قد لا تكون بالضرورة قابلة للتحقق إذا كانت الإدارة
القادمة ديمقراطية".
وأفادت أن البحرين
والإمارات، "قلقتان جدا من تعزز قوة محورين منافسين لهما في المنطقة؛ المحور
الإيراني والمحور التركي-القطري؛ الذي يعمل على تثبيت نفوذه من الخليج العربي إلى
شمال العراق عبر شمال سوريا، الحوض الشرقي للبحر المتوسط وصولا إلى ليبيا"،
مضيفة: "أمام هذين المحورين، وفي ضوء تضاؤل التواجد العسكري الأمريكي في
المنطقة، تتطلع أبوظبي لإقامة محور توازن من دول سُنية، وتسعى لضم إسرائيل".
وزعمت الدراسة البحثية،
أن "تعزيز العلاقة مع إسرائيل، يوسع مدى الفرص والنفوذ للإمارات، التي تعتقد
قيادتها، بأن عليها تثبيت مكانتها الإقليمية، بما في ذلك؛ استخدام الجيش بعيدا عن
الوطن وتشكيل وسيط في النزاعات الإقليمية، كما أن التطبيع مع تل أبيب يتيح لها
موطئ قدم في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وفرصة لإبعاد قطر عن قطاع غزة وتركيا عن
الحرم، وتجاوز السعودية، التي ضعفت مكانها الإقليمية والدولية مؤخرا".
الأردن يتحفظ
وبين المركز، أن ما يسمى "اتفاق إبراهام"، يطرح "معضلة على المملكة الهاشمية؛ فمن جهة، يفترض بالأردن أن يؤيد انضمام دول عربية أخرى لدائرة التطبيع مع إسرائيل، ولكن بالمقابل، تعاظم في الأردن الخوف من أن التطبيع بين إسرائيل ودول عربية أخرى، دون اشتراطه بمسيرة سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، يعرقل التقدم لتحقيق رؤيا الدولتين ويعزز النظرة الإسرائيلية إلى الأردن نفسه كدولة فلسطينية".
وتابع: "الأردن
يخشى زعزعة استقراره الداخلي، وهو يعتبر نفسه كوسيط متصدر بين إسرائيل
والفلسطينيين، ولكنه نحّي جانبا عندما نالت الإمارات والبحرين الحظوة على تأجيل نية
الضم، بينما مبادئ المبادرة العربية اختفت عن الاتفاقات الجديدة".
ولفت إلى أن إدارة
ترامب، شددت على أن اتفاقيات التطبيع بين تل أبيب ودول الخليج، ستفتح الباب أمام
المسلمين للصلاة في المسجد الأقصى، وهذا "يمس ظاهرا بمكانة الأردن كحارس
الأماكن المقدسة في القدس، ومع ذلك، يتعلق الأردن بالمساعدات التي يتلقاها من دول
الخليج، لذا يمتنع عن المعارضة القاطعة للتطبيع".
هوامش الطريق
وأما فيما يتعلق
بالجانب الفلسطيني، أكد المركز أنه "الأكثر تضررا من الميل للتطبيع، وقيادة
السلطة لم تنجح في أن تقر في الجامعة العربية بيان شجب لـ"اتفاق
إبراهام"، أو حتى إيقاظ الجمهور الفلسطيني لاحتجاج شعبي"، لافتا إلى أن
"التطور بين إسرائيل ودول الخليج، يشدد من الأزمة الاستراتيجية التي تعيشها
السلطة الفلسطينية؛ الضعيفة والمهانة، كما جاءت القضية كدليل على فشل الطريق
السياسي لرئيس السلطة محمود عباس".
ورأى أن "حماس ترى في الأحداث فرصة لتعزيز مكانتها السياسية والانخراط في قيادة منظمة التحرير،
في ظل التشديد على أهمية المقاومة كوسيلة لتحقيق التطلعات الفلسطينية"، معتبرة
أن زيارة زعيم حماس إسماعيل هنية إلى مخيمات اللاجئين في لبنان، هي "تحدٍ
لسيطرة فتح والسلطة؛ التي تمر بأزمة حادة في العلاقات مع الإمارات بسبب قرب محمد
دحلان من قيادة أبوظبي".
وتوقع أن تعمل الإمارات على "تجاوز السلطة، بالتوجه المباشر للجمهور الفلسطيني"، منوها أنه "في ضوء الضعف الفلسطيني الحالي، على إسرائيل أن تحذر الشماتة، لأن الأزمة الفلسطينية من شأنها أن تشجع على رص الصفوف بين السلطة وحماس، وهز الاستقرار".
وفي نهاية الدراسة، خلص
المركز البحثي الإسرائيلي، إلى أن "اتفاق إبراهام"، هو "إنجاز
سياسي هام لإسرائيل، وخاصة لنتنياهو، عبر إزالة تعبير حل الدولتين عن خطاب
الاتفاقيات".
ونبه إلى أن "على إسرائيل أن تعي بأن المشكلة الفلسطينية ستبقى على عاتق إسرائيل وحدها؛ خيرا أو
شرا، وبالتالي على تل أبيب أن تمتنع عن إضعاف السلطة الفلسطينية وإبراز
فشلها"، موصيا بأن تعمل على "توفير مردودات اقتصادية تنموية للسلطة تنبع
من اتفاق التطبيع".
ونوه أنه "مطلوب من إسرائيل دراسة الآثار
التي قد تنشأ عن الاتفاق، وهل ستتقلص حرية عملها في الساحة الفلسطينية؟ وهل ستؤدي
حملة عسكرية في القطاع لتجميد التطبيع؟ وما هي سبل العمل التي ستكون تحت تصرف
إسرائيل ردا على قرار إيراني بمهاجمة الدول التي وقعت معها على اتفاقيات تطبيع،
بما يمس بالأهداف الإسرائيلية؟".
خطاب مثير من محافظ سقطرى لـ"هادي".. ومحللون يعلقون
ما السيناريوهات المتوقعة لزيارة وفود تطبيعية للأقصى؟
الأناضول: أبو ظبي تعاقدت مع مؤسسات إسرائيلية تدعم الاستيطان