شهدت الفترة الأخيرة دعوات مصرية للنزول إلى الشارع والتظاهر
ضد نظام عبد الفتاح السيسي في العشرين من أيلول/ سبتمبر الحالي، ومن بين تلك
الدعوات كانت دعوة الفنان والمقاول محمد علي.
في المقابل، هناك من يرفض هذه الدعوات؛ خوفا من البطش الأمني
والقبض العشوائي على المواطنين، كما حدث العام الماضي، دون تحقيق أي مكسب على الأرض.
وأكد عدد من السياسيين ترحيبهم بهذه الدعوات، معتبرين ذلك
"مؤشرا جيدا"، خاصة في ظل حالة الغضب الشديد الذي يجتاح الشارع المصري؛ جراء
إجراءات السلطة الأخيرة بشأن هدم وإزالة المباني وتشريد مئات الأسر، فضلا عن الغرامات
الكبيرة المفروضة على المواطنين .
لكنهم أكدوا في المقابل في تصريحاتهم لـ"عربي٢١"
على أن أي حراك لا بد أن يكون "منظما ومخططا له بشكل جيد"، بحيث يؤدي إلى
نتيجة حقيقة على الأرض من ناحية، ويتجنب الخسائر الكبيرة من ناحية أخرى، سواء في الأرواح، أو بحبس المئات كما جرى العام الماضي، لافتين إلى حالة الغليان بالشارع، ما يعني أن
البلاد "حبلى بالثورة".
"حراك منظم ومحسوب"
وفي هذا السياق، قال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، د.جمال
حشمت، إن الحراك أمام نظام انقلابي استهان بحياة الإنسان المصري منذ أول دقيقة، يجب
أن يكون منظما للاستفادة من مخرجاته، خاصة أن المصريين يشعرون بأن حياتهم واستقرارهم وكرامتهم صارت على المحك مع نظام افتقد
العقل والمنطق والأخلاق بل والإنسانية في تعامله معهم" .
وأضاف حشمت في حديثه لـ"عربي٢١": أما ما يخص
موقف الإخوان المسلمين الرسمي من دعوات النزول، فهو متروك للإدارة ومؤسساتها، لو تم
العرض عليها في هذه الظروف الصعبة التي تمر بالجماعة، وهذا القرار له عدة جوانب، سواء
جدية الدعوات، وتفعيلها، وتوافق قوى المعارضة على حراك منظم ومحسوب له كل خطواته، وإمكانية
تفعيل ذلك على الأرض، وتجاوب قوى المعارضة بالداخل، كل هذا سيكون في الحسبان
عند اتخاذ قرار المشاركة، خاصة أن الجماعة تمر بأزمة لا تحتمل أي قرار بالمغامرة في أي اتجاه".
"لا للدعوات السنوية الكرنفالية"
أما عضو المجلس الثوري ورئيس حزب البديل تحت التأسيس أحمد
عبد الجواد، فيرى أن هناك فارقا كبيرا بين العمل المستمر والمتراكم لتقوية الشارع في
مقاومته للنظام الحاكم، وبين الاحتفالات السنوية الكرنفالية بالدعوة للتظاهر"، مشيرا إلى أن هذه الدعوات دون استعداد تنظيمي من الجماهير تؤدي إلى حجم كبير من الاعتقالات، وإلى إحباط للجماهير، ولذلك لم تعد دعوات التظاهر السنوية تثير إلا الشك في دوافعها
وأسبابها".
وأضاف عبد الجواد في حديثه لـ"عربي21": "إننا
سواء كأعضاء بالمجلس الثوري المصري، أو بحزب البديل، نعمل على دفع الشارع للثورة وليس
التظاهر، لأن التظاهر أحد المظاهر النهائية للعمل الثوري، وهناك الكثير من الإجراءات
التي يجب فعلها أولا لبناء قوة للجماهير تستطيع مواجهة النظام العسكري وتقليل الخسائر،
والبناء المنظم في كل مكان في مصر هو الخطوة الأولى في طريق الثورة، أما استمرار الدعوات
الكرنفالية السنوية للتظاهر فقد أصبحت عمليا تفيد النظام وتقلل من التراكم"، لافتا
إلى أن "الغضب في الشارع في أعلى مراحله، ولكن لكي ننتج ثورة فنحن نحتاج لإدارة
هذا الغضب في المسار الصحيح".
"التعلم من أخطاء الماضي"
من جانبه، قال أحد قيادات حزب الاستقلال الذي رمز لنفسه
بـ"أ.ع،ن" إن "دعوات التظاهر ضد هذا النظام القمعي تعد شيئا جيدا،
خاصة في ظل غضب عام يجتاح الشارع المصري، بل وقد تم ترجمة هذا الغضب إلى واقع، عندما
تصدى الأهالي لقوات الأمن ومحاولات هدم وإزالة بعض المباني، وهذا يؤكد أن هذا الشعب
لم يستكن بعد، وأنه قادر على التصدي لهذا النظام".
وأضاف لـ"عربي21": "لكن يجب وضع عدة نقاط
في الحسبان لنجاح مثل هذه الدعوات، منها التوافق بين أطياف المعارضة في الداخل والخارج، وأن يكون هناك خطة محكمة ومنظمة للحراك، وأن تعود روح يناير وباقي مناسبات الحراك
السابقة، ولا تكون المشاركات فردية أو عشوائية، وعلينا أن نستفيد من أخطائنا، خاصة ما
جرى العام الماضي، عندما تحمس البعض ودفع الثمن وتراجع الآخرون، ما جرأ النظام على
من شارك، واستفرد بهم، وشن حملة اعتقالات كبيرة كان ضحيتها أعدادا كبيرة من المصريين، وفي القلب منهم حزب الاستقلال والعدد الكبير من قياداته".
"مصر حبلى بالثورة"
وفي تعليقه، أكد
الكاتب والمحلل السياسي خالد الشريف أنه "لا عجب أن تتصدر المشهد السياسي دعوات
بالتظاهرات للمطالبة برحيل السيسي، خاصة دعوات
التظاهر يوم 20 أيلول/ سبتمبر الجاري، التي أطلقها الفنان محمد علي"، مشيرا إلى
أنه رغم عدم ثقته بالدعوة في تحقيق مرادها، لكنه قال: "أثق تمام الثقة بأن مصر
حبلى بثورة يمكن أن تنفجر في أي لحظة؛ فبراكين الغضب تنتشر في ربوع مصر في ظل تصاعد
طغيان وانتهاكات السيسي".
وحول ردود فعل الأحزاب التي جاءت متأخرة، قال الشريف
في حديثه لـ"عربي٢١": "للأسف هذا يعود لموت السياسة في مصر، بعد العصف
بإرادة الجماهير، ومطاردة السياسيين، وإغلاق المجال العام، فالأحزاب السياسية الوطنية
إما مطاردة، أو رهن السجن، أو تم تجميدها بقرارات تعسفية، فالجميع في سجن كبير، وهو ما
يزيد من الرهان على استعادة الإرادة الشعبية لقوتها وغضبتها في مواجهة سلطة تفتك بالجميع، وتعصف وتهدم وتدمر مصر من أدناها إلى أقصاها.
وتوقع الشريف أن "تكون الغضبة الشعبية عارمة، لكن
ليس بالضرورة في 20 أيلول/ سبتمبر".
اقرأ أيضا: مصر.. هل تنجح الدعوات "الإلكترونية" للتظاهر ضد السيسي؟
حملة إعلامية مضادة لدعوات التظاهر ضد نظام السيسي
أحداث ما قبل "ثورة يناير" بمصر حاضرة في 2020.. ما دلالاتها؟
قطار يربط البحر الأحمر بالمتوسط.. ما جدوى آخر مشروعات السيسي؟