نشرت صحيفة "لوموند"
الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن تخفيف عقوبة الإعدام التي صدرت في كانون الأول/
ديسمبر 2019 بحقّ أعضاء المجموعة التي اغتالت الصحفي السعودي في إسطنبول سنة 2018
إلى عشرين سنة في السجن.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته
"عربي21"، إنه كان من المتوقع اتخاذ هذا القرار الذي سيخول للمسؤولين عن
تنفيذ عملية اغتيال جمال خاشقجي، الصحفي المعارض لولي العهد محمد بن سلمان،
الإفلات من عقوبة الإعدام. فقد خففت محكمة سعودية الحكم، الذي صدر خلال شهر كانون
الأول/ ديسمبر 2019، إلى السجن 20 سنة.
وذكرت الصحيفة أن هذا الحكم يعد الخطوة
الأخيرة في الإجراءات القانونية المتخذة في المملكة ردا على الفضيحة العالمية
المتعلقة بجريمة اغتيال الصحفي، التي جدت خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018 في
إسطنبول. وقد كانت الخطوة متوقعة، لاسيما بعد العفو الذي منحه أبناء جمال خاشقجي
لقتلة والدهم في أيار/ مايو.
في ذلك الوقت، اعتبرت الصحافة الموالية
للحكومة أن هذه المبادرة التي أُعلن عنها خلال شهر رمضان المبارك تعد من
الأعمال الخيرة. بينما شكك الكثير من المراقبين في طبيعتها العفوية، مشيرين إلى
الفيلات التي تم تقديمها من قبل السلطات السعودية لأولاد خاشقجي، والتي تبلغ
قيمتها ملايين الدولارات. في هذا الصدد، كشفت صحيفة واشنطن بوست اليومية الأمريكية
التي كان جمال خاشقجي يعمل فيه كاتب عمود، عن هذه "الهدايا".
والجدير بالذكر أن خاشقجي قُتل في
قنصلية المملكة في إسطنبول، التي قصدها للحصول على أوراق للزواج من جديد، على يد
حفنة من رجال الكوماندوس، الذين قدموا سرا من الرياض ومزقوا جثته إلى أشلاء.
"عمل آخر ينم عن محاكاة ساخرة
للعدالة"
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقاً لوكالات
الاستخبارات الغربية، بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، فإنه لا
يمكن تنفيذ مثل هذه الجريمة دون موافقة أو علم "محمد بن سلمان" الذي
يتمتع بالسلطة العليا في جهاز الأمن السعودي. لكن نجل الملك سلمان، الذي نفى علمه
بالعملية، برأه القضاء في بلاده من المسؤولية بعد التأكيد على أن العملية نفذت من قبل
عناصر غير منضبطة.
كما قام النظام القضائي السعودي بتبرئة
الشخصين المقربين من ولي عهد اللذين يشتبه في أنهما دبّرا العملية وأشرفا عليها.
كما لم يقع محاكمة المستشار الإعلامي "لمحمد بن سلمان"، سعود القحطاني،
المسؤول عن مراقبة المعارضين، ناهيك عن تبرئة اللواء أحمد العسيري، في كانون
الأول/ ديسمبر 2019.
ونوهت الصحيفة بأنه تم تأكيد الأحكام
الصادرة بحق الأعضاء الثلاثة الآخرين في كوماندوس، الذين أدينوا في ذلك الوقت
بمحاولة التستر على جريمة القتل، في الحكم الثاني الصادر في السابع من شهر أيلول/
سبتمبر، حيث حُكم على أحدهم بعشر سنوات سجنا، بينما نال الاثنان الآخران سبع سنوات.
اقرأ أيضا: WSJ: عفو أبناء خاشقجي عن قتلة والدهم جاء بالإكراه
بينما رحبت المقررة الخاصة للأمم
المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أنييس كالامار، بعدم تطبيق
عقوبة الإعدام في هذه القضية، نددت بها ووصفتها "بأنها مهزلة جديدة
للعدالة". وكتبت خبيرة الأمم المتحدة على تويتر: "هذه الأحكام ليست لها
شرعية قانونية أو أخلاقية بعد محاكمة لم تكن عادلة ولا نزيهة ولا شفافة". وخلال تقرير لاذع نُشر في حزيران/ يونيو 2019، دعت إلى إجراء تحقيق دولي وفرض
عقوبات على محمد بن سلمان "حتى يتم تقديم أدلة على عدم تورطه في
العملية".
وأوضحت الصحيفة أن السلطات التركية،
التي كشفت عن محتوى تسجيلات دارت داخل قنصلية إسطنبول، بدأت مقاضاة عشرة أشخاص
غيابيا في أوائل تموز/ يوليو، ومن بينهم سعود القحطاني وأحمد العسيري.
وتأمل خطيبة جمال خاشقجي التركية، خديجة
جنكيز، التي كان من المقرر أن يتزوجها بعد وقت قصير من زيارته للقنصلية، أن تلقي
المحاكمة الضوء على عدة نقاط مسكوت عنها، بما في ذلك ما حدث لرفات الصحفي السابق.
في الختام، نوهت الصحيفة بأنه على
الرغم من جهود الرياض لإغلاق القضية التي شوهت صورتها على الساحة العالمية، إلا أنها ظلت نقطة سوداء في سجل ابن سلمان
السياسي. ففي السنتين التي تلت اغتيال خاشقجي، تجنب ولي العهد السعودي زيارة
الولايات المتحدة وأوروبا.