نشرت صحيفة "ّالموندو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن تأييد سكان مالي للمتمردين الذين قادوا الانقلاب العسكري، بينما استنكرت المنظمات الدولية ذلك وطالبت بإعادة الرئيس كيتا إلى منصبه.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مالي تعد من بين أفقر البلدان وأكثرها تخلفًا في العالم، ولم تكن أبدًا دولة قوية ومنظمة منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1959.
كما أن جغرافيتها وتكوينها العرقي لا يساعدانها على مواكبة التطور العالمي، خاصة مع تمرد الطوارق، الذي بدأ سنة 2012 في شمال البلاد، والذي يبدو تمردا مستمرا يهدد أمن المنطقة بالكامل.
يوم الثلاثاء المنقضي، انتفضت مجموعة من الجنود في إحدى ثكنات مدينة كاتي ضد الحكومة، واختطفت الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا ووزيره الأول بوبو سيسي، اللذين أُجبرا على إعلان استقالتيهما بعد عملية الاختطاف بوقت قصير.
في الأثناء، أكد المتحدث العسكري العقيد إسماعيل واكي أن السلطة ستكون بيد "الشعب" وستجرى انتخابات ديمقراطية "خلال فترة زمنية معقولة".
وذكرت الصحيفة أن القوات الإسبانية المتمركزة في باماكو وكيليكورو لا يتجاوز عددها 200 جندي، ولا تزال إلى الآن في حالة تأهب، وتواصل تدريب الجيش المالي.
ولكن لن تشارك القوات الإسبانية في هذه الاضطرابات رغم تصاعد التوتر في مختلف أنحاء البلاد، ناهيك عن أن وزيرة الدفاع مارغريتا روبلز في تواصل مع القوات في حالة الحاجة إلى اتخاذ التدابير اللازمة في حالة الطوارئ.
مع استمرار أحداث الانقلاب، لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي ستحدد نجاحه أو فشله. ومن بينها: هل يؤيد الجيش المالي بأكمله هذا الانقلاب؟ هل أن أغلبية الشعب مع الانقلاب العسكري؟ وكيف ينوي هؤلاء الجنود تسيير الانتقال الديمقراطي؟
أوردت الصحيفة أنه في غضون ساعات قليلة، سيطر المنقلبون على الوزارات والحدود ومستودعات الأسلحة والقصور الرئاسية ومقر التلفزة الوطنية لمالي.
وهكذا حرصوا على فرض الرقابة على وسائل الإطاحة به وإطلاق رسائلهم الخاصة، دون سفك الدماء.
وقالت الصحيفة إن ردود الفعل الدولية كانت فورية ولم يكن هناك أي تأييد لهذا الانقلاب. كما أدان الاتحاد الأفريقي "التغيير غير الدستوري" للحكومة وطالب بـ "الإفراج الفوري" عن الرئيس كيتا.
إلى جانب ذلك، استنكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الانقلاب العسكري، بينما وضعت الولايات المتحدة وفرنسا وقوى غربية أخرى سفاراتها في حالة تأهب وأعربت عن رفضها لحادثة الانقلاب.
اقرأ أيضا : معارضة مالي ترحب بـ"الانقلاب".. ومجلس الأمن يطالب بإنهائه
من جانبه، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "دعمه الكامل" لجهود الوساطة الجارية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي أصدرت بيانا في وقت متأخر من يوم الإثنين علقت فيه مشاركة مالي في كافة أعمالها.
وطالبت هيئات صنع القرار أعضاءها بتبني عقوبات ضد مدبري الانقلاب وطالبت بـ "تفعيل قوة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا".
وتساءلت الصحيفة عما يحدث في مالي الآن، الذي يعيد إلى الأذهان تفاصيل سقوط معمر القذافي في ليبيا في تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2011 الذي خلف فراغا في السلطة.
وقد تسبب موت القذافي فيما بعد في فسح المجال أمام المتمردين الذين باعوا ترسانتهم الضخمة من الأسلحة إلى الميليشيات في جميع أنحاء القارة الأفريقية، بما في ذلك الطوارق في مالي، الذين أطلقوا بعد فترة وجيزة ثورة انفصالية في شمال البلاد لإنشاء جمهورية أزواد.
لقد مثلت هذه الانتفاضة فرصة للجماعات المسلحة التي كانت تتجول بحرية في الصحراء، على غرار تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو أنصار الدين، للسيطرة على عدة مدن وقد هددت باجتياح باماكو.
وقد فشلت مساعيها بعد تدخل فرنسا التي قادت عملية عسكرية شلت حركة هذه الجماعات في موبتي، وحدثت اشتباكات معها بعد فترة وجيزة في الشمال. وفي تلك الأثناء، غرقت المنطقة بالكامل في حالة من عدم الاستقرار.
وذكرت الصحيفة أن الانقلاب العسكري لسنة 2012 أطاح بالرئيس أمادو توماني توري في سيناريو مماثل تماما للانقلاب الحالي.
ومنذ ذلك الوقت، انتشر الفساد على كافة المستويات، وتتالت الأزمات الاقتصادية، وتوغل الجهاديون داخل المجتمع المالي. وازدادت الحالة سوءا مع تفشي جائحة فيروس كورونا في البلاد.