تصدرت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرسائل التي حملتها، على إثر انفجار مرفأ بيروت المروّع، عناوين الصحف اللبنانية صباح الجمعة، إذ رجّحت قراءات وجود "نوايا غير بريئة" وراء تضخيمها، فيما وصفت أخرى سيد "الإليزيه" بـ"المنقذ"، بينما قرأت صحف إشارات إلى اقتراب تراجع "الحصار" المفروض على البلاد، معددة الشروط المحتملة.
وعنون موقع صحيفة "الأخبار" ملفا بهذا الخصوص بتصريح لماكرون في أثناء الزيارة، قال فيه إن الحل لوضع لبنان يكمن بحكومة وحدة وطنية، لكنها رأت في التفاصيل أن "الانقلاب الذي كانت تسعى إليه بعض قوى 14 آذار بعد صدور حكم المحكمة الدولية في 7 آب، بدأت تنفيذه في 6 آب، سعيا للاستفادة من هول المأساة التي نتجت عن تفجير مرفأ بيروت".
وأضافت الصحيفة: "يوم واحد ترك للملمة جراح ما بعد الانفجار الكارثي، قبل أن تنطلق القافلة. وليد جنبلاط (زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي) أعلن إشارة الانطلاق، مكررا مشهد العام 2005".
وتابعت: "كانت تلك القوى تمني النفس بأن يتولى إيمانويل ماكرون المهمة الخارجية، أسوة بما فعله سلفه جاك شيراك عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري".
اقرأ أيضا: عون يطالب ماكرون بصور المرفأ.. ومواقف مثيرة بزيارته (شاهد)
لكن "الأخبار" اعتبرت أن الفارق يكمن في أن حدود التوغل الخارجي يالأزمة الداخلية لم تتضح معالمه بعد، "فيما بدت الجبهة الداخلية مستجدية لكفيل خارجي، حتى ولو من خلال تحميل مسؤولية الانفجار لحزب الله".
وانتقدت الصحيفة "استجداء" أطراف داخلية بدعم ماكرون، الذي وجه في المقابل أربع رسائل رئيسية، بحسبها، خلال اجتماع مع قادة الكتل السياسية بالبرلمان اللبناني، وهي: وجوب تنظيم حوار داخلي، بدء تنفيذ الإصلاحات قبل مطلع أيلول/ سبتمبر المقبل، تأليف حكومة وحدة وطنية، عدم إضاعة الوقت بالخلافات الكبرى، التركيز على مسألة الانهيار الاقتصادي والإصلاحات.
وكشفت "الأخبار" عن مصادرها أن ماكرون تعهد بضمان تأييد أمريكي وأوروبي وسعودي وإيراني، في حال التوصل إلى تفاهم على حكومة وحدة وطنية.
وخلصت إلى القول: "ظهر بوضوح أن الرئيس الفرنسي لم يكن على موجة واحدة مع فريق 14 آذار، الذي طالب بحكومة حيادية وانتخابات مبكرة وبتحقيق دولي في تفجير المرفأ".
أما صحيفة النهار، التي وصفت ماكرون بـ"المنقذ" في عنوانها العريض لصباح الجمعة، فقالت: "يصعب وصف الساعات الثماني التي أمضاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيروت أمس (الخميس) بأقل من كونها زيارة خارقة لئلا نقول تاريخية".
وأضافت: "لعل أكثر المقاربات تعبيرا التي حضرت مع زيارة ماكرون، تتمثل في كونه استعاد عفوا أو قصدا كثيرا من مسار سلفه الراحل الكبير جاك شيراك حيال لبنان من خلال دلالتين؛ الأولى أن شيراك أصر على أن يحضر إلى بيروت عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري ليقف مع لبنان في ظرف دراماتيكي، وهكذا فعل أمس ماكرون بحضوره مثبتا هذا البعد المتميز".
وتابعت: "كما أن شيراك سبق أن اختلط برفقة الحريري آنذاك في إحدى زياراته لبيروت مع الحشود الشعبية اللبنانية وسط حمام جماهيري، كذلك الذي كان في استقبال ماكرون أمس في الجميزة ومارمخايل".
وبرز الاحتفاء الكبير بالزيارة على حساب تحليل مضامينها ومخرجاتها، وعنونت "النهار" حديث ماكرون لها بتشديده على ضرورة "التغيير".
واختارت صحيفة "اللواء" التركيز، باقتضاب، صباح الجمعة، على احتمال أن تؤذن زيارة ماكرون بتراجع ما وصفته بـ"الحصار الدولي" على لبنان.
وركزت الصحيفة في هذا الإطار على اللقاء الذي وصفته بـ"المهم"، الذي أجراه ماكرون في قصر الصنوبر مع رؤساء الأحزاب والكتل النيابية الكبرى في البرلمان، وهم من ممثلي الطوائف الكبرى في البلاد، سعد الحريري ووليد جنبلاط وتيمور جنبلاط ومحمد رعد وجبران باسيل وسليمان فرنجية وطوني فرنجية عن كتلة اللقاء الوطني، وسمير عازار عن كتلة التنمية والتحرير، وسمير جعجع.
اقرأ أيضا: ماكرون: لبنان سيواصل الغرق إذا لم تنفذ الإصلاحات (مباشر)
ونقلت "اللواء" عن مصادر سياسية متابعة للزيارة" قولها؛ إن الخطوة "مؤشر على فك الحصار الدولي على لبنان، وأنها ما كانت لتحصل لولا وجود موافقة ورضى أمريكيين عليها وعلى مضمونها.. لا سيما أن ماكرون التقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، فيما واشنطن تمارس ضغوطها على لبنان عبر العقوبات السياسية والاقتصادية على حزب الله".
وبدورها، أشار موقع صحيفة "الجمهورية" إلى ثلاثة مؤشرات سياسية حملتها الزيارة، الأول إعلان ماكرون صراحة أن المساعدات ستأتي إما مباشرة للشعب أو للمنظمات غير الحكومية، "ما يعني أن الموقف الفرنسي، واستطرادًا الدولي لم يتبدل لجهة أن المساعدات للسلطة مشروطة بالإصلاحات.
وتابعت الصحيفة أن المؤشر الثاني "رعايته وعلى عجل لطاولة حوار لبنانية جمعت رؤساء الأحزاب والكتل، أي إن ما تعذر على الرئاسة اللبنانية تحقيقه، حققته الرئاسة الفرنسية، والعنوان الأساس لهذه الجَمعة تشجيع اللبنانيين على الحوار والاتفاق على أولويات لبنانية، وما صرح به عن حاجة اللبنانيين إلى نظام سياسي جديد، وضعه في إطار المسؤولية اللبنانية في البحث عمّا يؤمّن المصلحة اللبنانية".
والمؤشر الثالث، بحسب الصحيفة، "تشجيعه على تحقيق دولي جدي وشفاف يكشف ملابسات التفجير الذي دمر العاصمة، ووضع إمكانات الدولة الفرنسية في تصرف اللبنانيين من أجل الوصول إلى الحقيقة".