قال باحثان إسرائيليان إن "خطة ضم غور الأردن تحمل الكثير من الاعتبارات الأمنية، وإن صفقة القرن الأمريكية تمنح إسرائيل فرصة تاريخية لاتخاذ خطوات من شأنها تحسين أمنها في المستقبل، وهو أمر يتماشى مع إرث اسحق رابين في خطابه بالكنيست خلال النقاش حول اتفاقيات أوسلو في 1995".
وأضاف
عيران ليرمان وأفرايم عنبار، في دراسة نشرها معهد القدس للاستراتيجية والأمن، وترجمتها "عربي21"، أن "هناك اعتبارا استراتيجيا آخر حول ضم غور الأردن، ينبع من الحاجة لتجنب فسيفساء جغرافية
وديموغرافية معقدة خاصة باستمرار تنقل الفلسطينيين بمناطق الضفة الغربية، لذلك يجب
على إسرائيل التمسك بمصالح الأمنية الحيوية، خاصة في عصر تواجه فيه تحديات بعيدة
المدى في التعامل مع إيران وطموحاتها، والتهديدات الإقليمية الأخرى".
ليرمان،
الذي خدم بالجيش 20 عاما، ويترأس دائرة الشرق الأوسط في اللجنة اليهودية
الأمريكية، أكد أن "إسرائيل لن تعود لحدود 1967، بل سيتم وضع الحدود الأمنية
للدفاع عنها في الغور بالمعنى الأوسع للكلمة، وإن ترسيم حدود الأراضي التي ستكون تحت
سيادتها يعبر عن اتفاق واسع، وجميع الاستطلاعات التي أجريت تؤكد ذلك، حيث وافقت
أغلبية كبيرة من اليهود أن تكون القدس الكبرى والغور تحت السيادة الإسرائيلية".
وزعما
أن "تصريحات رابين في حينه أشارت إلى أن غور الأردن حدود أمنية إسرائيلية، والاستخدام
التقليدي لهذا المصطلح هو إدراج الأراضي المحتلة عام 1967 داخل إسرائيل لإنشاء
خيار استراتيجي دفاعي جيد لا يتطلب ضربة استباقية، عندما يكون خوف من حرب وشيكة في
انتهاك للحدود غير الآمنة، رغم أن هناك من يفسر خطأ خطاب رابين بشأن الحضور العسكري
دون سيادة على الأراضي التي ينتشر فيها الجيش الإسرائيلي".
وأشارا إلى أن "رابين نظر في تنازلات إقليمية بمرتفعات الجولان في مفاوضات مع سوريا،
لكنه أصر على الترتيبات الأمنية، مثل تفكيك محطة إنذار جبل الشيخ، ووضع جنود
أمريكيين فيها، ولذلك فإن الحديث عن الترتيبات الأمنية في غور الأردن بعيدا عن الوجود
العسكري طويل الأمد، بإشراك عناصر أخرى كالولايات المتحدة وحلف الناتو والجيش
الأردني والشرطة الفلسطينية، وأسوار وأجهزة استشعار ووسائل تتبع، ليست كافية".
وكشف
عنبار، المؤسس السابق لمعهد بيغن-السادات للأبحاث الاستراتيجية، عضو هيئة التدريس
بجامعات بار-إيلان وجورج تاون وبوسطن، أن "مناقشات فردية حول هذه القضايا جرت
مع الأمريكيين، مع الجنرالين جيم جونز وجون ألين، دون أن يشارك الفلسطينيون بأي مناقشات
حول الترتيبات الأمنية، بل رفضوا بشدة الاستماع لمواقف إسرائيل".
وأضافا
أن "المطالب الإسرائيلية بشأن التواجد المادي في غور الأردن تتماشى مع وصف إيهود
باراك، رئيس الحكومة الأسبق، لاتفاقيات أوسلو من الناحية الأمنية باعتبارها
"جبنا سويسريا به ثقوب كثيرة"، ما كلف إسرائيل الكثير من المال؛ لأن
سلوك السلطة الفلسطينية حتى اليوم لا يبشر بالخير، لأنها فشلت بالسيطرة على غزة،
وباتت تسيطر عليها حماس، التي تريد القضاء على الدولة اليهودية".
وأكدا
أنه "يجب عدم الاعتماد على السلطة الفلسطينية في الاتفاقيات السياسية ذات المرتكز
الأمني الكبير، فالحركة الوطنية الفلسطينية والمسلحون الخارجيون، إيران وحليفاتها،
أو الإسلاميون السنة على غرار التنظيمات الجهادية، سيسعون جميعا لتقويض الترتيب
الذي يسمح للجيش الإسرائيلي بالتواجد في غور الأردن، وفي السياق فإن استقرار
المملكة الأردنية سيقوض بسرعة".
وأوضحا
أنه "سيتم بشكل كامل، ولو تدريجيا، الحد من قدرة الجيش الإسرائيلي على البقاء
في المناطق غير الخاضعة لسيادته، وتشير التجربة الإسرائيلية مع القوات الأجنبية إلى أنه لا يمكن الوثوق بها كعنصر فعال في الترتيبات الأمنية، فاليونيفيل في لبنان لم
تعثر على صاروخ واحد لحزب الله، كما تبخرت قوة الأمم المتحدة في الجولان بداية
الحرب السورية، حتى الولايات المتحدة تريد سحب وجودها العسكري في سيناء".
وأضافا
أن "الحلول القائمة على التكنولوجيا المعاصرة المقدمة لإسرائيل كجزء من
الترتيبات الأمنية، لا تؤدي الغرض الخاص بها، وبالتالي فإن الوجود العسكري
الإسرائيلي في غور الأردن، وليس سواه، هو من سيضمن تجريد الدولة الفلسطينية من
السلاح، وهو أحد شروط صفقة القرن، أما ترك الوضع الراهن كما هو بانتظار تسوية
سياسية شاملة، فينطوي على خطر كبير من زيادة الضغوط على إسرائيل في المستقبل".