صحافة دولية

مخاوف من وفاة آلاف اليمنيين بكورونا وإصابة نصف السكان

يعيش في اليمن 3.6 مليون نازح وتسببت الهجمات الكثيرة بتعطيل نصف المرافق الطبية- جيتي

نشرت مجلة "ساينس" تقريرا، لريتشارد ستون، تحدث فيه عن الأزمة الإنسانية، التي يعاني منها اليمن، والتي انتقلت اليوم إلى جانبها جائحة كورونا.

 

وقال ستون في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه يصعب وجود بلد أكثر ضعفا أمام هجمة كوفيد-19 من اليمن، فحتى قبل وصول الفيروس كان البلد يتعامل مع "أكبر أزمة إنسانية في العالم"، كنتيجة للحرب الأهلية التي وصلت إلى سنتها السادسة، بحسب جنز لائركي، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. 

 

وبناء على نموذج قامت مجموعة في جامعة إمبيريال كوليج في لندن بإنتاجه، فإن منظمة الصحة العالمية تجهز نفسها لأن يصيب فيروس كورونا نصف شعب اليمن وأن يتسبب بوفاة 30 إلى 40 ألف شخص، لكن يتوقع أن يكون عدد الضحايا أكبر إن لم تستطع الأمم المتحدة الحصول على الأموال اللازمة.

وبحسب التقرير، فقد أنفقت المنظمة العام الماضي 4 مليارات دولار على الجهود الإنسانية في اليمن، لكن وحتى منتصف عام 2020 تقريبا فلم يصلها إلا 700 مليون دولار.

ويعيش في اليمن 3.6 مليون نازح، وتسببت الهجمات الكثيرة بتعطيل نصف المرافق الطبية في البلد، وتسبب تفشي مرض الكوليرا بإصابة 2.3 مليون يمني وقتل حوالي 4000، فيما تصنف الأمم المتحدة حوالي ربع الشعب البالغ تعداده 30 مليون نسمة بأنهم يعانون من سوء التغذية. 


والآن وبعد القيام بعمليات إغاثة كبيرة في اليمن على مدى السنوات القليلة الماضية، فإن الأمم المتحدة تعاني من نفاد الأموال التي تتبرع بها الدول الأعضاء، المشغولة حاليا بالتعامل مع مرض كوفيد-19 في أراضيها.

 

ويشير التقرير إلى ما قاله رؤساء منظمة الصحة العالمية وغيرها، من وكالات الأمم المتحدة، في نداء عاجل للمانحين تم نشره: "للأسف ليس لدينا ما يكفي من المال للاستمرار في العمل الإغاثي".

 

وفي هذا الصدد يقول عبد الواحد السروري، المستشار الفني لبرنامج التدريب الميداني في علم الأوبئة التابع لوزارة الصحة في عدن: "قد يكون كوفيد-19 هو القشة التي قصمت ظهر الجمل".


وتستضيف الأمم المتحدة والسعودية نشاطا افتراضيا لجمع تبرعات في 2 حزيران/ يونيو. وإن فشلتا في الحصول على الدعم الكافي كما حذر لائركي فإن "على العالم أن يشاهد ما يحصل في بلد ليس فيه نظام صحي يعمل ويكافح كوفيد-19، لا أظن أننا نريد رؤية ذلك".


وأعلن اليمن عن أول حالة كوفيد-19 في 10 نيسان/ أبريل، في بلدة بمحافظة حضرموت وقامت السلطات بإغلاق المدارس بعد ذلك وعلقت المساجد لافتات تطلب من المصلين الصلاة على بعد متر من بعضهم.

 

وتبقى أعداد الحالات الرسمية قليلة: ففي 27 أيار/ مايو أعلنت الدولة عن 253 حالة إصابة و50 حالة وفاة، ولكن من الصعب مواءمة هذه الأرقام مع التقارير حول قبور جماعية يتم حفرها في عدن، العاصمة.

 

ويقول التقرير إنه في 21 أيار/ مايو، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود بأن 68 شخصا ماتوا من الفيروس في المرفق التابع لها في عدن فقط، وأن العديدين يموتون في بيوتهم. 

 

أما في صنعاء التي جعلها الحوثيون المتحالفون مع إيران عاصمة لهم وأقاموا حكومتهم فيها، فلم تعلن وزارة صحتهم إلا عن أربع حالات كوفيد-19 حتى اللحظة فقط.

 

اقرأ أيضا : "علماء المسلمين" يدعو لهبة جماعية لإنقاذ اليمن من الجوائح

 

ولكن السروري يقول إن هناك تقارير حول مئات الحالات المؤكدة من المختبرات، في ما تتهم كل من وزارتي الصحة في عدن وصنعاء بعضهما بالكذب حول مدى تفشي كوفيد-19 في المنطقة التي تسيطر عليها، بحسب ما قاله حكيم الجوفي، خبير العناية المركزة والتنفس في مستشفى الثورة الحديث.

 

أما خبير الأمراض المعدية الذي يرأس مكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن ألطف موساني، فقال إن المشكلة هي أن الأرقام الرسمية تعكس فقط المرضى الذين ساءت حالتهم في عنابر الحجر بسبب كوفيد-19، أما الأشخاص الذين هم من ذوي الأعراض الخفيفة والمعتدلة، ناهيك عن الأشخاص الذين لا تبدو عليهم أعراض – فلا يتم فحصهم.

 

ويقول موساني: "لدينا 9 تجمعات على الأقل يظهر فيها تفشي فعال في الجنوب"، كما أنها كانت هناك احتفالات بعيد الفطر وكانت الأسواق تعج بالناس.

 

ويقول عبد الرحمن الأزرقي، وهو طبيب ومدير مستشفى في تعز: "الكثير من الناس يعيشون حياتهم دون قلق أو إدراك للخطر".

 

وقال رؤساء المنظمات التابعة للأمم المتحدة في رسالتهم إنه "من بين 41 برنامجا رئيسيا تديرها الأمم المتحدة في اليمن فسوف يغلق أكثر من 30 منها خلال عدة أسابيع إن لم تستطع المنظمة تأمين الأموال الإضافية.. وهذا يعني أنه سيموت المزيد من الناس". 

 

وتواجه اليمن أزمة بعد أن تسببت بمغادرة الكفاءات الناتجة عن الصراع إلى إفراغ البلد من العلماء والأطباء. ففي عام 2011 أشعل الربيع العربي ثورة أنهت 33 عاما من حكم علي عبدالله صالح.

 

واندلع القتال في آذار/ مارس 2015. ويقول هلال لاشول، بيولوجي الأعصاب في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا والذي غادر اليمن عام 2005: "أصيبت البلد بشكل قوي في بداية الحرب.. فقد فر العديد من العلماء اليمنيين. ولا أعتقد أن هناك أي أنشطة بحثية جادة هناك الآن".


وقال مصطفى العبسي، عالم العصاب في جامعة منيسوتا وكان يترأس مشروعا في اليمن يتعلق بالصحة العقلية وتعاطي المخدرات، مدعوما من معهد الصحة القومي حتى عام 2014: "إنه لأمر محزن جدا، فالوضع السياسي والأمني دمر بلدنا".


ولأن المستشفيات تفتقر إلى دعم الحكومة فقد سعت لدعم نفسها عن طريق فرض المزيد من الرسوم للعلاج، وهو ما جعل الفقراء لا يستطيعون الحصول عليه.

 

وقبل عام 2011 كان على الناس دفع 10 بالمئة من تكاليف العلاج على الأكثر، بحسب الجوفي، ولكن اليوم عليهم دفع 100 بالمئة من التكلفة.

 

وأضاف الجوفي أن المؤسسات الإنسانية قدمت أدوية أساسية مثل الأدرينالين وبعض الأدوات الواقية، لكن جهاز الرنين المغناطيسي في مستشفاه لم يعمل منذ 4 سنوات.

 

ويقول إن مسؤولي الجمارك السعوديين صادروا شحنة قطع غيار للجهاز على أساس أنه يمكن استخدامها في الصواريخ.

 

وقال إن "معظم أجهزة التنفس لدينا لا تعمل. ولا يوجد قطع غيار". وقال لائركي إنه من بين حوالي 500 جهاز تنفس في اليمن لا يعمل سوى 157 جهازا.


وعملت منظمة الصحة العالمية على جلب المزيد من أجهزة التنفس وأسرة العناية المركزة وغيرها من الإمدادات الضرورية كجزء من جهودها لتوسيع عنابر كوفيد-19 من 38 إلى 59 في أنحاء البلد.

 

ووفرت منظمة الصحة العالمية 8400 فحص، كشحنة أولية لحوالي 9.2 مليون فحص تقدر المنظمة أن البلد ستحتاجها.

 

ويشير التقرير إلى أن لدى الحكومة في عدن الآن لجنة استشارة لكوفيد-19، تتضمن ممثلين من برنامج التدريب الميداني في علم الأوبئة المعدية والذي يوفر أيضا عاملين لخط هاتف يتعامل مع كوفيد-19.


كما أن أحد الأصول المفيدة في مكافحة كوفيد-19، هو فريق دربته الأمم المتحدة خلال انتشار مرض الكوليرا لتتبع الحالات في 333 منطقة في اليمن.

 

ويقول موساني إن هؤلاء العاملين الصحيين "يلعبون دورا مفصليا" في مكافحة كوفيد-19، حيث إنهم يبحثون عن الحالات المشكوك فيها ويقومون بتتبع المتصلين وإرسال العينات إلى المختبرات ليتم فحصها، مضيفا أنهم أبطال حقيقيون.

 

اضافة اعلان كورونا