مرت ستة شهور على اغتيال الولايات المتحدة، زعيم تنظيم الدولة "أبو بكر البغدادي" في ريف إدلب شمالي سوريا، وتعيين "أبو إبراهيم الهاشمي" خلفا له.
وأعلن التنظيم اختيار شخص يدعى "أبو إبراهيم الهاشمي" خلفا للبغدادي، إلا أن الزعيم الجديد لم يخرج في أي كلمة صوتية أو تسجيل مصور، طيلة نصف عام، واكفتى خلالها "داعش" برسالتين صوتيتين للمتحدث الجديد باسمه "أبو حمزة القرشي".
ورغم الحديث المتزايد من قبل مهتمين بالشأن الجهادي حول إمكانية تغيير التنظيم لنهجه وأسلوبه، إلا أن "داعش" بعث برسائل قبل أيام، أكد فيه أنه على ذات النهج الذي سار عليه البغدادي.
لا تغيير
قال التنظيم في إصداره "معذرة إلى ربكم" الذي نشره عن "ولاية اليمن"، إنه يسير على الطريق الصحيح، دون تبديل كما فعل تنظيم القاعدة، معتبرا الأخير "مرتدا عن الدين الإسلامي" نظرا لتعطيله تحكيم شرع الله في المناطق التي سيطر عليها.
وسرد الفيديو الذي امتد إلى نحو 52 دقيقة، ما وصفها بأسباب الحرب التي شنتها "القاعدة" والفصائل الأخرى في سوريا، وليبيا وغيرها عليه.
وركّز الفيديو على مهاجمة القاعدة وزعيمها أيمن الظواهري الذي قال أحد عناصر التنظيم إنه مختف منذ شهور، رغم أن زعيم "داعش" الجديد لم يظهر البتّة.
إلا أن التنظيم يعتبر أن غياب الظواهري نقل بشكل غير رسمي قيادة "القاعدة" إلى الموجودة حاليا في اليمن، والتي يتولاها خالد باطرفي، الذي خلف قاسم الريمي في شباط/ فبراير الماضي.
وشنّ التنظيم هجوما عنيفا على أفرع "القاعدة" في مالي، وتونس، والجزائر، معتبرا أن إرسالها تطمينات لحكومات تلك الدول بعدم استهدافها، هو مجرد حداع للنفس، في إشارة إلى أن الحرب على القاعدة ستتواصل.
عمليات متواصة
بحسب ما رصدت "عربي21"، فإن تنظيم الدولة أعلن خلال الشهرين الماضيين، تنفيذ 324 هجوما أو عملية في 12 منطقة حول العالم.
والمناطق هي: "العراق، اليمن، سوريا، سيناء (مصر)، الصومال، الفلبين، بنغلاديش، وسط أفريقيا (موزمبيق، الكونغو الديمقراطية)، غرب أفريقيا (تشاد، النيجر، نيجيريا)، الهند، أفغانستان، المالديف).
وبحسب التنظيم فإن عملياته أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من من 1500 شخص، نسبة كبيرة منهم في العراق، وأفريقيا.
وفي العراق، لا يزال تنظيم الدولة يشن عمليات دورية على نقاط أمنية، في محافظات ديالى، ونينوى، والأنبار وكركوك، وبوتيرة أقل في صلاح الدين، وشمالي بغداد.
كما تمكن التنظيم من مباغتة قوات النظام السوري مطلع نيسان/ أبريل، بالسيطرة على مناطق شاسعة في مدينة السخن شرقي حمص، وبث مشاهد لإعدام عناصر من النظام وقعوا أسرى بين يديه، وهي واحدة من طرق كان التنظيم إبان سطوته في حقبة البغدادي يستخدمها في التنكيل بخصومه.
اقرأ أيضا: هجماته نوعية.. كيف يستغل تنظيم الدولة كورونا للتمدد بالعراق؟
هل يستغل كورونا؟
قالت صحيفة "البايس" الإسبانية إن تنظيم الدولة يحاول استغلال انشغال السلطات العراقية بالتعامل مع فيروس كورونا، في زيادة وتيرة عملياته، ومحاولة انتشاره بشكل أكبر.
وأوضحت في تقرير أن خبراء أمنيين يعتقدون أن تركيز هجمات داعش ينصب على المنطقة الفاصلة بين سيطرة القوات العراقية، واليشمركة الكردية وهي لا تتجاوز 12 كم.
إلا أن جل الخبراء الذين نقلت "البايس" تصريحاتهم، استبعدوا إمكانية عودة التنظيم إلى نشاطه في الفترة بين (2013-2015)، وهي التي سبقت اندحاره.
وبحسب ما رصدت "عربي21"، فإن تنظيم الدولة وعبر نشرته الأسبوعية "النبأ"، قال إن كورونا أظهر ضعف الولايات المتحدة، معتبرا أن ذلك يضرب رواية حلفاء واشنطن في المنطقة بأن أمريكا قوة لا تُهزم.
وأضاف مهددا تحت عنوان عريض "أسوأ كوابيس الصليبيين"، أن "آخر ما يتمناه الغرب اليوم، هو أن "يتزامن وقتهم العصيب مع تحضيرات جنود الخلافة لضربات جديدة شبية بهجمات باريس، ولندن، وبروكسل، وغيرها".
وألمح التنظيم إلى أنه قد يستغل "وصول نسبة إشغال المؤسسات الأمنية والطبية في دول الغرب إلى الحد الأقصى".
تطمينات وقلق
قال القائد العام للقوات الخاصة في التحالف ضد داعش، الجنرال إريك هيل، إن "وجود داعش في العراق مستمر في التناقص بفضل جهود وتضحيات قواتنا، وشركائنا العراقيين".
وأضاف بحسب ما نقل موقع "military times"، أن "الضربات المتواصلة على التنظيم في العراق، تزيد من الضغط عليه، وبالتالي صعوبة إيجاد مكان اختباء لعناصره".
إلا أن موقع "the interpreter" الأمريكي، أوضح أن داعش ربما يستغل أزمة فيروس كورونا، وهو أمر مقلق في العراق.
وأوضح بحسب ما ترجمت "عربي21"، أن لدى داعش في العراق، ما لا يقل عن 4500 عنصرا بعضهم يشكلون خلايا نائمة في مدن تقع تحت سيطرة الحكومة بالكامل.
وأضاف أن خطر المرحلة المقبلة يكمن في عدم ردع نشاط داعش، وهو ما سيعطي دفعة معنوية كبيرة للتنظيم، تولد لديه شعورا بمحاولة استعادة الهيمنة، والانتشار بشكل أكبر.
المكينة الإعلامية
مقتل البغدادي تزامن مع تضييق شركة "تلغرام" على حسابات التنظيم التي كان ينشر أخبار عملياته عبرها، إذ انتقل لاحقا لتطبيق "تام تام" الروسي، بيد أن الأخير أغلق حسابات التنظيم.
الملاحقة غير المسبوقة لتنظيم الدولة في مواقع التواصل الاجتماعي، أبعدت "داعش" عن أضواء الإعلام بشكل لافت، رغم أن الأخير لا يزال يواصل عملياته بشكل شبه يومي، وينشر ملخص أخباره عبر حسابات مناصرة، ومواقع إلكترونية مؤقتة.
وفي "تويتر" لا يزال أنصار التنظيم يستخدمون مشاهد من فيديوهات قديمة لداعش، وينشرونها كتعليقات على حسابات المشاهير.
أنصار التنظيم، الذين يستخدمون صورا وأسماء لحساباتهم لا تدل على محتوى تغريداتهم، يطرحون مع فيديوهات التنظيم أسئلة استنكارية، ويحاولون جذب انتباه المغردين للدخول إلى الفيديوهات.
وأعلنت وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) عدة مرات، توجيه ضربة قوية ضد الدعاية والترويج عبر شبكة الإنترنت لتنظيم الدولة.