قضايا وآراء

الاستخدام السياسي للدراما..

1300x600

لأول وهلة استهجنت واستغربت الاستخدام والإسقاط السياسي في مسلسل "الاختيار"، وخصوصا أنها أحداث عشناها جميعا ويصعب تزويرها..


فالعمل إنتاج ضخم يمتاز بالروعة في الأداء والإنتاج، ويُبرز صورة بطل من أبطالنا يتربع في قلوبنا بجوار شهدائنا إبراهيم الرفاعي وعبد العاطي، صائد الدبابات، ولكن المسلسل سقط في نفس السقطة التي تسقط بها الدراما السينمائية والتلفزيونية المصرية، وهذا شيء ليس معيبا وليس جيدا، ولكنه سلوك الفن في بلادنا..

أفلام ما بعد ثورة يوليو 1952 ركزت على قضية الأسلحة الفاسدة وفساد الملك، فضلا عن الرسائل السياسية في فيلم "السمان والخريف"، و"الرصاصة لا تزال في جيبي"، أيقونة السينما العسكرية، والذي جعله المخرج حسام الدين مصطفى، وخصوصا في الشق الدرامي منه، وكأنه إدانة لعصر عبد الناصر، لا بل إنه وبمنتهي السخف وضع يوسف شعبان في أحد المشاهد وكأنه عبد الناصر وتطلق عليه النار في ميدان الرماية.. فضلا عن "الكرنك" ورسائله السياسية..

وخرجت سلسلة الأفلام التي صورت عهد السادات وكأن السادات نفسه رئيس عصابة أو رجل أعمال فاسد.. بل إن مبارك في صراعه مع المشير أبو غزالة استخدم الدراما السينمائية والكتب والكتاب المشبوهين. وكنا نسمع بائعي الكتب في نص البلد يصدحون: اقرااا.. اقراا فضيحة المشير مع لوسي ارتين، وشاهدنا جميعا فيلم "عفريت النهار" الذي يسقط كل أحداثه على أبو غزالة وشلته..

الدراما حتى العسكرية منها ليست أفلاما وثائقية، بل لا بد من رسائل سياسية تتضمنها وتشكل ضفيرة العمل وتضيف له حرارة، ولكن آفة حارتنا هي الاستخدام السياسي المنحاز وغير الموضوعي للتحليل الثقافي والاجتماعي والتاريخي للأعمال الفنية..

مبارك.. والكفن مالوش جيوب

عارفين.. رغم كل مساوئ وبلاوي ورزايا مبارك، إلا أن مبارك، وذلك بسبب طول فترة حكمه وبسبب ضغط قوى المجتمع الحية من الفنانين والكتاب والمثقفين، كان الوحيد الذي سمح بانتقاد خلال فترة حكمه في أعمال سينمائية ودرامية عظيمة، ليس أولها "عمارة يعقوبيان"، ولم يكن آخرها "هي فوضي؟"، و"دكان شحاتة".

الفن رسالة تتغطي بالتاريخ.. والتاريخ قريب.