صحافة دولية

NYT: ما هي استعدادات السوريين لمواجهة فيروس كورونا؟

NYT: الأطباء السوريون يعتقدون أن الفيروس دخل إلى المخيمات- أ ف ب

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافيين إيفان هيل ويسور الحلو، يقولان فيه إن هناك مليون نازح يعيشون في الشمال الغربي لسوريا بعد أن فروا من الحرب الأهلية، وهم يعيشون في خيام مقامة على الطين أو بنايات مهجورة مشيرين إلى أن انتشار وباء كورونا قد يتسبب بكوارث في منطقة هي مدمرة أصلا.

 

ويقول الكاتبان: "طبعا يمكنك أن تنسى غسل الأيدي وإبقاء مسافة اجتماعية، وهو ما تنصح به السلطات الصحية في أنحاء العالم، فهناك القليل من الماء إن وجد، وقد يصل عدد من يعيشون في خيمة واحدة إلى 12 شخصا".

 

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن مدير مؤسسة "مرام" للإغاثة والتنمية في إدلب، فادي مسحر، قوله متسائلا: "هل تريدون منا غسل أيدينا؟ بعض الناس لا يستطيع غسل أولاده لأسبوع، إنهم يعيشون في العراء".

 

وتذكر الصحيفة أن الأطباء السوريين يعتقدون أن الفيروس دخل إلى المخيمات، حيث الوفيات والأمراض تحمل سمات التفشي، لكن رد الفعل الدولي كان بطيئا أو منعدما، بحسب أكثر من 12 خبيرا وأطباء سوريين، مشيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية لم توصل معدات الفحص اللازمة لفيروس كورونا للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا، بالرغم من أنها أوصلت أول دفعة للحكومة السورية قبل أكثر من شهر.

 

ويورد الكاتبان نقلا عن الأطباء، قولهم إن التأخير ربما يكون قد سمح للفيروس بالانتشار دون أن يتم اكتشافه لأسابيع في بيئة خطيرة، مشيرين إلى قول الدكتور محمد غالب التناري، الذي يدير مستشفيات الجمعية الطبية السورية الأمريكية في المنطقة: "نحن لدينا حاليا حالات متشابهة وتوفي لدينا بعض الأشخاص.. لا نستطيع التأكد إن كانت هذه حالات كورونا أم لا". 

 

ويشير التقرير إلى أن هناك حوالي 3 ملايين شخص يعيشون في منطقة إدلب، التي كانت خارج سيطرة حكومة الرئيس بشار الأسد منذ عام 2012، وهي أخر منطقة يسيطر عليها الثوار، لافتا إلى أن قوات الأسد والقوات الروسية المتحالفة معها بدأت حملة لاستعادة تلك المنطقة في الربيع الماضي، وتجدد الهجوم في أوائل كانون الأول/ ديسمبر، ما أدى إلى نزوح مليون شخص من بيوتهم.

 

وتفيد الصحيفة بأن حوالي ثلثهم يعيشون في مخيمات كبيرة أو خيام، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وبقيتهم ينامون على جوانب الطريق، أو في بيوت وبنايات مهجورة، أو يشاركون أقاربهم في بيوتهم، مشيرة إلى أن وقفا لإطلاق النار صمد لمدة أسبوعين، لكن لا أحد يتوقع أن يستمر، فتعهد الأسد أن يستمر بالهجوم، وتعهدت قوات الثوار في المنطقة بالمقاومة.

 

ويلفت الكاتبان إلى أن الدمار أصاب المستشفيات في المحافظة خلال ثماني سنوات من الحرب، فقد استهدفت الحكومة السورية والطائرات الحربية الروسية المستشفيات والعيادات بشكل متكرر بغاراتها وقنابلها في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة طيلة هذا الصراع، فقتل المئات من العاملين في الصحة.

 

وينوه التقرير إلى أنه منذ بداية الهجوم في كانون الأول/ ديسمبر، تم تخريب أو تدمير أو التسبب في إغلاق 84 مستشفى ومنشأة صحية في الشمال الغربي، بحسب منظمة الصحة العالمية، مشيرا إلى أن تلك التي لا تزال تعمل تنقصها اللوازم الطبية.

 

وتذكر الصحيفة أنه في مدينة إدلب، هناك مختبر في مستشفى إدلب المركزي جاهز للقيام بالفحص لفيروس كورونا، لكن تنقصه أدوات الفحص، بحسب منسق المراقبة لشبكة التحذير والتجاوب المبكر التابعة لوحدة تنسيق الدعم، وهي مجموعة عمل مستقلة، الدكتور ناصر المهاوش، لافتة إلى أن الأطباء السوريين طلبوا المزيد من لوازم الحماية، مثل الكمامات والقفازات، لكن أول شحنة من منظمة الصحة العالمية وصلت يوم الثلاثاء. 

 

ويقول الكاتبان: "عندما زرنا محافظة إدلب بعد أن عبرنا من تركيا الأسبوع الماضي لم نجد أي نقاط فحص للفيروس، ووجدنا مخيمات غير رسمية في الحقول الزراعية على جوانب التلال من الحدود وحتى بلدة معرة مصرين. وفي مستشفى البلدة وجدنا الأطباء المنهكين يعملون في غرف عمليات تحت الأرض، بينما تنتظر جموع الناس في الأعلى".

 

ويورد التقرير نقلا عن المساعد الإعلامي في الجمعية الطبية السورية الأمريكية في المستشفى، عبد الرزاق زقزوق، قوله: "للأسف، ليست لدينا مساحات للحجر الطبي في الشمال السوري.. فإن كانت هناك حالات كورونا في شمال سوريا فإن الوضع سيكون كارثيا". 

 

وتشير الصحيفة إلى أن الأطباء في المنطقة يقدرون بأن حوالي مليون قد يصابون بالفيروس في محافظة إدلب، وأن حوالي 100 إلى 120 ألف منهم سيموتون، وأن 10 آلاف سيحتاجون المساعدة بأجهزة التنفس، لافتة إلى أن هناك 153 جهاز تنفس في المحافظة الآن.

وينقل الكاتبان عن الدكتور التناري، قوله: "قد تكون رأيت بلدانا، مثل الصين وإيطاليا -بلدان لديها نظام حجر صحي، وحتى هم لم يستطيعوا التعامل مع الضغط الناتج عن هذه الحالات كلها.. فلك أن تتخيل- نحن في حالة حرب وليس لدينا نظام رعاية صحية لائق، إنه مشلول".

 

ويورد التقرير نقلا عن المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية (فرع الجهود عبر الحدود في جنوب تركيا)، هدين هالدورسون، قوله يوم الأربعاء إن المنظمة تتوقع وصول معدات الفحص إلى إدلب الأسبوع القادم، وأضاف أنه لا يعلم ما هو عدد تلك المعدات التي ستصل، مشيرا إلى أنه يمكن إرسال العينات حاليا إلى تركيا.

 

وقال هالدورسون إن سبب التأخير هو أن منظمة الصحة العالمية وزعت المعدات أولا على السلطات الصحية التابعة لحكومات، مشيرا إلى أن "شمال غرب سوريا ليس بلدا (قائما بذاته)"، وأضاف أنه نظرا للعوائق أمام إيصال الإمدادات لمناطق الصراع فإن تأخير شهر ليس سيئا.

 

وقال هالدورسون: "عندما تضع في عين الاعتبار التحديات، أعتقد ان الأمر معقول.. لا أعرف التفاصيل الدقيقة للموضوع (تأخر وصول معدات فحص فيروس كورونا)، لكنها ستصل قريبا، هذا كل ما أعرفه"، وأضاف أن نقاط فحص سيتم إنشاؤها على الحدود قريبا، وبأنه سيتم إيصال المزيد من معدات الوقاية، مع أنه لم يعرف حجمها أو متى ستصل.

 

وتنقل الصحيفة عن إدارة الصحة في إدلب، وهو جهاز تابع للمعارضة، قولها يوم الأحد، إن هناك "احتمالا كبيرا لتفشي الوباء في المناطق المحررة في المستقبل القريب جدا، إن لم يكن قد وصل فعلا".

 

ويلفت الكاتبان إلى أنه تم إصدار توصيات، بينها إغلاق المدارس والجامعات التي لا تزال مفتوحة، وإغلاق المقاهي والمطاعم باستثناء شراء الوجبات لتناولها خارج المطاعم، وإيقاف صلاة الجماعة والزيارات الاجتماعية، والسفر غير الضروري، بالإضافة إلى تقديم نصائح عن كيفية العطس والسعال وغسل اليدين وتنظيف أماكن المعيشة.

 

ويستدرك التقرير بأن معظم هذه التوصيات يصعب تطبيقها في خيام مخيمات النازحين، مشيرا إلى قول المنسق مع منظمة أطباء بلا حدود، مايكل أوليفيير لاتشارايت: "إن كان بينهم مسن، أو مربض أي منهم، لا أعلم كيف يمكنهم عزل أنفسهم".

 

وتنوه الصحيفة إلى أنه في مخيم العتمة، على الحدود التركية وعلى بعد 30 ميلا من مدينة إدلب، تجري مياه الصرف الصحي في الشوارع، وليس هناك جمع منتظم للقمامة.

 

ويورد الكاتبان نقلا عن أمينة القعيد، التي تعيش مع زوجها وأبويها وابنتها البالغة من العمر 10 أشهر، قولها إن زوجها بنى حماما لبيتهم الصغير، لكن بالقرب منهم هناك 40 شخصا يشتركون في خمسة مراحيض، وليس هناك مكان لغسل أيديهم، مشيرة إلى أن النساء يجتمعن كل يوم لملء المياه في أوان من خزان ماء قريب، ويقمن بجلب الخبز، وتضيف: "الخبز ملفوف في كيس، ويمكن أن يكون الفيروس على الكيس.. وهذا سيجعل الفيروس ينتقل لهؤلاء الناس".

 

وتشير القعيد إلى أن عيادة المخيم صغيرة ومكتظة، فيما لم يلبس عمال الإغاثة الذين جاءوا لتعليم سكان المخيم الكمامات ولا القفازات ولم يقوموا بتعقيم أيديهم، وتقول: "يمكن للفيروس أن يقتل أشخاصا في شهر واحد هنا في شمال سوريا أكثر مما قتله النظام في عشر سنوات".

 

وبحسب التقرير، فإن الخبراء يرون أن هذه الظروف ستجعل نقل الفيروس أسهل، مشيرا إلى قول لاتشارايت إن كون المستشفيات والعيادات في حالة يرثى لها بعد سنوات من الصراع فإنه يتوقع أن يكون عدد الوفيات أعلى بكثير من بلدان أكثر استعدادا. 

 

وتذكر الصحيفة أن إدلب تقع تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، وهي منظمة جهادية انفصلت عن تنظيم القاعدة عام 2017، واستخدمت العنف ضد ناشطي المجتمع المدني، مع أنها بذلت جهودا مؤخرا لتحسين صورتها، مشيرة إلى أنه لم تصدر عن الهيئة أي بيانات بشأن التحضير لفيروس كورونا.

 

ويفيد الكاتبان بأن منظمة "فايلوت" للإغاثة قامت هذا الأسبوع بدورات تدريب لحوالي 40 ممرضا وسائق سيارة إسعاف من الذين سيكونون في الخطوط الأمامية في إدلب، مشيرين إلى أن المنظمة تخطط لجعلهم في فريقين: من يقومون بالنصح وإيصال الصابون والمنشورات ومعقم الأيدي، ومن يقومون بنقل من يشك بأنه مصاب بالفيروس. 


وينقل التقرير عن مؤسس منظمة "فايلوت"، فؤاد عيسى، قوله إن الطلب العالمي على المعقم جعل المنظمة غير قادرة على شراء كميات كافية منه.

 

وتقول الصحيفة إنه إذا كان كما هو متوقع بأن الحالات تتزايد بشكل مطرد فإن الأمر سيخرج عن إمكانياتهم بسرعة، مشيرة إلى أن العاملين في الإغاثة والصحة يخشون من أنه حتى إذا وصلت معدات الفحص والملابس الواقية أخيرا فإنها قد تكون قليلة ومتأخرة.

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول مسحر من مؤسسة "مرام": "إن دخل كورونا منطقتنا، لا سمح الله، فإن ذلك سيكون أكبر كارثة".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)