أثار نشر صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الخميس، مقالا لـ"سراج الدين حقاني"، نائب زعيم حركة طالبان الأفغانية، انتقادات وجدلا واسعا.
واستهجن سياسيون وإعلاميون وحقوقيون الخطوة، لا سيما وأن "حقاني" شخصيا يتزعم جناحا متطرفا في الحركة، يعرف بـ"شبكة حقاني"، المصنفة إرهابيا لدى الولايات المتحدة، منذ عام 2012.
بدوره، دافع "مجيب مشعل"، كبير مراسلي الشأن الأفغاني في الصحيفة عن نشر المقال، الذي حمل عنوان "ماذا نريد نحن، كحركة طالبان"، مشيرا إلى العديد من التقارير التي نشرتها ضد أنشطة حقاني وشبكته.
وفي مقاله، الذي يعد بذاته علامة فارقة في مسار التوصل إلى تسوية بين الحركة وواشنطن، أكد حقاني أن طالبان ستوقع قريبا اتفاقا مع الولايات المتحدة لخفض العنف لمدة سبعة أيام، مشيرا إلى أن قيادات الحركة "ملتزمة بالكامل" باحترام الاتفاق "التاريخي".
وقال: "وقوفنا اليوم على أعتاب اتفاق للسلام مع الولايات المتحدة ليس بالإنجاز الصغير.. تحقيق الاتفاق بكل ما يتضمنه من إمكانات وضمان نجاحه واكتساب سلام دائم سوف يعتمد على احترام بالغ الدقة من الولايات المتحدة لكل التزاماتها".
كما شدد على أن أنصار الحركة "سيمنعون مجموعات متطرفة من اتخاذ أفغانستان منطلقا لهجمات خارجها"، وهو بند آخر في الاتفاق المرتقب، مضيفا: "ليس في صالح أي أفغاني السماح لمثل هذه المجموعات بأخذ بلادنا رهينة وجعلها ساحة حرب".
ولم تشر أي من التصريحات المتعلقة بالاتفاق المنتظر إلى مصير تصنيف حقاني وشبكته على قائمة الإرهاب، فيما يبدو من نشر المقال ولغته تجاهل الطرفين لهذه النقطة في غمرة المفاوضات.
انتقادات حادة
وفي تغريدة عبر تويتر، اعتبرت "ليز تشيني"، عضو مجلس النواب الأمريكي، إن الصحيفة "اختارت منح طالبان منصة لبث قمامة من قبيل: نحن لم نختر الحرب.. كنا مجبرين على الدفاع عن أنفسنا".
وتساءلت "تشيني" عما إذا كانت "نيويورك تايمز" لا تزال تذكر هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، وإن كانت الصحيفة قد دفعت أموالا لحقاني لقاء المقال، علما أنه مصنف في لائحة الإرهاب.
بدوره، قال الناشط في منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، أندرو ستروهلاين، إن سراج الدين حقاني يشتبه بارتكابه جرائم حرب، تحقق فيها المحكمة الجنائية الدولية.
وتساءل "ستروهلاين" عن سبب منح الصحيفة تلك الفرصة له، واقترح الاطلاع على تقرير نشرته "هيومان رايتس ووتش" عن "جرائم طالبان" عام 2018.
اقرأ أيضا: هل انتقمت إيران لسليماني بذراع "طالبانية"؟
ولم تسلم الصحيفة من انتقادات نظيراتها، إذ نشرت صحيفة "واشنطن إغزامينر" مقالا لـ"بيكت آدمز"، اعتبر فيه أن نيويورك تايمز "تنشر بروباغندا طالبان".
وفي تغريدة له، اعتبر "آدمز" أن الأنظمة القمعية كانت تلجأ سابقا إلى صحفيين غربيين "طيّعين" لتمرير دعايتهم عبر "نيويورك تايمز"، فيما يمكنهم اليوم إرسال ما يريدون بشكل مباشر إلى الصحيفة وستقوم بنشره.
وكان كبير مراسلي الشأن الأفغاني في الصحيفة قد قال، في إطار الدفاع عن موقفها، إن من ينتقدون نشر المقال يمكنهم كذلك التعبير عن آرائهم، كما فعل "حقاني"، وإرسال مقالات، إذ إن "نيويورك تايمز" تؤكد التزامها بنشرها.
على أعتاب اتفاق "تاريخي"
وقبل أيام، أعلنت حركة "طالبان" استكمال مفاوضات السلام مع الولايات المتحدة، وأنه من المنتظر توقيع اتفاق سلام نهاية شباط/ فبراير الجاري.
وقال مولوي عبد السلام حنفي، عضو وفد طالبان التفاوضي، لموقع "Nunn.asia" الإخباري، إن "الاتفاق سيوقع في الدوحة نهاية هذا الشهر، بحضور ممثلي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأوروبي والدول المجاورة لأفغانستان".
ولفت إلى أنه سيتم الحد من العنف خلال الأيام المقبلة، لتهيئة الأجواء من أجل التوقيع على الاتفاق.
وكشف حنفي أنه بعد ابرام الاتفاق ستقوم الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية بإخلاء سبيل خمسة آلاف من أعضاء الحركة، فيما ستفرج طالبان عن ألف معتقل لديها.
وأوضح أن المفاوضات بين الفرقاء الأطراف في أفغانستان ستبدأ عقب استكمال عملية إطلاق سراح السجناء.
ولم يدل حنفي بأي تفاصيل حول الجدول الزمني المتفق عليه لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.
والاثنين، دعا المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد إلى بذل جهود مشتركة من أجل نجاح مسار عملية السلام مع طالبان.
جاء ذلك في تصريح نشره خليل زاد عبر حسابه على "تويتر".
وأشار المبعوث الأمريكي إلى تشكل فرصة جيدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة 40 عاما في أفغانستان وتحقيق الاستقرار فيها.
وأضاف: "يجب تقييم هذه الفرصة بشكل جيد، ويجب أن نعمل سويا من أجل أن يتكلل مسار السلام مع طالبان بالنجاح".
والأربعاء الماضي، كشف مسؤولون أمريكيون وأفغان، لصحيفة "نيويورك تايمز"، عن موافقة ترامب على اتفاق سلام "مشروط" مع طالبان.
وحسب الصحيفة، لن يتم التوقيع رسميا على اتفاق السلام بين الطرفين "إلا إذا قدمت طالبان دليلا على التزامها به خلال فترة مدتها سبعة أيام، سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق من فبراير/شباط الجاري".
بومبيو يعلن موعد الاتفاق المتوقع بين أمريكا وطالبان
ترامب يعلن اقتراب التوصل لاتفاق سلام مع "طالبان"
الناتو يعلن دعم مباحثات أمريكا وطالبان لتحقيق السلام