نفت مصادر من هيئة تحرير الشام، ما تردد من أنباء حول اعتزام الهيئة الإعلان عن حل نفسها، امتثالا للضغوط المحلية والإقليمية، وذلك بهدف سحب الذرائع التي تستخدمها روسيا لتبرير هجماتها على إدلب.
ووصف مسؤول التواصل الإعلامي في
"هيئة تحرير الشام" تقي الدين عمر، خلال حديث خاص لـ"عربي21" ما
تم تداوله من أنباء بأنها إشاعات لا أساس لها من الصحة، فيما أكد القيادي المقرب
من الهيئة الملقب بـ"أبو خالد سليم"، أن هناك مداولات داخل تحرير الشام
لحل نفسها، لكن ذلك لم يتبلور لموقف، فما زالت القيادة رافضة لحل نفسها إلا بشروط،
منها تشكيل كيان جامع للثورة يندمج فيه الجميع، ويحافظ على المناطق
"المحررة".
وقال القيادي أبو خالد سليم في حديث
لـ"عربي21" إن "تحرير الشام أثبتت فشلها عسكريا وتنظيميا، وهو أمر
لم يكن أحد يتوقعه حتى أشد الناس عدواة لها، لذا طلبت تركيا منها حل نفسها
والاندماج مع الفصائل الثورية، لكن ما يزال هناك تيار قوي داخل الهيئة يرفض الحل،
ويطالب بوضع هيكلية جديدة لها".
وأوضح سليم أن "تحرير الشام ستعلن
موقفها في الساعات أو الأيام القادمة، بعد الاجتماعات التي تعقدها داخل هيكلها ومع
بقية الفصائل".
اقرأ أيضا: نظام الأسد يقوم بفصل أرياف حلب عن إدلب ويحرز تقدما
وكانت وسائل إعلام سورية، نقلت عن مصادر
مجهولة في هيئة "تحرير الشام" تأكيدها أن الأخيرة تتجه نحو حل نفسها،
مشيرة إلى وجود توجه تركي لإنهاء الهيئة، لمساعدة أنقرة دوليا في تصعيدها ضد
النظام.
ويأتي ذلك بعد الهزائم العسكرية
الكبيرة التي منيت بها فصائل المعارضة، لاسيما "تحرير الشام"، التي كانت
تشكل الثقل الأكبر في الشمال السوري.
القيادي المقرب من الجهاديين، الأسيف
عبد الرحمن، قال لـ"عربي21" إن احتمالية إعلان "تحرير الشام"
عن حل نفسها، واردة بقوة، لكن من المستبعد اتخاذها وإدلب تتعرض لهجوم شرس من قبل
روسيا والنظام.
وأضاف أن الإعلان عن حل "تحرير
الشام" لا يعني الخروج وترك السلاح، وإنما الدخول في مشروع جديد، أو الذوبان
مع فصيل موجود سابقا، في إشارة منه إلى "الجبهة الوطنية للتحرير"،
التشكيل المدعوم تركيا.
اقرأ أيضا: صحيفة بريطانية تصف ما يجري في سوريا بـ"المعركة الأخيرة"
فيما اعتبرت أوساط سياسية، أن تركيا
لن تبدأ بإنهاء ملف "تحرير الشام" ما لم تحصل على ضمانات دولية بمنع أي
هجمات جديدة على إدلب، تحت ذريعة وجود فصائل "إرهابية" فيها.
وحول هذا الموضوع، يرى الصحفي
والباحث خليل مقداد، أن تحرير الشام اليوم لا تملك خيارات أخرى، فهي تبدو مرغمة
على حل نفسها، وكل المؤشرات تدل على ذلك، فمهما حاولت المناورة لا بد أن تواجهها
تحديات، لكن يبقى السؤال ماذا أعدت الهيئة لهذا السيناريو؟
ويقول مقداد في حديث
لـ"عربي21": "تحرير الشام في المعركة الأخيرة ظهرت بأضعف حالاتها،
ولم تقدم ما كانت تعلنه، فهي مصنفة على قائمة الإرهاب، وتركيا طلبت منها حل نفسها".
وفي السياق ذاته، يرى القيادي
الميداني في "تحرير الشام" الملقب بـ"أبي سليمان البادية"، أن
العالم لن يقف مع الثورة إن حلت تحرير الشام نفسها أو في حال بقيت، فالجميع يعلم
أن درعا والرستن لم يكن فيهما الهيئة، وجميع دول العالم باركت نصر النظام وروسيا
هناك، والأمر نفسه ينطبق على الشمال.
ويقول البادية في حديث
لـ"عربي21": "تركيا لن تخوض معركة مع النظام، وهذا ليس سببه وجود
تحرير الشام، فهي دولة لها حساباتها، والهيئة فصيل قاتل وقد قدم تضحيات كبيرة مع
غيره من الفصائل، ولم يقدم تلك التضحيات لكي يحل نفسه ويرجع إلى بيته ويترك أهله،
وسيقاتل حتى آخر لحظة".
اقرأ أيضا: ماذا بعد سيطرة النظام على "الفوج 46" واستهداف "سرمدا"؟
ويشير إلى أن "الهيئة خاضت مع
الفصائل الأخرى المعارك الأخيرة، وهي أبرز من صد ودافع، كما قدمت كل ما تستطيع،
لكن روسيا وإيران تدعمان النظام، وتمتلكان ما لا تمتلكه الفصائل، فميزان القوى
لصالح النظام من كل النواحي".
ويؤكد أن "تحرير الشام لن تخذل
الثورة، وستبقى تحارب من أجلها، وهي مستعدة لحل نفسها إن شكلت الفصائل كيانا شاملا يدافع عن الثورة".
بدوره، اعتبر الإعلامي أحمد حسن، أن "موضوع
حل الهيئة مطروح ضمن الاجتماعات التي تجري حاليا بخصوص إدلب، فتركيا لا تتواصل مع
الهيئة مباشرة بل عبر وسطاء من أحرار الشام".
وكشف الناشط في حديث
لـ"عربي21"، أن "هناك خلافا داخل الهيئة بخصوص معظم التحركات حاليا،
حيث أن آلية التنسيق الحالية مع الجيش الوطني والالتزام بنتائج الاجتماعات التركية
مع الفصائل تشكل خلافا داخل الهيئة بين القيادة العسكرية ومجموعة ريف حلب الغربي من
الهيئة، لكن حتى الآن مجموعة الجولاني منضبطة بقرارات الفصائل".
ويقول حسن إنه "من المقترحات
المطروحة على الهيئة حل نفسها بقرار من مجلس الشورى، ثم فتح باب المشاركة الطوعية
الفردية لعناصرها ضمن باقي التشكيلات من الجيش الوطني، أو ترك العمل العسكري
نهائيا، وهو مقترح لا يحظى بموافقة من معظم عناصر وقيادات الهيئة حاليا، فالأخيرة
تصر على حلول تحافظ على قوة الهيئة وتماسكها مع تغيير الاسم أو الانضمام إلى تشكيل
من تشكيلات الجيش الوطني، لكن تعتبر الهيئة هذا مشروعا مؤجلا حاليا بانتظار وضوح
الدور التركي".
وبحسب الإعلامي، فإنه "لنفس
السبب أيضا، رفضت الهيئة استنزاف قوتها العسكرية حاليا في مواجهة النظام في
المناطق المكشوفة جغرافيا، لأنها ستكون بلا جدوى وتدمر قوتها، ولن تردع النظام بسبب
تفوق الطيران".
اقرأ أيضا: تركيا تنشئ نقاطا جديدة بحلب وإدلب.. واجتماع ثانٍ بموسكو
وبيّن أن "التحولات داخل الهيئة
تجري منذ فترة وقبل عملية إدلب، حيث تم إخراج العناصر الأجنبية من الهيئة وهم أقل
من 1000 عنصر، بعضهم خرج برغبته بسبب الخلاف مع توجهات الهيئة تجاه الفصائل،
وبعضهم خرج بسبب التضييق الذي تعرض له من قيادات الهيئة المحلية".
ويضيف أنه "على صعيد التحركات
الدولية فهناك حاليا مقاربتان، واحدة روسية تطالب بإنهاء الهيئة وسحب السلاح
الثقيل منها وحل عناصرها المحلية وإنهاء المطلوبين دوليا، وتعتبر أنها كانت مهمة
الأتراك حسب سوتشي، لكنهم فشلوا ما دفع النظام ليقوم بها، والمقاربة الثانية هي
أمريكية دولية تعتبر أن الهيئة لم تشكل تهديدا عابرا للحدود رغم أن لها بعدا إيديولوجيا،
وأنها تعاونت في مواجهة داعش، وأن حربها الحالية لم تتجاوز النظام ومد نفوذها في
المنطقة".
ماذا بعد سيطرة النظام على "الفوج 46" واستهداف "سرمدا"؟
هل ترفع أمريكا "تحرير الشام" من قائمة الإرهاب؟
أي معوقات أمام وحدة مناطق المعارضة السورية؟