تواصل قوات النظام تقدمها في ريف حلب الغربي، حيث سيطرت على "الفوج 46" الاستراتيجي، وتابعت تقدمها إلى أن بسطت سيطرتها على بلدة "كفر ناها" وقرى "عاجل" و"عويجل"، في محاولة منها لفرض حصار على كبرى مدن ريف حلب الغربي "حريتان" و"كفر حمرة" وعندان".
وتزامن ذلك أيضا مع استهداف مدفعية النظام، ولأول مرة، مخيمات النازحين في "سرمدا"، الأمر الذي اعتبره ناشطون مؤشرا خطيرا على نيته التقدم باتجاه معبر "باب الهوى"، بين سوريا وتركيا.
وكان "عمر رحمون"، المعروف بـ"عراب المصالحات" مع النظام، قد حذر النازحين المتواجدين قرب باب الهوى من أن النظام سيتجه إلى سرمدا، وطلب منهم الرحيل، عبر تغريدة في حسابه على "تويتر".
وحول أهمية سيطرة النظام على "الفوج 46"، يؤكد القيادي في "الجيش الحر"، النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أن الموقع كان يعد أكبر قاعده عسكرية لجيش النظام في الشمال، ويمتد على مساحات واسعة، كما يتحكم بالطريق الواصل بين حلب وادلب، وعلى مفترق طرق حلب- باب الهوى- إدلب.
وأوضح "عبد الرزاق"، في حديث لـ"عربي21"، أن النظام يحاول توسيع نطاق سيطرته في ريف حلب الغربي، لكي يسيطر على طريق حلب- إدلب القديم، بعد استكمال السيطرة على محيط حلب المدينه وتأمين الأحياء الغربية.
كما اعتبر أن الحديث عن توجه إلى باب الهوى يأتي في إطار الترويج الإعلامي و"الحرب النفسية"، موضحا أن الظروف الميدانية وحتى السياسية ليست مهيأة لمثل ذلك التحرك، خاصة بعد دخول الجيش التركي لأكثر من منطقة على طريق باب الهوى، مثل "كفركرمين" و"تل التوامة"، وبعض النفاط في محيط المنطقة.
وأضاف القيادي أن "حريتان" و"عندان" لا تشكلان أهمية كبيرة حاليا بالنسبة لمليشيات روسيا، لكن يمكن أن يكون هناك تقدم على تلك الجبهة لتشتيت دفاعات المعارضة.
وتابع أن قصف محيط سرمدا رسالة من النظام إلى أنقرة، بعد إسقاط المروحية الأخيرة، لقرب المنطقة من الحدود التركية، وللتذكير بأن المعركة ستشمل كامل مناطق المعارضة، بعد أن أصبحت مدفعية النظام تطال مناطق قريبة من الحدود.
كما ذكّر بأن الفصائل لديها مضادات أرضية منذ سنوات، والآن أصبحت لديها مضادات أكثر فعالية تهدد سلاح النظام الجوي.
اقرأ أيضا: هل يكون مصير "الأتارب" الاستراتيجية مثل مصير سراقب؟
بدوره، رأى الصحفي "سلطان الأطرش" أن النظام بسيطرته على "الفوج 46" يكون قد طبق بندا من اتفاق سوتشي، ينص على خلق منطقة عازلة، كانت طالبت بها روسيا كثيرا، وقامت بالضغط على تركيا لتحقيقها من خلال عمليات الاجتياح والقضم.
وأوضح أن أهم نقطة الآن بالنسبة للنظام تكمن في تأمين طريق "M5" من جهة الغرب، وصولا إلى طريق غازي عنتاب ومدن عندان وحريتان.
واستبعد "الأطرش" في حديث لـ"عربي21"، أن يقوم النظام بفتح معركة باتجاه باب الهوى، لأن النظام كان قد تقدم باتجاه الشمال تاركا خلفه مدينة الأتارب، والتي تعد خط الدفاع عن باب الهوى، "فالسيطرة على هذا الممر الحيوي خطيرة جدا، من شأنها أن تتسبب في تشريد أكثر من مليوني شخص يقبعون في مخيمات الشمال على الحدود".
في السياق ذاته، اعتبر الصحفي "إيهاب البكور"، أن المعارضة بخسارتها "فوج 46"، تكون قد خسرت ما يعتبر مدخل النظام إلى ريف حلب الغربي، "وهو القطعة العسكرية الوحيدة على طريق إدلب حلب القديم، فهو يتمتع بتموضع جغرافي ممتاز يمكن من خلال السيطرة عليه رصد طرقات الإمداد بين ريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي، كما يعد من أكبر القطع العسكرية في الشمال التي كانت تحت سيطرة المعارضة".
وأوضح "البكور" في حديث لـ"عربي21"، أن وجهة النظام التالية ستكون غالبا مدينة الأتارب، لأنها تعتبر عاصمة ريف حلب الغربي، وعقدة وصل بين ريف ادلب الشمالي وريف حلب الغربي، ولها قيمة معنوية كبيرة لدى الحاضنة الثورية.
وأضاف: "في الوقت الحالي لا أتوقع أن النظام سيتجه الى باب الهوى، لأنه سيجد تركيا في مواجهته، خاصة أن الوصول الى باب الهوى يعني وصول النظام إلى أكبر تجمع لمخيمات النازحين وهذا يعني موجة نزوح ضخمة جدا، ناهيك عن قطع شريان الحياة بالنسبة للمناطق الشمالية، فهو بعد السيطرة على الفوج متجه إلى محاصرة حريتان وعندان".
وعن قصفه لسرمدا، يرى الصحفي أن ذلك يعني إيصال رسالة مفادها أنه لا توجد منطقة آمنة بالنسبة للمعارضة، حتى وإن كانت المنطقة ملاصقة للجدار التركي، وليس بالبعيد استهداف النظام لمخيم في بلدة قاح القريبة جدا من الجدار التركي وهي أقرب من سرمدا إلى الجدار.
ويختم بالقول إن "إسقاط طائرتين مروحيتين في غضون أيام لا يعني امتلاك المعارضة لمضادات الطيران بشكل فعلي، فلو كان ذلك بحق لكانت المعارضة أسقطت كل يوم طائرة، ولكن هي رسالة تركية مبطنة تقول إنها قادرة على شل حركة الطيران في الوقت الذي تريده وهذا يجعل موسكو تعيد حساباتها في مواقفها مع أنقرة".
هل تباغت فصائل إدلب النظام بفتح جبهات جديدة؟
لماذا يركز النظام هجومه على ريف حلب الغربي؟
التركمان في سوريا.. الانتشار والموقف من الثورة السورية (ملف)