نشرت صحيفة "فان باج الإيطالية"، تقريرا تناولت فيه مخاطر تقدّم قوات خليفة حفتر نحو مدينة مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية ونقطة استراتيجية في البحر الأبيض المتوسط، على إيطاليا وأوروبا.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته عربي21، إن وقوع مصراتة، المدينة الساحلية في حالة فوضى وعدم استقرار، سيتسبب في تدفقات كبيرة للمهاجرين نحو أوروبا.
كما ستشكل سيطرة قوات حفتر عليها خطرا على توازن البلاد الذي تضمنه هذه المدينة وستنجر عنها عواقب وخيمة على إيطاليا.
ما زالت الفوضى سائدة في ليبيا، بعد أن أعلن حفتر سيطرته مدينة سرت، وهي مدينة ساحلية هامة ومسقط رأس الديكتاتور معمر القذافي.
وزعمت قواته سيطرتها على المطار ومعظم أجزاء المدينة وتوجهها نحو مصراتة، التي تواجه الآن خطر التحول إلى كارثة حقيقية بالنسبة لإيطاليا أيضًا.
وأكدت الصحيفة أنه لا يمكن معرفة الوضع الدقيق في سرت في الوقت الحالي، لكن الأمر المؤكد هو أن الصراع الليبي يتصاعد ويزداد تعقيدا، خاصة مع دخول فاعلين جدد وفتح جبهات جديدة.
وفي هذا السياق، يمكن أن يؤدي سقوط مصراتة في الفوضى إلى تفاقم الأوضاع وهو ما ستدفع إيطاليا ثمنه.
الاستراتيجية الإيطالية: ما هي خطة دي مايو؟
وذكرت الصحيفة أن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو حضر قمة استثنائية في بروكسل حيث التقى بنظرائه من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، وناقش معهم الوضع في ليبيا.
عقب ذلك، نشر على موقع فيسبوك التالي :"هذه حرب بالوكالة، يجب أن نكون صريحين ونتحدث بوضوح، هدفنا الحوار وإشراك الجميع.
هذا ما نقوم به كحكومة". واستبعد دي مايو مرة أخرى أي حل عسكري للأزمة الحالية، مذكرا بأنه في الماضي، لم تؤد تدخلات مماثلة إلا إلى تفاقم الوضع في إشارة إلى تدخل الناتو سنة 2011. كما دعا إلى عدم تكرار إيطاليا وأوروبا بعض الأخطاء والوقف الفوري لإطلاق النار.
اقرأ أيضا : "حفتر" يعلن رفضه لاتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا
وفي مقابلة مع صحيفة إيل فاتو كوتيديانو، قال دي مايو: "هناك حرب جارية في ليبيا، بتدخل خارجي. هدف إيطاليا هو الربط بين جميع الجهات الفاعلة التي تؤثر على هذا السيناريو، من تركيا إلى روسيا، وحتى إلى مصر والولايات المتحدة ".
وحذر قائلا: " إذا استمرت الحرب، ستتنوع المخاطر خاصة مع انتشار الخلايا الإرهابية على بعد بضعة كيلومترات من شواطئنا".
وأضاف دي مايو على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير جادة لتفعيل وفرض حظر شامل برا وجوا وبحرا في البحر الأبيض المتوسط والتوقف عن بيع الأسلحة، وإيقاف التدخلات الخارجية في ليبيا.
لماذا تعتبر مصراتة مهمة لإيطاليا؟
أفادت الصحيفة أن حالة عدم الاستقرار والظروف الأمنية غير المستقرة تشجع ظاهرة الإتجار بالبشر، وبالتالي تسمح بتنظيم تدفقات الهجرة غير الشرعية من قبل المهربين.
وينطبق هذا بشكل خاص على مدينة مصراتة الساحلية، التي تضم نصف مليون نسمة وتحتوي أحد أكبر مراكز الاحتجاز في البلاد، الذي أغلق في 14 من تشرين الأول/أكتوبر بسبب الظروف اللاإنسانية.
على الرغم من إغلاق المركز، إلا أن مصراتة ظلت نقطة عبور رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا. ومن شأن خضوعها لسيطرة حفتر، والفوضى التي ستلي ذلك، التسبب في تدفقات هجرة يستحيل على الاتحاد الأوروبي وإيطاليا التحاور مع السلطات المحلية لإدارتها.
تسمى مصراتة أيضًا بـ "سبارتا الليبية"، بسبب أهمية ميليشياتها التي كانت أول من دخل سرت في سنة 2011. وفي سنة 2016 قاتلت تنظيم الدولة في إقليم طرابلس.
ويخشى بعض القادة من فقدان الثقل الأساسي الذي يكتسبونه حاليا بمجرد انتهاء النزاع، في حين تتمتع ميليشيات مصراتة الآن بثقل هام في التوازنات الجديدة للبلاد.
بناء على ذلك، ينبغي على جميع الجهات الفاعلة المعنية أخذ المخاطر التي قد تظهر في حال وقعت مصراتة في الفوضى، بعين الاعتبار، خاصة منها إيطاليا، التي تمتلك فرقة مكونة من مئات الرجال في المدينة فضلا عن مستشفى عسكري.
المصالح الإيطالية في ليبيا
بينت الصحيفة أنه بالإضافة إلى ملف الهجرة، وبصفتها قوة استعمارية سابقة، فإن لدى إيطاليا أيضًا مصالح أخرى في المنطقة.
تنشط الشركة الإيطالية إني متعددة الجنسيات في ليبيا، كما يوجد وخط أنابيب جرين ستريم الذي ينقل الغاز من حقول بحر السلام والوفاء إلى صقلية.
بدأت الشركات الإيطالية بتنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية في ليبيا، ولكن في ظل غياب شروط السلامة، لا يمكنها إحراز تقدم، ما سينجر عنه أضرارا اقتصادية جسيمة.
علاوة على ذلك، وبسبب تاريخها وموقعها الجغرافي، يجب على إيطاليا لعب دور رائد في البحر المتوسط. في الواقع، قد يضمن تمتعها بوزن مهم في الحل الليبي تعزيز دور روما في المنطقة.
الأطراف الفاعلة الجديدة ميدانيا: الإطار الجغرافي السياسي
أشارت الصحيفة إلى أن تركيا ليست مستعدة للتراجع بعد أن أعلن أردوغان أنه على وشك إرسال جنود أتراك إلى ليبيا لدعم جيش السراج، وهو القرار الذي أثار ردود أفعال من الاتحاد الأوروبي مدينا أي تدخل خارجي في النزاع الليبي.
ودافعت أنقرة عن نفسها من خلال التأكيد على ضرورة "حماية مصالح تركيا في البحر الأبيض المتوسط، ومنع عبور المهاجرين غير الشرعيين، ومنع المنظمات الإرهابية والجماعات المسلحة من الانتشار وتقديم المساعدات الإنسانية إلى الشعب الليبي".
ومع ذلك، تخفي تركيا أهدافًا أخرى، من بينها تقليص دور الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وزيادة نفوذها في المنطقة.
وبهذه الطريقة، تملأ الفراغ الدبلوماسي الذي خلفته الدول الغربية، التي أثبتت مرة أخرى أنها غير قادرة على مواجهة حالة الطوارئ التي تعترضها.
WP: حرب ليبيا قد تكون صورة عما هو طبيعي في القرن 21
بلومبيرغ: أردوغان يدخل مغامرة كبيرة في ليبيا وهذه مخاطرها
MEE: تحذير وصدمة في إدلب من التورط السوري في ليبيا