شخصية تكنوقراطية بلا أي انتماء سياسي، وليس من الأغلبية البرلمانية التي تشترط المادة 91 من الدستور
الجزائري على الرئيس العودة لها لتعيين رئيس الحكومة (الوزير الأول).
يؤكد ذلك ما تداولته وسائل إعلام محلية أخيرا، عن رفض الرئيس المنتخب عبدالمجيد تبون التعامل مع حزبي "جبهة التحرير الوطني"، المعروف اختصارا باسم "الأفلان"، و"التجمع الوطني الديمقراطي"، المعروف اختصارا باسم " الأرندي"، اللذين يمثلان الأغلبية البرلمانية مجتمعين.
بالكاد يعرفه الجيل الجديد من الجزائريين رغم المناصب الرفيعة التي تولاها قبل مجيء الرئيس السابق عبدالعزيز
بوتفليقة إلى الحكم، وظهوره في وسائل الإعلام الحكومية، بوصفه "محللا سياسيا" في الفترة الأخيرة.
عبد العزيز جراد، المولود في عام 1954 في مدينة خنشلة الواقعة شرق البلاد، والتي شهدت خروج أول مظاهرة مطالبة برحيل بوتفليقة، متحصل على شهادة بكالوريوس عام 1976، من جامعة "الجزائر"، ودكتوراه دولة في العلوم السياسية من جامعة "باريس العاشرة" عام 1981.
شغل منصب دکتور بجامعة "برج البهيمة"، ومارس التدريس في كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية. كما شغل منصب مدير المدرسة العليا للإدارة بين عامي 1989 و1992، وبات منذ ذلك الوقت واحدا من أبرز الأكاديميين الجزائريين في جامعات البلاد، وهو الموقع الذي قربه من صناع القرار بالجزائر خلال سنوات "العشرية السوداء" التي شهدتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
شغل بعدها عدة مواقع رسمية، كان من بينها منصب مستشار دبلوماسي في عهد الرئيس علي كافي عام 1992، وأمين عام للرئاسة في عهد الرئيس اليامين زروال، بعد فوزه في أول انتخابات رئاسية تعددية عام 1995، ثم أمينا عاما لوزارة الخارجية، كما شغل جراد منصب مدير عام الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي بين عامي 1996 و2000.
جراد عضو سابق في اللجنة المركزية في "حزب جبهة التحرير الوطني " الحزب الحاكم في البلاد حتى وقت قريب، عينه الرئيس الجزائري المنتخب تبون خلفا لصبري بوقدوم، الذي عين رئيسا للوزراء بالنيابة بعد استقالة نور الدين بدوي في يوم تسلم تبون مسؤولياته على رأس البلاد، ليكون جراد بذلك رئيس الحكومة رقم 20 في تاريخ الجزائر الحديث.
جراد بأول تصريح صحافي له أقر بصعوبة مهمته، التي حددها في "استرجاع ثقة الجزائريين في هذه المرحلة الصعبة".
وقال: "نحن أمام تحد كبير من أجل استرجاع الثقة في مجتمعنا وتحديات اقتصادية واجتماعية، يجب أن نعمل مع كل الكفاءات والمواطنين من أجل الخروج من هذه المرحلة الصعبة".
يعد جراد من بين الأكاديميين الجزائريين الذين نشروا عدة دراسات وكتب في العلوم السياسية باللغتين العربية والفرنسية، بينها "العالم العربي بين ثقل الخطاب وصدمة الواقع" و"الجيو سياسية مفاهيم معالم ورهانات"، بالإضافة إلى إلقائه محاضرات عن "تجارب المراحل الانتقالية في العالم".
من الواضح، بحسب مراقبين، أن تبون قرر بتعيين جراد تغيير واجهة السلطة الجزائرية، وعدم الاعتماد على شخصيات كانت لها علاقة بنظام بوتفليقة، وفي المقابل اعتماده على شخصية عملت في النظام الجزائري، وتعرف أبجديات التعامل مع مختلف الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشارت وسائل إعلام جزائرية مختلفة إلى أن جراد كان من بين الشخصيات التي تم تهميشها وإبعادها في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، حيث أبعد غالبية الشخصيات التي كانت مقربة من الرئيس الأسبق زروال عن المناصب الكبيرة في الدولة.
ويعد جراد من بين الأكاديميين الجزائريين الذين حاضروا كثيرا عن مخاطر التدخلات الخارجية في الأزمة الليبية ومنطقة الساحل، وأثر ذلك على دول الجوار الليبي، التي اعتبرها في مداخلات سابقة أنها "الأكثر تضررا والأكثر استهدافا من التواجد الأجنبي في المنطقة".
هل يغامر الرئيس تبون بتعيينه رئيس وزراء من خارج ثنائية "الأفلان" و"الأرندي"، مستندا إلى أن الحزبين الكبيرين لا يمتلكان غالبية برلمانية تمكن أيا منهما من تشكيل الحكومة، وهل ينجح تبون وجراد في استعادة ثقة الجزائريين بالنظام السياسي وإعادة الهدوء إلى الشارع الجزائري الذي لا يزال يرفض وجود تبون نفسه في قصر "المرادية"؟
جراد وعد بحكومة من الشباب والتكنوقراط، وتكون معبرة عن طموحات الشارع، لكن الأهم هل يستعيد ثقتهم؟
اقرأ أيضا: الإفراج عن معتقلي الرأي.. هل قرر تبون تلبية مطالب الحراك؟