نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الجهود الدبلوماسية القطرية الرامية إلى إنهاء الخصومة التي دامت عامين ونصف بين حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، قطر والمملكة العربية السعودية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن وزير خارجية قطر أجرى رحلة غير معلنة إلى الرياض الشهر الماضي للقاء كبار المسؤولين السعوديين، وهو إنجاز دبلوماسي يُعتبر من أهم الجهود المبذولة حتى الآن لإنهاء الخلاف بين حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، وفقًا للولايات المتحدة ومسؤولين عرب.
وحسب مسؤول عربي فإن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قدّم عرضًا مفاجئًا لوضع حد لهذا الخلاف أثناء وجوده في الرياض، حيث أعرب عن استعداد الدوحة لقطع علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة سياسية إسلامية لا تثق بها الملكية السعودية وحلفاؤها.
وذكرت الصحيفة أن هذه البادرة من شأنها أن تلبي الطلب الرئيسي الذي تقدمت به المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى عندما قطعت العلاقات الدبلوماسية مع قطر في سنة 2017، متهمة إياها بدعم الإرهاب، الأمر الذي تنفيه قطر. وقد أكد هذا المسؤول العربي أن السعودية تدرس اقتراح قطر. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الطرفان سيتفقان، بينما عبّر بعض الدبلوماسيين الأمريكيين الحاليين والسابقين، إلى جانب مسؤولين من المنطقة، عن شكوكهم حول إمكانية انتهاء الخلاف في المستقبل القريب.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على هذه المسألة أن زيارة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى الرياض، التي لم يُبلغ عنها سابقًا، سبقتها عدة جولات دبلوماسية مكثفة، توسطت الكويت في الكثير منها. وقد عُقدت بعض الاجتماعات على هامش قمة مجموعة العشرين في اليابان هذا الصيف، دون تقديم تفاصيل.
وأوردت الصحيفة أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين جنبا إلى جنب مع مصر، التي قاطعت قطر في حزيران/ يونيو 2017، أصدرت قائمة مكونة من 13 مطلبا تتضمن وقف قطر لتمويل الإرهاب، وإغلاق شبكة تلفزيون الجزيرة الفضائية، وتقليص العلاقات مع إيران.
إقرأ أيضا: حصار قطر.. دوافع ومبررات المشاركة في "خليجي 24"
وأضافت الصحيفة أن قطر لا تعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعةً إرهابية. وفي حين أنها تنفي تمويلها، فقد قدمت دعمًا سياسيًا لجماعات الإخوان وأعضائها بمن فيهم الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، الذي أطاح به الجيش المصري في انقلاب سنة 2013.
وأشار المسؤول العربي إلى أن اقتراح قطر إنهاء علاقاتها بهذه الجماعة يمثل الفرصة الواعدة حتى الآن لإنهاء العداوة، حيث صرح قائلا: "أعتقد أن هذا عرض جاد وغير مسبوق. وبما أن هناك مستوى من الشكوك، فإنه لابد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لإظهار مدى جدية العرض".
وذكرت الصحيفة أنه عند سؤاله عن التطورات الدبلوماسية، قال مسؤول قطري كبير إنه منذ بداية الأزمة "رحبنا بكل فرصة لحل الحصار المستمر من خلال الحوار المفتوح والاحترام المتبادل لسيادة كل دولة". أما فيما يتعلق بعلاقات قطر مع مجموعات مثل جماعة الإخوان المسلمين، أورد المسؤول القطري: "توجهت التزاماتنا دائمًا نحو دعم القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان وليس نحو حزب أو جماعة معينة". وأضاف قائلا: "لقد أسيئ فهم الدعم الذي نقدمه من قبل أولئك الذين يسعون إلى عزل قطر، ولكن الحقائق توضح موقفنا". ومن جهتها، لم تستجب السفارة السعودية في واشنطن لطلب التعليق على هذه المسألة.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين السعوديين والقطريين يستعدون لعقد لقاء آخر لمناقشة التفاصيل التي ستحدد بالضبط ما ترغب الدوحة في فعله لقطع العلاقات مع مختلف جماعات الإخوان المسلمين. وحيال هذا الشأن، قال المسؤول العربي "توجد قوة تدفعنا إلى الأمام، لكننا لن نبدأ من مكان يثق فيه الجميع". وتابع قائلا "نحن بحاجة إلى مواصلة التفاوض وكسب الثقة حتى نصل إلى مستوى جيد من التفاهم".
وأوضحت الصحيفة أن جهود المملكة العربية السعودية الدبلوماسية تمثل جزءا من خطوة أوسع من جانب الرياض لحل الخلافات الإقليمية التي شوهت صورة المملكة على الصعيد الدولي. وتعمل الرياض على تخليص نفسها من الحرب في اليمن والشروع في محادثات جديدة مع إيران، التي اتُهمت بتنفيذ سلسلة من الهجمات المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك غارة جوية شنتها الطائرات دون طيار في 14 أيلول/ سبتمبر والتي ضربت قلب صناعة النفط السعودية.
وحسب أشخاص مطلعين على القضية فإنه على الرغم من أن السعوديين قد يوافقون على المصالحة مع قطر، إلا أن الإمارات العربية المتحدة وزعيمها ولي عهد أبوظبي الأمير محمد بن زايد، لا يزالون متشككين. ووفقا لجيرالد فايرستاين، وهو مسؤول سابق رفيع المستوى في وزارة الخارجية وسفير في اليمن، يوجد بعض الأمل بأن تقل حدة الخلافات في العلاقات الخليجية. وفي حين توجد مؤشرات على التقارب بين السعوديين والقطريين، فليس من الواضح تمامًا أن يحصل ذلك في الواقع بين الإماراتيين والقطريين، على حد قول فايرستاين.
وأفادت الصحيفة بأن أحد المؤشرات العلنية الدالة على التقارب بين البلدين تأتي في شكل "دبلوماسية كرة القدم" خلال هذا الأسبوع، عندما وصلت فرق من البلدان التي قاطعت قطر إلى المنافسة في بطولة كأس الخليج في الدوحة. وتجري محادثات حول عقد اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي أيضا. وتتكون المجموعة من السعوديين، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، البحرين، قطر وعمان. ويمكن أن يساعد مثل هذا الاجتماع في تقديم جبهة موحدة فيما يتعلق بإيران.
FP: هكذا وظفت السعودية إماما ورجل أعمال لتشويه إلهان عمر
FT: لماذا تتنافس دول الخليج على المناسبات الرياضية؟
آسيا تايمز: هذه مؤشرات إعادة تقييم دول الحصار لعلاقتها مع قطر