وأخيرا، جعل الرئيس دونالد
ترامب الأمر رسميا، إذ أكد اعتزام بلاده الانسحاب رسميا من اتفاقية باريس للمناخ،
في غضون سنة، أي بعيد انتخابات 2020 الرئاسية، الخطوة تمت الاثنين الماضي، الذي
كان أول يوم ممكن للخروج من الاتفاقية، التي تنص على فترة انتظار تعادل السنة، كما
حددتها الأمم المتحدة.
وتعليقا على هذا، كتب برادي دينيس، من صحيفة
«واشنطن بوست»، يقول: «في حال فوز ديمقراطي بالبيت الأبيض، فتستطيع البلاد
الانضمام مرة أخرى إلى الاتفاقية، بعد غياب قصير، مثلما تعهد بذلك عدة مرشحين»،
مضيفا: «لكن في حال فوز ترامب، فربما ستقوي إعادة انتخابه الانسحاب طويل الأمد
للولايات المتحدة، التي لعبت دورا أساسيا في المساعدة على صياغة الجهد العالمي، في
عهد الرئيس باراك أوباما».
ترامب لا يخفي كرهه لاتفاقية باريس، التي
وصفها بـ«الكارثة الحقيقية» على الشركات الأمريكية، وفضلا عن الانسحاب من
الاتفاقية، عكف البيت الأبيض على تفكيك القوانين البيئية التي سنت في عهد أوباما،
ويشمل ذلك خوض معركة مع حكومة ولاية كاليفورنيا، بسبب معايير كفاءة الوقود الصارمة
التي تطالب شركات صناعة السيارات باحترامها، وخطوة فدرالية أعلن عنها هذا الأسبوع،
تروم تخفيف القوانين المتعلقة بكيفية تخزين محطات توليد الطاقة الكهربائية
النفايات الناجمة عن حرق الفحم.
لكن عداء ترامب للجهود العالمية الجماعية
الرامية لتقليص الانبعاثات، يجعله على خلاف مع بعض من أبرز الشركات الأمريكية،
التي تدرك التأثيرات طويلة المدى لتغير المناخ على ماليتها، كما تُظهر استطلاعات
رأي حديثة، أن أغلبية مهمة من الأمريكيين ترى أن ترامب يفعل أقل مما ينبغي لمعالجة
مشكلة تغير المناخ، فيما بات نحو 8 من أصل كل 10 أمريكيين يؤمنون بأن النشاط
البشري مسؤول عن الاحتباس الحراري.
وفي الأثناء، تحاول إدارة ترامب تصوير نفسها
كلاعب عاقل ومسؤول، وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية مايك بومبيو، في بيان
الاثنين: «في النقاشات الدولية حول المناخ، سنواصل تقديم نموذج واقعي وبراجماتي..
ما يظهر أن الابتكار والأسواق المفتوحة تؤدي إلى ازدهار أكبر، وانبعاثات أقل،
ومصادر طاقة أكثر أمنا».
غير أن بقية العالم نفد صبرها، فبينما يجلس
الرئيس في واشنطن بلا حَراك، يحذر جيش كبير من الخبراء من عالم يزداد سخونة، فقد
أعلن تقرير جديد لـ11 ألف و258 عالما من 153 بلدا، أن الكوكب «يواجه بشكل واضح، لا
لبس فيه، حالة طوارئ مناخية»، ودعا الحكومات إلى «تطبيق فعالية طاقية كبيرة
وممارسات المحافظة عليها»، وإلى ترك ما تبقى من الوقود الأحفوري العالمي غير
المستغل، مثل الفحم والنفط، في باطن الأرض، هذه التدابير الراديكالية ضرورية بسبب
جسامة الخطر المحدق بالكوكب، كما يؤكد العديد من العلماء والمدافعين عن سياسة
مناخية.
اتفاقية باريس للمناخ، حددت هدف الإبقاء على
ارتفاع حرارة الكوكب «دون» درجتين مئويتين، لكن التعهدات التي وعدت بها البلدان في
2015، بشأن تقليص حجم الانبعاثات، بات يُنظر إليها باعتبارها غير كافية للتعاطي مع
الأزمة القائمة، وفي هذا الإطار، وجد تحليل قامت بها «واشنطن بوست»، مؤخرا،
لمجموعات بيانات متعددة، تتعلق بدرجات الحرارة، أن «عدة مواقع حول العالم» ارتفعت
فيها الحرارة بدرجتين مئويتين على الأقل، خلال القرن الماضي.
الخطوة التي أقدم عليها ترامب، تزيد من تركيز
قرص الضوء على القمة العالمية المقبلة للمناخ، الشهر القادم، في مدريد، كما يتوقع
أن يكشف زعماء عالميون، في أعقاب اجتماعات الشهر الماضي في نيويورك، عن خطوات أخرى
لتقليص الانبعاثات، حتى في غياب زعامة أمريكية.
وفي هذا الإطار، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل
ماكرون، مؤخرا، خلال زيارته للصين: «إذا كنا نريد الالتزام باتفاقية باريس،
فسيتعين علينا أن نعزز التزاماتنا بتقليص الانبعاثات، وأن نؤكد التزامات جديدة
لـ2030 و2050». وقال: «إن التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي بهذا الشأن أساسي..
والعام المقبل ينبغي علينا أن نكون جميعا في مستوى المهمة».
(الاتحاد الإماراتية)