أفكَار

السودان.. نقاش حول جدوى وزارة الثقافة في البناء الديمقراطي

المثقفون السودانيون يناقشون تحديات الخطاب الثقافي بعد نجاح ثورتهم (الأناضول)

هل تحتاج الثقافة إلى وزارة؟ يظل هذا السؤال مطروحا كلما ناقش المبدعون أحوالهم ومستقبل نشاطهم، وهكذا هو الوضع يثار هذه الأيام في الخرطوم بعد أن شُكلت حكومة انتقالية على أنقاض نظام سياسي ظل مهيمنا بشكل أحادي على أوجه الثقافة المختلفة في السودان لمدة قاربت الثلاثين عاما، رغم ما تخللته هذه السنوات من انفراجات لا يمكن تجاهلها.

لكن الوضع يتغير الآن، إذ يشهد السودان بعد الثورة الشبابية، حالة انتقال من نظام إلى آخر، في مناخ واسع من الحريات، ما يدفع بإثارة الأسئلة الفلسفية بشكل أكثر جرأة، حول هوية البلاد المتعددة، وامكانية صياغة وجهته الثقافية برؤية مختلفة عن السابق، بيد أن هذا الانتقال يصطدم بالواقع البيروقراطي، والحاجة إلى سياسات جديدة للثقافة، لكن في الأمر جدل قديم متجدد حول إن كانت الثقافة تحتاج إلى سياسة أم أن الثقافة هي نفسها سياسة؟

هذه الأسئلة تدور منذ سنوات في نقاشات المبدعين والمشتغلين في الحقل الثقافي المرتبط بالفنون المختلفة، كما هي أيضا قضية اشكالية يبحثها المفكرون والباحثون، إلا أنها تثار الآن باعتبار أن السودان يشهد تحولات تتطلب أن يقدم المبدعون والمثقفون رؤى وأفكارا لسيناريو المرحلة فيما يلي الثقافة، وكيفية التعامل مع هذا الملف الشائك، وإمكانية وضع سياسات لإدارة الثقافة في البلاد دون أن يلقي بمجالاتها المختلفة في شباك السلطة، أو يضعها تحت تصرف المؤسسات القابضة (التبعية)، ومواجهة احتمالات تحول الثقافة من نشاط حر ومتمرد إلى نظام بيروقراطي وإجراءات إدارية يتحكم بها الساسة، ومن ثم لا تجد حظها من الاهتمام كما جرت العادة، عندما يختزل المفهوم العميق للثقافة بمعناها الواسع إلى حقيبة وزارية تصنع عمدا لإرضاء المبدعين أو من أجل تجميل وجه (اللعبة القذرة).

مبادرة للحوار الثقافي

في هذه الأجواء، دعا مجموعة من المثقفين ينظمون مبادرة للحوار الثقافي والتنوير، إلى عصف ذهني بعنوان (السياسات الثقافية)، طرح من خلالها عضو المبادرة هيثم خيري ورقة تضم نقاطا لسياسات الثقافة في ظل الحكم الانتقالي في السودان، وذلك عبر جلسة مسائية عقدت في مقر المجلس الأعلى للثقافة والفنون في العاصمة الخرطوم الجمعة الماضية.

وقدمت الورقة مفهوما نظريا للتطور التاريخي لمفهوم السياسات الثقافية، والتعريف بجوهر السياسة الثقافية، قبل أن تدلف مباشرة إلى الحزمة الثقافية التي تنظر فيها الورقة وفي مقدمتها المنظومة السياسية المقترحة والبنية المؤسسية والتنظيمية للجهات التي تعمل في موضوع الثقافة والجهات التي يخول لها الدستور الانتقالي إدارة الشأن الثقافي، والتبعية الإدارية وصنع القرار والإدارة الثقافية، وتشمل البنية المؤسسية والتنظيمية، والجهات العاملة في الحقل ومستوى للتنسيق بينه، إضافة إلى التعاون المهني مع المؤسسات الدولية، والسياسات بالمؤسسات الخارجية، إلى جانب السياسات داخل القطاع المدني المستقل والقطاعات المهنية، وسياسات داخل القطاع الخاص.

 


 
ولاحظ مقدم الورقة في هذا الخصوص أن هنالك أسئلة تبرز حول كيفية المراجعة للهيكل التنظيمي لوزارة الثقافة والوزارات ذات الصلة، هل أن الأفضل الإبقاء على الشكل القديم وتطويره على مستوى البرامج والأنشطة، وأن ينشأ مجلس أعلى للثقافة تنضوى تحته كافة الوزارات ذات الصلة، والاستفادة من الموارد البشرية، وفي البال أن النظام البائد كان يتعامل مع الثقافة كالمنطقة العسكرية (ممنوع الاقتراب منها والتصوير)، كما عمد إلى تمكين منسوبيه لهذه المؤسسات، مناديا بالتفكير حول كيفية انخراط المثقفين والفنانين في أنشطة الثقافة وإدارتها، فضلا عن التدريب وتطوير القدرات ووضع خطة في هذا الشأن.

وفيما يخص الاستراتيجي، فإن ورقة محاور لسياسات الثقافة، تقترح وضع أولويات وأهداف رئيسية للعمل عليها من أجل تحرير الثقافة والفكر، وتحقيق قيم وأهداف الثورة، وتغيير المزاج العالمي حول السودان وكسر العزلة، والبحث عن معالجات لاشتغال الثقافة في دعم التنوع الثقافي وخلق بيئة صالحة للتعايش السلمي والحفاظ على حقوق المجموعات المختلفة، وتكوين الهوية الوطنية للسودانيين، والتعامل مع تعدد اللهجات واللغات، وتحقيق العدالة وإتاحة حرية التعبير، ودعم وتشجيع الصناعة الثقافية.

 

شهد السودان بعد الثورة الشبابية، حالة انتقال من نظام إلى آخر، في مناخ واسع من الحريات، ما يدفع بإثارة الأسئلة الفلسفية بشكل أكثر جرأة، حول هوية البلاد المتعددة، وامكانية صياغة وجهته الثقافية برؤية مختلفة عن السابق


ورأى هيثم خيري في حديث مع "عربي21" أنها هذه موضوعات على الناشطين في وضع السياسات الثقافية الانتباه إليها في هذه المرحلة الانتقالية.

وقال خيري: "إن النظام البائد وضع السودان في محاور عربية معروفة، بينما ندعو إلى إعادة التوازن، وذلك يحتاج إلى تفكير ونقاشات حول كيفية إعادة التوازن في موضوع السياسات الخارجية والانفتاح إلى محاور عالمية وإفريقية أخرى، وقياس مدى استفادة السودان مقارنة بدول قريبة منه بالعلاقات الثقافية الخارجية، في حين يحظى السودان بإمكانات ثقافية تضاهي موارد بعض الدول التي حققت علاقات ثقافية كبيرة ولا تملك تلك القدرات مثل السودان، ما يحتم على الناشطين في وضع سياسات للثقافة النظر في معايير الاختيار لوظائف الحقل الثقافي، وشغل الملحقيات الثقافية وفرص الترويج للثقافة السودانية خارجيا.

كما أشار خيري في ورقة مبادرة محاور لسياسات الثقافة، إلى العبء الذي تحمله القطاع المدني الخاص خلال السنوات الماضية، مع التضييق الذي واجهته مؤسسات الثقافة الرسمية والخاصة في آن، موضحا أن النظر غلى سياسات ثقافية يجب أن يشمل القطاع الخاص، والحاجة إلى مراجعة وإصلاحات في القوانين والتقليل من دور السلطات الحكومية، وتوسيع المشاركات الشبابية والمجتمعية، وتحقيق الشفافية. 

 



وأوضح هيثم خيري أنه في ظل الظروف السياسية الصعبة التي واجهها السودان، هربت الكوادر السياسية إلى المنظمات الثقافية، وحاولت تمرير خطها السياسي ما أعاق العمل المدني الثقافي المستقل، مشيرا إلى أن ذلك لا ينفي المساهمة التاريخية للقطاع الخاص في الثقافة خصوصا الشركات الكبيرة التي بدأت تنتبه لموضوع الثقافة، وباتت تفهم ماذا تعني الثقافة في إطار التسويق لهذه المؤسسات، لكن السودان يحتاج لكيفية بناء شراكات كبيرة وتشجيع للاستثمار في الثقافة وتقديم خدمات اجتماعية مرتبطة بالثقافة.

وفي محور النصوص القانونية والتشريع، نادت الورقة بنقاشات حول النشريع العام والدستور، وتوزيع سلطة الاختصاص، وحرية التعبير والتنظيم، وتخصيص الأموال في الموازنة العامة للثقافة، وأطر الضمان الاجتماعي للمشتغلين في الثقافة من مبدعين، وقوانين الضرائب والجمارك، وقوانين العمل، والتأليف والنشر والملكية الفردية، إضافة إلى قانون الحصول علي المعلومات، واللغة، التشريعات الخاصة بالقطاعات المختلفة في الثقافة. 

وتساءلت الورقة بشأن تمويل الثقافة ومعيار الإنفاق العام على الثقافة مقارنة بالإنفاق على المستويات الحكومية الاخرى، وإن كان المعيار يتصل بالإدارة والأصول والبرامج، فضلا عن معيار إنفاق الفرد على الثقافة من ناحية المال والوقت.

وتحدثت ورقة مبادرة سياسات الثقافة عن أهمية الدعم الحكومي، ودور الجمهور في المشاركة بالعمل الثقافي والسياسات والبرامج المحفزة على هذا الاتجاه، وتعليم الفنون وجعل الثقافة جزءا من مناهج التعليم العام ودعم البحث الثقافي وتحفيز المساهمة الثقافية، وتشجيع الانشطة الثقافية الغير احترافية.

وتطرح الورقة أولويات في سياسات الثقافة تشمل موضوعات التنوع الثقافي، المساواة، التعددية، والصناعة الثقافية، وتضع تحديات تواجه هذه السياسة أبرزها إكمال مشروعات التحول الديمقراطي، وتكامل الخطط علي المستويات الاستراتيجية، إضافة إلى أسئلة الهوية والتعايش السلمي، وتحديد فكرة الثقافة الوطنية.

 



الورقة التي طرحتها مبادرة الحوار الثقافي والتنوير (محاور)، حققت مبتغاها بتحفيز العصف الذهني خصوصا وسط نخب المبدعين، وبدأت الأسئلة تثار حول الفكرة الرئيسية للمبادرة وكيفية تحقيقها على أرض الواقع رغم اختلاف المبدعين على آليات تنفيذها على أرض الواقع، إذ لا تزال هواجس المبدعين مستمرة في حال تحولت آليات الثقافة ووسائلها إلى مؤسسات رسمية تقود الأنشطة الثقافية إلى أزمة التبعية.

وفي تعقيبه على المبادرة يقول المخرج الدرامي الأنور محمد صالح لـ"عربي21": "إن المبادرة هي محاولة من أجل اللحاق بالمشروع الانتقالي الذي ترتب على ثورة كانون أول (ديسمبر) في السودان، ما يدفع بالمبادرة لأن تكون غير جذرية في فكرة السياسات الثقافية، داعيا إلى عصف ذهني أكثر عمقا يعيد للمواطن السوداني حقه في الثقافة، موضحا بأن للسودان تاريخ سياسي وثقافي زائف لأن وجهة النظر التي كتبته غير دقيقة، وتم الاعتماد عليها في كثير من الأحيان ما يحول التفكير إلى ما يمكن تسميته بـ"التخطيط الوهمي"، ويجعل حديث المبدعين عن الثقافة هو حديث متعلمين وليس مثقفين.

ويدعو الأنور إلى أن المشروع الثقافي الذي يجب طرحه أن يجيب على سؤال: ماذا نريد؟ وكيف نفعل ذلك؟ وأكد أن الثقافة تتمثل في منح كافة المواطنين الحق في التعبير عن ثقافاتهم، وأن ندير هذا التنوع بأن نحول المواطنين إلى مشاركين لأن العلاقة التنموية التي تحدث هي أن يكرس المجتمع مفاهيم وتصبح عقدا اجتماعيا ملزما، لكن الدول التي لديها نشاط حياتي قوي تسمح بالتمرد على العقد الاجتماعي من قبل طرفين هما المبدعون والعلماء، مؤكدا بأن السودان يصنع دولة إذا حدث توازن بين السلطة المركزية وبين حق العلماء والمبدعين في التمرد على السائد.

ووفقا للأنور فإن أي حديث عن إدارة الثقافة بطريقة الدولة الشاملة لن تجدي، لأن الثورة السودانية هي ثورة ليبرالية يسارية إلى حد كبير، وفي حال لم نسمح لكثيرين بحقهم في التعبير لن نستطيع إدارة الثقافة، لأن الوضع المعاصر غير من ديناميكيات المجتمعات.

وأضاف: "أنا ضد أي حكومة تكون لديها سلطة على الثروة والجيش وفي الوقت نفسه يكون لديها سلطة على الثقافة، لأنها سوف تمتلك الحقيقة والقوة والمال وهو طريق الديكتاتورية والفاشية".

 


 
وتابع الأنور محمد صالح: "إن جغرافية السودان لا تمكننا من أن نطلق على السودان مصطلح دولة، لأنها جغرافية منقوصة السيادة استطاع الاستعمار الأنجليزي أن يصنع فيها معسكرات تحولت إلى مدن بكثافة سكانية ضعيفة، وأصبح هاجس المتعلمين من السكان أن يعكسوا هذه الجغرافيا المنقوصة، ما أنتج فارقا يمنع الحياة السليمة والمؤدية إلى إنشاء دولة حتى يصل السودانيون إلى الاندماج ثم إنتاج خطاب ثقافي ثم مشروع ثقافي وطني".

وأوضح بانه يتفهم الذين يهاجمون الثقافة الإسلاموية العربية ويهاجمون المركز باعتباره قامع الهامش، ولكن لا نستطيع أن نصنع دولة ما لم يكن لدينا جغرافيا كاملة السيادة وإدارة بمطلوبات السودانيين، لأن السودان ورث دولة قبلية، ولسوء الطالع فإن هذه القبائل لم يستطع المبدعون والمتعلمون تطمينها للذهاب إلى مشروع ثقافي وطني، وتمترست في ثقافتها، بل حتى النسخة الدينية ظلت خليطا مع عبادة الأسلاف والاديان السابقة، ولسوء الطالع أيضا فقد ظلت الثقافة منذ عهد الاستعمار الأنجليزي تتبع للاستعلامات والأمن لذلك صارت ضابطا اجتماعيا وسياسيا، والآن لا توجد وزارة ثقافة في كثير من دول العالم ولا حتى في الفلسفة السياسية لا يوجد من يدير الثقافة، لأن الثقافة إبنة البيئة.

 

تحديات بناء سياسة ثقافية جديدة
 
حول هذا الموضوع الشائك لصناعة سياسات الثقافة بعد التحول الثوري الكبير في السودان، تحدثت "عربي21" إلى الشاعر الشاب مغيرة حربية الذي رأى بأن ما فعلته وزارة التخطيط الاجتماعي في مطلع حكم الرئيس المعزول عمر البشير، يجدر أن تمحوه وزارة ثقافة ثورة أيلول (سبتمبر) المجيدة، موضحا بان حكومة البشيرانتدبت الإنقاذ أشرس رجالاتها لتدمير، وعن عمد، الحياة السودانية وأطلقت مشروعها الأيديولوجي الذي أسمته (المشروع الحضاري) وسندته ببدعة (الإحياء الثقافي) اللذين هدفا لإعادة صياغة الإنسان السوداني وفق تصورات المشروع الإسلاموي الإقصائي فدمرت البنى الثقافية والقيم الاجتماعية للسودانيين وحاولت محو إرث متعاقب وطويل لما يزيد عن سبعة ألف عام بلا مبالغة، تحرس، كل ذلك، دبابة في الشارع وبندقية مصوبة للصدور.

 

أي حديث عن إدارة الثقافة بطريقة الدولة الشاملة لن تجدي، لأن الثورة السودانية هي ثورة ليبرالية يسارية إلى حد كبير


ويرى الشاعر مغيرة أن ما خربته حكومة البشير اجتماعيا، يجدر أن يرممه المثقفون ومن خلفهم وزارة ثقافة مستقلة كما يشير الناقد، محمد جميل في وضع خطط وسياسات ثقافية سودانية شاملة ومتنوعة، ومنتجة في الوقت ذاته لمفاهيم نظرية معرفية جديدة تتناول قضايا، كالدين والهوية والمواطنة والتنوع والذات والآخر والتاريخ الثقافي للسودانيين وغيرها، عبر رؤى وتصورات ودراسات وأبحاث تختبر مبادئ تفسيرية جديدة لتلك المفاهيم، وتحشد للمهام الفكرية والثقافية خيرة المفكرين والمبدعين السودانيين لتغذية الأجهزة الإعلامية والوزارات المختلفة (لاسيما وزارتي التعليم والإعلام) بالبرامج والنظم الثقافية التي تعكس، كما يشير جميل، للجميع هوية سودانية متصالحة مع الذات والعالم عبر مبادئ المواطنة والحرية والحوار كآلية اتصالية وحيدة لإدارة الاختلاف بين السودانيين جميعاً.

وحسب مغيرة فإن من الأفضل للمبدعين والمثقفين وكافة السودانيين (عقلنة الخطاب الثقافي)، إذ أن الخطاب الثقافي السوداني السائد ينهض على ميكانيزمات أسطورية ووجدانية تأسست على رافعة الجد الآله ثم ورث الدين ذلك سواء أكان هذا التدين في نسخته الشعبية الصوفية أو نسخته الأيدولوجية والرسمية، تلك النسخة التي غذتها الحكومة البائدة بمحمولات العنف في حدوده القصوى فبترت الجنوب ومزقت الأقاليم الأخرى. واعتبر أن خطابا ثقافيا عقلانيا من شأنه أن يؤسس لمجتمع التسامح والسلام وقبول الآخر وتبادل التنوع وإدارته.

وأشار إلى أن التحدي خلال فترة انتقالية وثورية محدودة مناط بها مهام محددة، يتطلب من المتنورين والمثقفين والفاعلين في الحقل الثقافي وحتى الوزارة مهام بنائية هائلة، ففيما يلي الوزارة، يتصل بوضع مشاريع البنى التحتية والمادية لأجهزة الدولة، كالمؤسسات الثقافية والمكتبات العامة والأندية الثقافية وإدارة العلاقات الثقافية الخارجية، وتنظيم مهرجانات الإبداع في البلاد. واعتماد بنية شبكية للعمل الثقافي وسياساته ومؤسساته في جميع أقاليم السودان ومدنه.

وبما أن الثقافة فعل أهلي تحتم ضرورة ديمقراطية وحريته الكاملة، يضيف المغيرة، فمن الضروري فك أي شكل من أشكال ارتباطاته ببنبة السياسات الحكومية عدا مسألة التمويل اللازم وتهيئة المناخ المناسب ببناء مؤسساته الديمقراطية وتشريعاته الحرة وبنياته التحتية والإعلامية فالدول الديمقراطية والحرة لا تقبل لشعوبها أية وصاية كما لا تقبل هذه الشعوب أية وصاية سلطوية لأن الشعوب الحرة تمضي لغدها مرفوعة الرأس وترى الطريق جيدا.

ويعتقد المغيرة أن على عاتق المفكرين والمثقفين السودانيين واجب إعلاء الخطاب الثقافي لأقصى مدى ممكن، ما يساعد في الرفع من لغة الخطابين السياسي والاجتماعي والعمل بجدية، في المواقع الثقافية الأصيلة بابتدار حوار ثقافي عريض بين مكونات المجتع السوداني وإعادة تعريف الثقافة والمثقف ودورهما في المجتمع، فالمثقف ليس نخبويا ولا الثقافة ترفا، وفق تعبيره.