ما زال الاسرائيليون يبحثون جدوى العودة لسياسة الاغتيالات ضد النشطاء الفلسطينيين، والتعرف على تبعاتها عليهم، مع خروج مواقف متباينة منها.
فقد
قال يورام كوهين رئيس جهاز الأمن العام-الشاباك السابق، إن "الاغتيالات سلاح
فعال ضد المنظمات الفلسطينية، لأن الردع يتم تحقيقه من خلال الأفعال على الأرض، والضعف
الإسرائيلي يظهر فور أن نكتفي بالتصريحات السياسية، لأن مهمة الاغتيال هو منع المس
بمواطني إسرائيل من خلال عمليات مسلحة على المدى الفوري، والاعتبارات التي تحكم
تنفيذ هذا الاغتيال أو ذاك هو التبعات التي ستقع في اليوم التالي".
وأضاف
في لقاء مع صحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أنه "في أحيان كثيرة يكون سلاح الاغتيالات فعالا في المستويات القيادية
للتنظيمات الفلسطينية، وتحقيق الردع تجاهها، صحيح أنهم سيعينون قائدا جديدا بدل من
تم اغتياله، لكن القدرات القيادية لن تكون كسابقه، مع أن ما يحوزه الفلسطينيون في
غزة من قدرات صاروخية كبيرة، تجعلنا مردوعين عن تنفيذ اغتيالات فورية بحق قادتهم".
كرمل
ليبمان مراسل القناة 12 الإسرائيلية قال إن "بداية الجولة الأخيرة من التصعيد، أثبتت أن الضربة الأولى المتمثلة بالاغتيال كانت فعالة، حيث تم تنفيذها من قبل وحدة
العمليات الخاصة في جهاز الشاباك، مما يعني أنه بعد خمس سنوات من توقف الاغتيالات،
ربما أعادت إسرائيل استئنافها من جديد".
ونقل
عن الجنرال غيورا آيلاند الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي قوله في تقرير ترجمته "عربي21"، إن "الاغتيال يأتي لإحباط
عمليات مفاجئة ضد إسرائيل، مما سيسفر عنه جولة تصعيد واسعة، لكن إسرائيل حينها
تكون يدها هي السفلى، لكن في حال بادرت إسرائيل للاغتيال فإن ذلك يمنحها يدا أعلى،
وتمنع وقوع تلك الهجمات بصورة استباقية".
وأضاف
أنه "شارك في غرفة عمليات الاغتيالات منذ بداية الانتفاضة الثانية، وكانت
معاييرنا الأساسية مدى خطورة الهدف، ومنع عملية استباقية، وطبيعة تأثيرها على
مجريات المعركة في حال اندلاعها من جديد، بحيث تكون الجدوى أكبر من الضرر الجانبي
الذي قد ينشأ من عملية الاغتيال ذاتها، ولا يكون من وسيلة أخرى لوقف المستهدف عن
العمل ضد إسرائيل سوى الاغتيال".
وقال: "لا أرى حاجة لاستئناف الاغتيالات من جديد، لأنها قد تسفر عن جولات
تصعيدية جديدة، ونحن نسعى لتحقيق هدوء زمني أطول".
الجنرال
إيتان بارون الرئيس الأسبق لشعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية-أمان، قال
إن "قرار الاغتيال يتم تنفيذه أم لا، آخذا بعين الاعتبار الجدوى المترتبة عليه
من جهة، والمعايير القانونية من جهة أخرى".
وأضاف
أن "من بين المعايير أن يرى المستوى السياسي والعسكري في قرار الاغتيال مدى
وجود بديل لمن سيتم اغتياله، خاصة في المستويات القيادية العليا، وأن نلحظ تغيرا
استراتيجيا كبيرا، أو تدهورا في بنية التنظيم الذي ينتمي إليه، ومن جهة ثالثة التأثيرات
الفورية على الأرض لهذا الاغتيال، وطبيعة التغيير الذي سيطرأ على التنظيم من
الناحية الميدانية العملياتية".
ناتي
يافيت الكاتب في موقع "زمن إسرائيل"، قال إن "فعالية الاغتيالات ما زالت
محدودة على صعيد إضعاف المنظمات الفلسطينية المسلحة، لأن وقف إطلاق النار على إسرائيل
يثير مسألة محدودية نتائج الاغتيال، خاصة إذا كان يعقبها فقدان أرواح في إسرائيل وغزة،
واستهداف الجبهة الداخلية، والخسائر الاقتصادية في كل جولة قتالية تعقب عملية اغتيال".
وأضاف
في تحقيق مطول ترجمته "عربي21" أن
"جدوى الاغتيالات تصلح مع المنظمات الفلسطينية الصغيرة، رغم أنها تثير مزيدا
من الرغبة بالانتقام من إسرائيل لتنفيذ العمليات ضدها، في حين أن اغتيال القادة السياسيين
تبدو أكثر خطورة وآثارا، لكنها في الوقت ذاته تعتبر كسرا للقواعد العامة".
الجنرال
شاؤول شاي الباحث في معهد "السياسات ضد الإرهاب" في هرتسيليا، قال إن "بعض من يتم
اغتيالهم يساوون وزن التنظيم بأسره، فهؤلاء يشكل اغتيالهم هدفا بحد ذاته، بحيث
يبدو التنظيم بعدهم بصورة أخرى تماما".
وأضاف
أن "الاغتيالات صحيح أنها لا تحل كل المشاكل الأمنية لإسرائيل، ولا تقضي كليا
على التنظيم الفلسطيني، لكنها تأتي في إطار صراع فيزيائي ملتحم، حينها تعتبر
الاغتيالات سلاحا فعالا".