زار عدد من المسؤولين الليبيين والدوليين العاصمة الأميركية واشنطن خلال اليومين الماضيين لبحث آخر تطورات الأزمة الليبية والوضع العسكري الراهن.
وطرحت هذه الزيارات، تساؤلات عن سر الاهتمام الأميركي بالملف الليبي الآن، وما إذا كان للأمر علاقة بمؤتمر برلين المرتقب.
وزار كل من وزير الخارجية الليبي، محمد سيالة ووزير الداخلية الليبي، فتحي باشاغا الولايات المتحدة الأميركية التقيا خلالها بعدة مسؤولين، وكذلك أعضاء في الكونغرس، وذلك لبحث مسائل تعزيز التعاون لتحقيق الأمن والاستقرار، والتنسيق في مكافحة الإرهاب"، وفق بيان مشترك.
كما زار وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، أمس السبت، واشنطن التقى خلالها مستشار الأمن القومي الأمريكي، روبرت أوبراين، لبحث تطورات الأوضاع في الأزمة الليبية، كاشفا عن استضافة بلاده اجتماعا لدول الجوار الليبي في الأول من كانون أول/ ديسمبر المقبل، وفق وكالة "آكي" الإيطالية.
تحذير حفتر
وخلال زيارة الوزيرين الليبيين، دعت الولايات المتحدة، اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، إلى إنهاء هجومه على العاصمة طرابلس، معتبرة أن ذلك سيؤدي إلى "تسهيل المزيد من التعاون بين الولايات المتحدة وليبيا لمنع التدخل الأجنبي غير المبرر، وتعزيز سلطة الدولة الشرعية، ومعالجة القضايا الكامنة وراء الصراع".
وأثار التحذير الأميركي لحفتر والزيارات المتتالية لمسؤولين مختصين بالملف الليبي وتداعياته إلى واشنطن بعض التساؤلات من قبيل "هل ستكون أمريكا هي المتحكمة في ملف ليبيا ومتصرفة فيه بعد فشل دولي واضح؟ وهل سيؤثر ذلك على مؤتمر برلين المرتقب؟".
موقف أميركي نشط
وزير التخطيط الليبي الأسبق، عيسى التويجر أشار إلى أن "من أسباب تأخر الإعلان عن موعد وانعقاد مؤتمر برلين هو الموقف الأميركي الذي لم يكن واضحا من الملف الليبي، فأمريكا لاتهتم متى كان المتدخل أوروبيا مثل "فرنسا أو إيطاليا أو غيره، لكن عندما تتدخل روسيا يصبح الأمر مختلفا".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أنه "بعد التصريحات الأميركية والزيارات المتتالية لواشنطن من قبل مسؤولين محليين ودوليين فإن الموقف الأميركي من الملف الليبي بدأ ينشط وقد نشهد تطورا واضحا في هذا حلحلة الأزمة"، كما توقع.
تحرك ضد نفوذ روسيا
الكاتب والمحلل السياسي الليبي، السنوسي إسماعيل الشريف أوضح أن "ما جعل الولايات المتحدة توجه تحذيرا لحفتر بضرورة وقف هجومه على طرابلس هو زيادة التدخل الروسي والنفوذ لدعم الأخير رسميا بالسلاح أو غير رسميا عبر شركة "فاغنر"، لذا اتهمتها واشنطن بوضوح بأنها تشارك في الحرب الأهلية في ليبيا".
وأضاف أن "كثيرا من التوقعات حاليا تشير إلى أن الولايات المتحدة لن تسمح لروسيا بمد نفوذها في ليبيا ولن تسمح لحفتر بمزيد من النزوع للحل العسكري، وكون حكومة الوفاق الليبية حليفة للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب فقد نجحت في تحريك المخاوف الرسمية الأمريكية من تمدد روسيا في ليبيا"
وتابع لـ"عربي21": "كما نجحت في إثارة مخاوق واشنطن من نزوع حفتر للتحالف مع الروس وتمكينهم من الإطلالة على المياه الدافئة لتصبح في مواجهة أوروبا مباشرة وما يتبع ذلك من تهديد حقيقي للأمن القومي الأميركي وللمصالح التجارية الأمريكية"، حسب كلامه.
سياسة "لي الأذرع"
الباحث التونسي في العلاقات الدولية، زار مقني أكد أن "الدبلوماسية التي قامت بها حكومة الوفاق بدأت تثبت صحتها، خاصة بعد الموقف الأميركي الصريح بمطالبة حفتر بإيقاف هجماته على طرابلس، وكذلك يمكن أن نقرأ الموقف الأمريكي من منظور دولي آخر وهو الصراع الخفي بين "واشنطن وموسكو".
وأوضح لـ"عربي21" أن "انخراط موسكو غير المباشر في خراب طرابلس كان القشة التي غيرت بوصلة أمريكا من دعم غير مباشر للشرق الليبي إلى اتخاذ موقف مضاد، خاصة وأن الإدارة الأمريكية تقوم بضغوط كبيرة على الدول التي تعتبرها حليفة لكي لا تقوم بصفقات سلاح مع روسيا مثل تركيا ومصر، لذا تطبق واشنطن سياسة لي الأذرع وهو ما قد يجبر دول مثل فرنسا عن التراجع عن دعم حفتر"، حسب تقديراته.
اقرأ أيضا: المشري يكشف لـ"عربي21" الدول الداعمة لحفتر (شاهد)
إدانة أممية لـ"الإمارات والأردن" بدعم "حفتر".. ما التداعيات؟
ما علاقة مؤتمر "برلين" ومعركة طرابلس بمبادرة "المشري"؟
"النفط" كلمة سر تقارب "الوفاق" الليبية والسيسي..هل تنجح؟