فتح إعلان جماعة
"أنصار الله" (الحوثي) في اليمن، وقف هجماتها عبر الطائرات المسيرة على الأراضي السعودية، الجمعة، الباب واسعا أمام تساؤلات عدة حول دوافع الجماعة
وتوقيت هذه المبادرة.
وجاءت المبادرة
الحوثية بعد أيام من هجوم استهدف معملين لتصنيع النفط شرق السعودية وما خلفته أزمة
دولية، ورغم تبني الجماعة للهجوم إلا أن المملكة والولايات المتحدة برأتها، واتهمت إيران
الداعمة لها بالتورط في الهجوم، الذي تسبب في تعطيل نصف إنتاج الرياض من النفط.
وكان رئيس ما
يسمى "المجلس السياسي الأعلى" ( أعلى سلطة حوثية)، مهدي المشاط قد أعلن الجمعة
وقف استهداف الأراضي السعودية بالطائرات المسيرة وبقية أشكال الاستهداف. مؤكدا احتفاظ
جماعته بحق الرد في حال عدم استجابة المملكة لهذه المبادرة.
"تمهيد سابق للمشاورات"
وتعليقا على
هذا الموضوع، قال رئيس مركز ساس للدراسات في اليمن عدنان هاشم، إن هذا الإعلان يشير
إلى أن هناك نية أمريكية للمضي قدما بشأن المشاورات بين الحوثيين والسعودية، المقرر
انعقادها في مسقط.
وأضاف في حديث
لـ"عربي21" أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي "بومبيو" للرياض،
لا تعني فقط الحديث عن مواجهة إيران بقدر ما تعني إغلاق الباب للصواريخ والطائرات المسيرة
من اليمن.
وبحسب هاشم، فإن
هذه المشاورات لم تكن لتوافق عليها السعودية لو لم تحدث ضغوط غربية عليها لوقف التهديد
الذي تتعرض له منشآت النفط من اليمن، إذ إن ذلك لا يتعلق بالسعودية وحدها بل بالأسواق
العالمية.
وأشار إلى أن
الولايات المتحدة تعتقد أن تحييد أدوات إيران في المنطقة، يجب أن يأتي ضمن سياق سياسة
الضغوط القصوى على طهران وإجبارها على الرضوخ للمشاورات وفق إملاءات واشنطن.
وتابع رئيس مركز
ساس للدراسات: لذلك اتجهت الضغوط الأمريكية والسعودية على طهران وليس على الحوثيين.
وأكد هاشم أن
السعودية لا تملك استراتيجية في اليمن، وستفاوض الحوثيين لإبعادهم عن الايرانيين على
الأقل، وهذا من وجهة التفكير الأمريكي الذي تنخرط الرياض فيه هذه الفترة.
وذكر أنه إذا
ما حدثت المشاورات في ظل موازين القوى الحالية، فبالتأكيد، فإن المملكة ستتفاوض على
شروط انسحابها "كمنهزم".
"فرصة للسعودية"
من جهته، قال
رئيس تحرير صحيفة "الوسط" اليمنية، جمال عامر، أن مبادرة جماعة الحوثيين بوقف
استهداف السعودية، جاءت في أوج التصعيد الدولي مع إيران.
وتابع حديثه
لـ"عربي21" أن المبادرة أتت عقب الضربة الموجعة للرياض بالهجوم على أرامكو،
وبعد كسر الحوثيين الهجوم على كتاف في صعدة (شمال اليمن) وتدمير لواء الفتح المهاجم
الموالي للسعودية.
وبحسب عامر، فإن
المبادرة تحمل رسالتين الأولى: "تأكيد استقلال قرار الجماعة الحوثية في اليمن
وعدم ارتباط تصعيدها بالصراع الإقليمي والدولي ضد إيران، بقدر ما له علاقة باستمرار
استهداف اليمن".
والثانية؛ أنها
لم تأت من ضعف، بل من مصدر قوة لدى الجماعة الحوثية، في ظل تفكك التحالف الذي تقوده
المملكة، والاختلافات فيه على المستوى الدولي وصراع على المستوى الداخلي.
ووفقا لرئيس
تحرير صحيفة الوسط اليمنية، فإنه في حال لم يستجب النظام السعودي للمبادرة فإن هناك
"مفاجآت تدميرية لا تخطر على بالهم سوف تحدث، بعدما تم منحهم فرصة الخروج بماء
الوجه"، وفق تعبيره.
اقرأ أيضا: "الحوثي" تعلن وقف الهجمات على السعودية وتطرح مبادرة سلام
"امتصاص غضب"
وفي السياق ذاته،
يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي أن الإعلان الحوثي جاء مفاجئا، وفي
أعقاب تأكيدات أطلقها قادة حوثيون بشأن بنك الأهداف المتعلقة بعمليات متواصلة في العمق
السعودي.
وقال في حديث
لـ"عربي21" إن هذا الإعلان تأثر بالتحركات العسكرية الجادة في مدينة الحديدة
(غربي اليمن)، التي يبدو أنها وجهت ضربات مؤلمة للحوثيين هناك، دفعتهم إلى التذكير
باتفاق السويد وإمكانية انهياره نتيجة هذه التطورات العسكرية غير المتوقعة.
وكانت وسائل
إعلام سعودية قد أعلنت أن التحالف الذي تقوده المملكة، أطلق عملية عسكرية نوعية ضد
الحوثيين في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.
ويؤكد
التميمي أن المبادرة الحوثية لها علاقة بالتحركات الأمريكية السعودية التي أطلقت إشارات
جادة على إمكانية توجيه ضربة عسكرية انتقامية ضد إيران.
ويلفت إلى أنه
على الرغم من صعوبة التنبؤ بإمكانية ذهاب ترامب إلى هذا المستوى من التصعيد، فالأرجح
أن الحوثيين تلقوا نصائح من أطراف أمريكية لإعلان التوقف عن استهداف السعودية. مبينا
أن هدفها امتصاص غضب الرياض، وتجنيب واشنطن حرج عدم التصرف إزاء الاعتداءات الايرانية
ضد عصب الاقتصاد العالمي الذي يمثله قطاع النفط السعودي.
وأوضح السياسي
اليمني أن الحوثيين يتحولون إلى أداة إيرانية طيعة، ويرتهنون إلى أجندتها الإقليمية
والدولية في الوقت الذي يستمرون بانتهاج خيار الحرب والقتل والعدوان ضد اليمنيين، لفرض
مكاسبهم السياسية وإحياء مشروع الإمامة الزيدية المقبورة.
"مناورة ولن تصمد"
الخبير اليمني
في الشؤون الأمنية والعسكرية، الدكتور علي الذهب، أكد أن هذه المبادرة تؤخذ في سياقات
كثيرة أولها "وجود وساطات غير رسمية بين الحوثيين والسعودية، قام بها شخصيات سياسية
ودينية وعسكرية من الطرفين، في أثناء موسم الحج".
وأضاف في
حديث لـ"عربي21" أن الهجمات الاستراتيجية ستتوقف من مصدرها الأساسي، لاعتبارات
تتعلق بالطرف الحقيقي الذي يقف وراءها، وقطعا ليس الحوثيين.
ووفق الذهب، فإنه
من باب تأكيد ادعاء الحوثيين بأنهم من يقف وراء الهجمات على أرامكو، بادروا إلى تبني
هذه المبادرة.
ولفت الخبير
اليمني إلى أن هناك مساعي دولية وإقليمية لحل سلمي في اليمن، وقد أراد الحوثيون بهذا
الإعلان "ادعاء حسن النية وامتلاك زمام المبادرة".
ولم يستبعد
أن تكون المبادرة الحوثية للاستهلاك الإعلامي، "ولن تصمد أسبوعا واحدا".
واعتبر الخبير
الاستراتيجي الذهب أن هذا الإعلان من قبل الحوثي، "مناورة أمام الضغط المتزايد
عليهم في جبهات صعدة وحجة والجوف (شمالا)، في محاولة لوقف أو التخفيف منها".
هذه أهمية ضربة الحوثي الأخيرة لأرامكو وخطورتها الاستراتيجية
محللون: بيان السعودية حول عدن "حماّل أوجه" وتجاهل الإمارات
هكذا يستغل الحوثي انقلاب عدن لتحقيق مكاسب ميدانية وسياسية