كشف سياسيون ومختصون بشؤون الأمن القومي، أن تزامن التسريبات التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية، عن طريقة إدارة الملفات السياسية والاقتصادية لنظام الانقلاب بمصر برئاسة عبد الفتاح السيسي، تشير لوجود أزمة داخل مؤسسات الحكم، وعودة للصراع مرة أخرى بين الأجهزة الأمنية، رغم السيطرة الواضحة للسيسي عليها.
وحسب المختصين، فإن التسريبات الخاصة
بإدارة الشؤون المعنوية عن توجيه الرأي العام داخل الجيش في قضية تيران وصنافير،
والمعلومات التي كشفها الممثل والمقاول محمد علي، عن الفساد داخل بعض هيئات الجيش،
وطريقة السيسي وزوجته انتصار في إهدار المال العام، وأخيرا التسريبات الجنسية
لمحافظ الإسماعيلية وقائد سلاح المدرعات السابق اللواء حمدي عثمان، لم تكن من قبيل
الصدفة.
ووفق المعنيين بالأمن القومي، فإنه
رغم سيطرة اللواء عباس كامل الذراع الأيمن للسيسي على جهاز المخابرات العامة، إلا
أن هذا لم يمنع وجود معترضين داخل الجهاز على سيطرة المخابرات الحربية الكاملة
عليهم، بالإضافة لحالة الغضب المتزايدة لدى قطاع كبير من الضباط والقيادات الوسيطة
داخل الجيش، من الانتقادات التي يتم توجيهها للقوات المسلحة من عموم الشعب المصري.
اقرأ أيضا: رجل أعمال مصري يكشف وقائع فساد جديدة للسيسي بمصر (شاهد)
وتشير معلومات حصلت عليها
"عربي21"، إلى أن وزير الدفاع الحالي الفريق أول محمد زكي، ليس على وئام
كامل مع رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، وأن الأسابيع المقبلة ربما
تشهد تعديلا وزاريا يطيح بزكي، وبوزير الداخلية الحالي محمود توفيق، لعدم قناعة
السيسي بأدائهما.
وتؤكد المعلومات التي خرجت عن مقربين
من مكتب وزير الدفاع، أنه معترض على توسيع مشاركة الجيش في الأعمال والمشروعات
المدنية، معتبرا ذلك بأنه إبعاد للجيش عن مهامه الأساسية وهي القتال والدفاع عن
الحدود، كما أبدى زكي امتعاضه من استمرار العملية العسكرية التي ينفذها الجيش في سيناء
منذ شباط/ فبراير 2018، إلا أن القيادات المحيطة به أخبرته بأن العملية تتم تحت
إدارة مباشرة من السيسي، وليس من حق أي مسؤول غيره اتخاذ قرار بشأنها.
صراع المصالح
من جانبه، يؤكد وكيل لجنة العلاقات
الخارجية بمجلس الشعب السابق محمد جمال حشمت لـ"عربي21"، أن الخلافات
داخل مؤسسات الحكم موجودة وبقوة، في ظل إدارة السيسي السيئة، وفي ظل إفساح المجال
للمخابرات الحربية للسيطرة والتحكم في باقي الأجهزة المنافسة لها.
ويشير حشمت إلى أن تتابع التسريبات
في أقل من ثلاثة أيام، يدعم وجهات النظر التي ترى وقوف جهات غير راضية عن الوضع
الذي يدير به السيسي شؤون الحكم خلفها، كما أنه يعكس وجود صراعات مصالح داخل نظام
السيسي نفسه، كما أنها تشير لوجود مذبحة جديدة سوف ينفذها السيسي داخل الأجهزة
الأمنية التي لا يشعر أنها تدين له بالولاء.
ويري البرلماني السابق، أن قيادات
الجيش والمخابرات يقرؤون ويسمعون ويشاهدون ما يحدث في مصر، وكثير منهم يعانون مما
يعاني منه عموم المصريين، خاصة أن السماح بسرقة أموال الشعب ونهبها، ليس أمرا متاحا
لكل القيادات في الجيش، وإنما يستفيد منها أهل الحظوة والمقربون من السيسي، بينما
باقي القطاعات فحالها مثل باقي الشعب ويزيد من سيئ لأسوأ.
السيسي وزكي
ويؤكد الباحث في الشؤون العسكرية
والأمن القومي، كمال علام لـ"عربي21"، أن الهدف من التسريبات الأخيرة
بما فيها تسجيلات الممثل محمد علي، هو إبراز للجانب الآخر من تداعيات سيطرة السيسي
على المؤسسة العسكرية، وأن المقصود الأول من هذه التسريبات هو السيسي ورجاله، وليس
الكيان العسكري ككل، بدليل أن التسريبات نفسها تشير لوجود معارضين من داخل الجيش
لأسلوب إدارة السيسي.
وعن المعلومات التي تشير لوجود خلاف
بين السيسي ووزير الدفاع، يوضح علام أن كثير من قيادات الجيش المقربة من السيسي،
ترى أن وزير الدفاع الحالي دخيل على قيادة القوات المسلحة، باعتباره من الحرس
الجمهوري، ومن ثمّ فهم غير راضين لوجوده، وفي المقابل فإن الرجل يشعر بأنه مجرد
موظف، ولا يقوم بمهامه كوزير دفاع، باعتبار أن كل الأمور في يد السيسي سواء فيما
يتعلق بالنواحي العسكرية، أو النواحي الاقتصادية.
اقرأ أيضا: المتحدث العسكري يخالف السيسي ويكشف حجم اقتصاد الجيش
ووفق الباحث بالشؤون العسكرية، فإن
هذا الخلاف لن يكون له تأثير على الوضع داخل الجيش، لأن سياسة السيسي الراهنة، هي
عدم تمكين أي وزير دفاع، أو قيادة عسكرية أخرى، من فرض سيطرتها على الوزارة، أو أن
يكون لها نفوذ داخل الجيش.
ويضيف علام: "وفقا للاعتبارات
السابقة، فإن تغيير الفريق الأول محمد زكي، وارد جدا، وربما يكون اقتراب هذا
التغيير سببا في ظهور التسريبات المتعلقة بالشؤون المعنوية، والتسريب الجنسي
الخاص بمحافظ الإسماعيلية الحالي، وقائد سلاح المدرعات السابق باعتباره أحد
المقربين من السيسي".
ويشير علام إلى أن النشاط الاقتصادي
للقوات المسلحة لا يستفيد منه كل قيادات القوات المسلحة وأفرادها، وإنما يستفيد منه
شخصيات بعينها، على شاكلة من ذكرهم الممثل والمقاول محمد علي، في تسجيلاته الخاصة
بفندق تريومف، ودور اللواء شريف صلاح، صديق السيسي المقرب في إهدار 2 مليار جنيه
(121 مليون دولار)، وأسماء أخرى مثل كامل الوزيري رئيس الهيئة الهندسية السابق
ووزير النقل الحالي، وغيرهم بمختلف القطاعات الجيش والمخابرات الحربية.
المتحدث العسكري يخالف السيسي ويكشف حجم اقتصاد الجيش
مصادرة أملاك المعتقلين.. أداة السيسي الجديدة ضد المعارضين
هل تنجح مبادرة "الأعلى للدولة" الليبي في استبعاد حفتر؟