نشر
موقع "إنترستنغ إنجينيرينغ" تقريرا، تحدث من خلاله عن استعمار النظام الشمسي الذي يسعى البشر إلى
تحقيقه، من خلال استغلال بيئات الكواكب الأخرى، أو بناء محطات عملاقة في
الفضاء يمكنها تلبية جميع احتياجات البشر.
وقال الموقع
في تقريره، الذي ترجمته "عربي21"، إن مستقبل البشرية
يكمن في الفضاء، فإلى جانب المقترحات التي قدمتها الصين، والتي
تتمثل في إنشاء مواطن استراتيجية على سطح القمر بحلول السنة
القادمة، تتطلع بعض شركات
الطيران الخاصة للقيام برحلات منتظمة إلى القمر.
وفي يوم من الأيام، يمكن أن يتم
تنفيذ العديد مثل المشاريع مثل السياحة الفضائية، بحيث يمكن للعملاء حجز رحلة إلى
المدار والقمر وحتى المريخ، ومن المتوقع أيضا أن يتم إنشاء محطات فضائية تجارية
ومستعمرات في كل من القمر والمريخ.
وأضاف
الموقع أن البشر لطالما حلموا بالعيش على سطح القمر أو المريخ، ومع التطورات التي
حدثت خلال العقد الماضي قد يصبح الأمر ممكنا. في المقابل، يطرح هذا الأمر العديد
من التساؤلات مثل: كيف سيعيش البشر في الفضاء على المدى الطويل؟ خلال ورشة عمل
رؤية علوم الكواكب 2050، التي عقدت في شهر شباط/ فبراير سنة 2017 في مقر ناسا في
واشنطن العاصمة، اجتمع علماء من جميع أنحاء العالم لتبادل الأبحاث والعروض التقديمية
حول مستقبل البشرية في الفضاء. قدم عالم الفيزياء الفلكية وعالم الجيولوجيا
الهيدرولوجية، فاليري ياكوفليف، دراسة بعنوان "الطريقة الخاطئة لاستعمار
المريخ".
وعوضا
عن استعمار مختلف الكواكب الموجودة في النظام الشمسي، أفاد ياكوفليف بأنه ينبغي أن
نقوم ببناء مساكن فضائية؛ نظرا لأن انعدام الجاذبية في القمر والمريخ يشكل عائقا، وهذا يعني أن البشر ليس بمقدورهم العيش على سطحيهما.
وأورد
الموقع أنه عندما يتعلق الأمر بالعيش في الفضاء، فإن هناك العديد من المخاطر. فإلى جانب
خطر العيش في علبة مضغوطة هناك مخاطر أخرى يمكن أن تتسبب في موتك. على سبيل
المثال، يمكن أن تشكل النيازك الدقيقة المنبعثة من حطام النجوم المنفجرة تهديدا
على المركبات الفضائية التي تدور حول المدار. وعلى الرغم من أن وزنها أقل من جرام
واحد (0.035 أونصة)، إلا أن سرعتها هائلة، كما أنها تولد قوة تأثير كبيرة.
علاوة
على ذلك، تشكل الإشعاعات الكونية خطرا هائلا على البشر. وبفضل الغلاف الجوي للأرض
وحقلها المغناطيسي الوقائي، يتعرض البشر لنسبة متوسطة من الإشعاعات، لكن خارج
الغلاف الجوي والغلاف المغناطيسي، يتعرض رواد الفضاء لمستويات أعلى بكثير من
الإشعاع الشمسي والأشعة الكونية المجرية. ووفقا لدراسات أجرتها وكالة ناسا، يتعرض
رواد الفضاء خلال مهمتهم التي تدوم ستة أشهر لجرعات من الإشعاعات المؤينة في حدود
50 إلى 2000 مللي زيفرت. وتجدر الإشارة إلى أن التعرض لهذه الإشعاعات لفترات طويلة
يزيد من خطر الإصابة بالسرطان والأمراض التنكسية وحتى الموت.
وأفاد
الموقع بأن قوة الجاذبية على الأرض تساوي9.807 م/ث²، وهذا يعني أن السقوط الحر لأي
جسم نحو السطح يتسارع بمعدل 9.8 متر (32 قدم) لكل ثانية يسقط فيها. من جهة أخرى،
يعد التعرض الطويل للجاذبية المنخفضة يمكن أن يكون له آثار سلبية على جميع الكائنات
الحية التي اعتادت العيش في جاذبية الأرض.
وأجريت
العديد من الدراسات حول هذه الظاهرة، حيث تم إرسال رائد الفضاء سكوت كيلي إلى
الفضاء في مهمة إلى المحطة الفضائية لمدة سنة، في حين ظل شقيقه مارك كيلي على
الأرض. ولتحديد التأثيرات التي طرأت على جسمه، خضع سكوت بمجرد عودته إلى الأرض
لعدة فحوصات، حيث تبين أن عضلاته وعظامه قد فقدت كثافتها. كما أظهرت الدراسات أن
قضاء فترة طويلة في الفضاء قد تسببت في نقص بصره وتغير جيناته.
تعود
فكرة إنشاء مساكن في الفضاء إلى بداية القرن العشرين. في سنة 1903، اقترح
العالم قسطنطين تسيولكوفسكي في إحدى دراساته استخدام قوة الدوران أو التسارع لإنشاء
جاذبية اصطناعية. وفي سنة 1928، اقترح مهندس الصواريخ السلوفيني هيرمان بوتوتشنيك بناء صحن طائر بقطر 30 متر يدور حول نفسه يمكن وضعه في مدار ثابت بالنسبة
للأرض. وفي سنة 1929، وصف العالم الأيرلندي جون ديزموند برنال في كتابه موطنا
فضائيا مجوفا قادرا على استيعاب 20 إلى 30 ألف شخص.
وذكر
الموقع أنه في سنة 1975، عقد مركز أبحاث أميس التابع لناسا شراكة مع جامعة
ستانفورد لتنفيذ مشروع، شارك فيه أساتذة ومدراء تقنيين وطلاب يجتمعون، وذلك من أجل
دراسة إمكانية عيش البشر يوما ما في المستقبل في مستعمرة فضائية. وقد تم تصميم
محطة فضائية شبيهة بالعجلات يمكن أن تضم 10 آلاف شخص، كما أنها تدور لتوفير جاذبية الأرض ذاتها.
وفي
سنة 2010، شرعت الناسا في العمل من تحقيق رؤيتها لمستقبل استكشاف الفضاء، التي
تعرف باسم برنامج "من القمر إلى المريخ". ويهدف هذا البرنامج إلى تطوير
جيل جديد من مركبات الإطلاق الثقيلة والمركبات والمحطات الفضائية، التي من شأنها أن
تسمح للبشر باستكشاف الفضاء.
وأشار
الموقع إلى الجوانب الإيجابية للمواطن الفضائية، فسواء كانت أسطوانية أو دائرية،
فإنها قادرة نوعا ما على محاكاة جاذبية الأرض، ما من شأنه أن يقضي على المخاوف
المتعلقة بالآثار الصحية طويلة المدى للعيش في جاذبية منخفضة. ويمكن أيضا توفير
الحماية من الإشعاعات المنبعثة من خلال ضمان تعزيز الجدران الخارجية للمحطات بمواد
مقاومة للإشعاع، مثل الرصاص أو اليورانيوم المنضب. كما يمكن توفير درع إضافي عن
طريق توليد مجال مغناطيسي.
وأوضح
الموقع أنه يمكن مواجهة عديد التحديات عند بناء المواطن الفضائية، ولعل أبرزها
التكلفة. يتطلب بناء موطن واحد في الفضاء كمية كبيرة من مواد البناء والوقود
وروبوتات البناء، كما أن إرسال المواد والمعدات اللازمة إلى المدار مكلف للغاية.
وفي
الختام، أفاد الموقع بأنه كلما زاد عدد المواقع التي استعمرناها، كان من
الأسهل توسيع وجود البشرية عبر النظام الشمسي.