أبرز تكريم رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي،
في الإمارات والبحرين قبل أيام، في الوقت الذي تمارس بلاده حملة قمعية ضد مسلمي
منطقة جامو كشمير، سياسة جديدة، في التنصل من قضايا المسلمين حول العالم وتجاهلها.
وقلد ولي عهد أبو
ظبي محمد بن زايد، رئيس وزراء الهند وسام زايد "تقديرا لدوره في تعزيز علاقات
الصداقة والتعاون بين البلدين"، فضلا عن إطلاق طابع بريدي تذكاري خاص بمناسبة
مرور 150 عاما على مولد المهاتما غاندي. رغم حملة القمع
وإلغاء الحكم الذاتي، واعتقال 4 آلاف شخص بكشمير على خلفية مرتبطة بالتركيبة الدينية
للمنطقة.
وعلى غرار أبو ظبي، منحت المنامة
"مودي" وساما رفيعا، خلال الزيارة التي قام بها للبحرين، قبل أيام
ولقائه بعاهلها حمد بن عيسى آل خليفة.
ومنح بن عيسى مودي "وسام البحرين من
الدرجة الأولى"، تقديرا لجهود الأخير "في تعزيز العلاقات بين البلدين"
بحسب وكالة الأنباء البحرينية.
إقرأ أيضا: رئيس وزراء الهند يبحث مع الإمارات تعزيز العلاقات بين البلدين
ولم يصدر عن البلدين أي بيانات، تدين ما تقوم بها الحكومة الهندية
تجاه المسلمين في جامو وكشمير، في ظل صدور العديد من التقارير الحقوقية التي تتحدث
عن حملة اضطهاد، وقمع كبيرة تمارس ضد المسلمين هناك.
ويرى مراقبون أن "حالة التنصل" التي تمارسها دول خليجية،
على رأسها الإمارات تتجاوز مسألة خلافها مع الحركات والتيارات الإسلامية، إلى
النأي بالنفس عن قضايا إسلامية عامة، بل والوقوف ضدها في بعض الأحيان، كما حصل في
ملف الأويغور بإقليم شينغ يانغ الصيني.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر الدكتور علي الهيل، قال: إن هذه
السياسة جانب من "النكاية" بالتيارات الإسلامية السياسية، ومنها الإخوان
المسلمين والاتجاه نحو تيارات أخرى، "لا علاقة لها بالدين بل وبعضها من أديان
أخرى".
وقال الهيل لـ"عربي21": "سياسات المحور الذي تقع فيه
الإمارات والبحرين، وحتى السعودية ينشط باتجاه تقليل منسوب التعاطف الديني، أو اتخاذ
مواقف بناء على ارتباطات إسلامية في العالم".
وأضاف: "في الآونة الأخيرة بتنا نرى فتح الأبواب أمام البوذيين والهندوس
والسيخ، نكاية في التيارات والمذاهب الإسلامية سواء السنة أو الشيعة حتى، في حالة
عدائية تشمل الجميع".
وأشار الهيل إلى أنها ليست المرة الأولى، التي "تتنصل" فيها
أنظمة عربية من قضايا المسلمين، وحصل ذلك مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر،
حين وقف مع الهند ضد المسلمين هناك، ووقف مع ماوتسي تونغ ضد مسلمين الصين.
إقرأ أيضا: على خطى الإمارات.. البحرين تمنح رئيس وزراء الهند وساما رفيعا
وتابع: "هي أجندة باتت شبه معلنة، تؤكد على الوقوف مع كل الأنظمة
التي تضطهد المسلمين، ما دام أنها تساهم في بقائهم على كراسيهم وتدعم وجودهم، وإلا
كيف نقرأ تكريم مودي بأرفع وسام إماراتي، وهو ينكل بمسلمي كشمير؟".
وقال إن هناك حالة "انتقامية من كل الدول
والقوى الحية في المنطقة، والتي تقف مع قضايا المسلمين حول العالم مثل مسلمي
أراكان والأويغور وكشمير، وعلى رأسها تركيا، التي ضغطت لإطلاق سراح مسلمين
اعتقلتهم السلطات الصينية".
تجفيف منابع التعاطف
من جانبه أشار الكاتب والباحث ساري عرابي، إلى
أن الإمارات تحرص على إظهار سياسات "متمايزة بشكل جريء، مع النفس الإسلامي
العام حول العالم".
وأوضح عرابي لـ"عربي21"، أن
الإمارات عملت خلال السنوات الماضية، على "تقديم خطاب مختلف لفهم الإسلام،
وقامت بصناعة منابر ومنصات جديدة تعالج الخطاب الديني، وتعيد هندسته للخروج بشكل
مختلف عن ذلك الذي يحمله تيار الإسلام السياسي".
وأضاف: "لذلك نلاحظ أن التحالفات
والعلاقات توسعت مع الصين والهند، التي تحمل مواقف معادية للمسلمين لأنها في الوقت
ذاته تتصدى لحريات الشعوب، كدول شمولية وتحارب الثورات، وهو الشكل والنمط الذي
تسير عليه الإمارات في سياساتها".
وشدد على أن دولا خليجية مثل الإمارات
والسعودية، "تبنت مسارا انسحابيا من القضايا الإسلامية، بعد سنوات من تمويل
ورعاية المشاريع الخيرية على امتددا العالم الإسلامي"، خاصة بعد هجمات 11
أيلول/سبتمبر، والتي تبين أن أغلب منفذيها كانوا إماراتيين وسعوديين.
وتابع: "النفس الإماراتي قد يكون متطرفا
في هذا الانسحاب، لكنه حالة عامة لغالبية الدول العربية، بالتنصل من قضايا
المسلمين".
ويرجع الباحث الفلسطيني أسباب هذه السياسة
التي وصفها بـ"تجفيف منابع التعاطف الإسلامي"، إلى "النظر لهذا
التضامن على أنه تعزيز لقوة الإسلام السياسي، الذي يتعاطف مع قضايا المسلمين، ويدافع
عنها، بالإضافة إلى التوجه العام بإنهاء حالة التعاطف التلقائي للشعوب الخليجية مع
قضايا المسلمين، وخلق وطنيات متضخمة بدلا منها على حساب تلك القضايا".
MEE: أنظمة عربية متواطئة مع الهند في ملف كشمير
"هجوم الشيبة" يثير جدلا إماراتيا سعوديا بشأن "ملفات قديمة"
صراع قوى في عدن.. أين رئيس اليمن من المشهد؟