نشر موقع
"ساينس دايلي" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن فرضية تمكن القراصنة في
المستقبل من التحكم في مدن بأكملها من خلال اختراق نظام السيارات
المتصلة بالإنترنت.
وقال الموقع، في
تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن قراصنة الإنترنت سيكون
لديهم القدرة في المستقبل على شن هجمات وإغلاق مدن بأكملها من خلال
استخدام عدد قليل من السيارات المتصلة بالإنترنت. وفي
سنة 2026، من المحتمل أن تتعرض السيارة ذاتية القيادة إلى الاختراق بشكل مفاجئ
وتتلقى إنذارا على ساعتك الذكية بأن حركة المرور في المدينة قد شُلّت تماما.
وأشار الموقع إلى أنه
أُجريت دراسة جديدة لمعرفة ما قد يحتاج إليه قراصنة الإنترنت في المستقبل لاختراق
السيارات ذاتية القيادة ونشر الفوضى في الطرقات. ويرغب الباحثون في توسيع نطاق دائرة
النقاش حول الأمن السيبراني للسيارات، الذي يركز بشكل رئيسي على عمليات الاختراق
التي يمكن أن تؤدي إلى خلق حالة من الفوضى العارمة على الطريق.
وقد حذّر الباحثون من
أنه حتى في ظل وجود دفاعات سيبرانية أكثر صرامة،
فإن كمية البيانات التي تم قرصنتها قد ارتفعت خلال السنوات
الأربع الماضية، لكن السيارات التي أصبحت قابلة للاختراق يمكن أن تحول التهديد
السيبراني المتزايد إلى تهديد مادي محتمل.
ونقل الموقع عن بيتر
يونكر، وهو أستاذ مساعد في معهد جورجيا التقني، وشارك
في هذه الدراسة، قوله إنه "خلافا
لأغلب عمليات اختراق البيانات التي دائما نسمع عنها، فإن اختراق السيارات سيكون له
تبعات مادية". لن يكون من الصعب على أي دولة أو منظمة إرهابية أو أي أطراف
أخرى مؤذية الاستيلاء على إنترنت الأشياء، بما في ذلك السيارات ذاتية
القيادة.
وحسب الباحثة جيسي
سيلفربيرغ، التي شاركت في هذه الدراسة مع يونكر، فإنه "فيما يتعلّق بهذه
السيارات، فإن الأمر المثير للقلق هو أنها تحتوي على نظام حوسبة مركزي يدير جميع
الأنظمة الأخرى فيها. ومن غير الوارد أن يكون نظام تشغيل سيارتك مختلفا عن نظام
تشغيل الراديو بالساتل الموجود فيها؛ وهذا يعني أنه إذا كان بالإمكان اختراق
أحدهما، فإن اختراق الآخر سيكون مهمة سهلة".
وأضاف الموقع أنه في إطار
محاكاة عملية اختراق السيارات المتصلة بالإنترنت، عمد الباحثون لشلّ حركة المرور
في مدينة مانهاتن، لدراسة تداعيات ذلك بشكل عام على المدينة. وقد نُشرت نتائج هذه
الدراسة في دورية "فيزيكال ريفيو إي" في 20 تموز/ يوليو 2019. وفي هذا الصدد، أفاد
ديفيد ياني، وهو مساعد أبحاث في مختبر يونكر، بأنه "يُمكن شلّ حركة
المرور في شوارع مانهاتن بتعطيل 20 بالمئة فقط من سياراتها في ساعة الذروة؛ وبهذه
النسبة الصغيرة، سيكون من الصعب على سكان المدينة التنقل في أرجائها".
ونوه الموقع بأنه ليس من
الضروري أن تكون جميع السيارات الموجودة على الطريق متصلة بالإنترنت، بل يكفي أن
ينجح القراصنة في تعطيل 20 بالمئة منها. فعلى سبيل المثال، إذا كانت 40 بالمئة من
السيارات الموجودة على الطريق متصلة بالإنترنت، فإن اختراق نصفها سيكون كافيا
لإحداث فوضى. أما تعطيل 10 بالمئة فحسب من السيارات في ساعة الذروة سيكون كافيا
لمنع سيارات الطوارئ من المرور.
وذكر الموقع أن الباحثين
قد وقع اختيارهم على مدينة مانهاتن لإجراء عمليات المحاكاة لأن البيانات حول حركة
المرور في تلك المدينة كانت متوفرة.
من جهته، درس يونكر السيارات المتصلة
بالإنترنت مثل ظاهرة فيزيائية متكاملة. وحلّل فريق الباحثين تحركات السيارات
في الشوارع باستخدام مسارات مختلفة، بما في ذلك كيفية تجولها حول السيارات
المتوقفة، ووجدوا أنه يمكن تطبيق مقاربة فيزيائية على ما لاحظوه.
حيال هذا الشأن، قال
يونكر: "يُمكن تفسير عملية إيقاف حركة المرور من خلال الاعتماد على نظرية
التخلّل الكلاسيكية التي تُستخدم في العديد من المجالات المختلفة للفيزياء
والرياضيات". وفقا لهذه النظرية، فإن الشوارع المُغلقة لن تكون سوى تلك التي
قطعت فيها السيارات المُخترقة جميع الممرات أو التي باتت تشكّل عائقا يحول دون
السماح للسيارات الأخرى بالمناورة فيها، ولا تشمل الشوارع التي لا تزال فيها
السيارات المخترقة تسمح بتدفق حركة السيارات.
وفي الختام، نوّه الموقع
بأن الباحثين لم يأخذوا بعين الاعتبار العوامل التي من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم
أضرار اختراق السيارات، بما في ذلك حالة الفزع التي قد تنتاب الأشخاص في الشوارع
أو أصحاب السيارات الذين سيُضطرون إلى النزول من سياراتهم، وهو الأمر الذي قد يزيد
من تعميق الأزمة وبث الفوضى في شوارع المدينة.