كشف تقرير جديد للبنك الدولي، عن وجه آخر من أوجه الأزمة في المغرب، حيث اعتبر أن المغرب من بين أكثر الدول التي تعرف ارتفاعا في الاستثمار، لكن عائده يظل مخيبا، فلا نمو اقتصادي حقق ولا خلق فرص شغل كافية.
جاء في ذلك في تقرير مؤلف من 154 صفحة أصدره البنك الدولي، بعنوان "خلق أسواق بالمغرب" يندرج ضمن إطار الشراكة الثنائية التي تغطي الفترة بين 2019 و2024.
استثمارات ضخمة
وسجل التقرير أن "المغرب رصد موارد كبيرة للقيام باستثمارات ضخمة في القطاعات الاقتصادية التي تعتبر استراتيجية للنمو، وزيادة الإنتاجية وخلق القيمة المضافة، خاصة في قطاعات مثل الطيران والإلكترونيات والسيارات والطاقات المتجددة، التي استفادت من موارد استثمارية كبيرة وترسانة من الحوافز السخية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لكن الحصيلة كانت دون الانتظارات".
واعتبر أن "جهود الحكومة سمحت بجذب المستثمرين الأجانب و تعزيز العديد من القطاعات، بما في ذلك السيارات والملاحة الجوية والطاقات المتجددة، حيث انعكس على بيئة الأعمال المغربية التي تحسنت أيضا، مع تقدم البلاد بتسع نقاط في ترتيب مناخ الأعمال، لتحتل المرتبة 60 من أصل 190 دولة، بعد أن كان يحتل المرتبة 129 في عام 2009".
وأفاد التقرير الذي ترجمت "عربي21" أهم فقراته، أنه "رغم معدل الاستثمارات المرتفعة، التي تعتبر من بين الأعلى في العالم، حيث وصل إلى 34 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في العام الواحد منذ منتصف سنوات 2000، إلا أن الآثار على مستوى النمو الاقتصادي والتشغيل والإنتاج، جاءت مخيبة".
وقال إن "القطاع العام عبر الشركات العمومية، يمثل نصف جميع الاستثمارات المنجزة بالمملكة، غير أنه يؤكد على أن تلك الاستثمارات، كانت جزئيا مكلفة، وقابلة للنقاش على مستوى العلاقة بين الجودة والسعر".
اقرأ أيضا: تقرير قاتم للبنك المركزي المغربي عن اقتصاد البلاد
وزاد أنه "لا يمكن للمغرب التعويل على تراكم الرأسمال من أجل تدارك الفارق مع البلدان ذات الدخل الأكثر ارتفاعا، لأن ذلك يقتضي استثمارات مرتفعة دائما، ما يهدد التوازنات الماكرواقتصادية، مؤكدا على وجود فوارق في توزيع الرأسمال بين القطاعات".
وشدد على أن "البلدان التي تمكنت من الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة، هي تلك التي حققت أرباحا إنتاجية مرتفعة في فترة طويلة، فالأرباح لا يمكن أن تتحقق، فقط بالاستثمارات المادية، بل بجهود منتجة تروم تراكم الرأسمال البشري والمؤسساتي".
نمو اقتصادي ضعيف
وشدد على أن "بلدانا مثل كولومبيا والفلبين وتركيا، بلغت معدلات نمو مشابهة أو أعلى من المغرب، مع مستويات استثمار أقل من تلك التي بذلها المغرب".
وأضاف أن "البلدان التي حققت إقلاعا اقتصاديا، هي تلك التي تمكنت من تحقيق معدلات نمو تتجاوز 4 بالمائة خلال عدة عقود، مع توزيع ثمار ذلك النمو بسرعة عبر خلق فرص عمل، في حين أن معدلات النمو في المغرب بالكاد وصلت 2.7 في المائة بين سنوات 2000 و2017 و 1.6 في المائة بين 1990 و2000".
وأوضح التقرير أن "الأرباح الإنتاجية كانت ضعيفة، فعلى المدى الطويل، بين 1970 و2011، لم يسجل الاقتصاد أي ربح على مستوى الإنتاجية الشاملة لعوامل الإنتاج".
فرص شغل نادرة
وبحسب التقرير فإن "الاقتصاد المغربي قدم أداء مخيبا من حيث خلق فرص الشغل، مع العلم أن نسبة الساكنة التي وصلت إلى سن العمل قد ارتفعت إلى 270 ألف شخص سنويا، في حين أن عدد فرص الشغل التي تخلق لا تتجاوز 26 ألف منصب شغل".
وأوصى التقرير بأن "قطاعا خاصا أكثر دينامية ضروري من أجل خلق فرص عمل أكثر، فالثابت في العالم أن أغلب فرص العمل أحدثت من قبل شركات شابة عمرها أقل من خمسة أعوام، لذلك على المغرب خلق بيئة مساعدة لنمو المقاولات، كي تلج الأسواق وتتطور وتصدر".
اقرأ أيضا: تقرير رسمي: اقتصاد المغرب سيعرف تباطؤا بالربع الثالث من2019
ودعا التقرير إلى خلق "شروط مواتية للمنافسة المنصفة ورأسمالا بشريا، وكفاءات ذات جودة عالية، كي تستجيب لحاجيات اليد العاملة الحديثة، وتشجيع المبادرات الرامية إلى تعزيز مبادرات المقاولات، وتيسير الولوج لتمويل المقاولات الصغيرة والشركات الناشئة".
وطالب "بضرورة تعزيز شروط المنافسة في السوق والعمل على تهيئة الظروف المواتية لظهور قطاع خاص نشط ومتنوع يمكنه خلق الوظائف التي يحتاجها المغرب بشكل عاجل".
وشدد على أنه "باستثناء الشركات العاملة في المناطق الحرة عبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لم تنجح الشركات الشابة في المغرب في منافسة تلك الراسخة أو خلق فرص عمل بمستويات مهمة"، موضحا أن "أغلب القطاعات الأكثر دينامية وذات القيمة المضافة المرتفعة لا تمثل سوى حصة ضعيفة في نمو التشغيل".
تقرير قاتم للبنك المركزي المغربي عن اقتصاد البلاد
البنك الدولي يمنح المغرب 275 مليون دولار لإدارة مخاطر الكوارث
تدهور معيشة الأسر المغربية.. وتوقعات متشائمة بارتفاع البطالة