قبل أيام من إجراء مناظرته الأولى في 27 يونيو ولأكثر من أسبوع بعد ذلك، كان نائب الرئيس السابق «جو بايدن» يرفض «التكفير»، على حد تعبيره، عن الحديث حول الأيام التي سمحت له فيها «كياسته» بالعمل مع اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ المؤيدين للفصل العنصري.
وأضافت المناظرة إلى مشاكله عندما وضعته السيناتورة
«كامالا هاريس» (ديمقراطية –كاليفورنيا) في موقف دفاع لأنه عارض مشروع الحافلات
المدرسية في سبعينيات القرن الماضي، رغم أن كلاهما يفضلان الحافلات الإلزامية
حاليا.
وبعد
ذلك، تماما كما أثيرت أسئلة عما تشكو منه هاريس فعليا إذا كانوا لا يوافقون على
نقل التلاميذ بالحافلات، اتخذ بايدن منعطفا غير متوقع، واعتذر خلال إحدى الجولات
في ساوث كارولينا، وهي ولاية يكون فيها تصويت الأميركيين من أصل أفريقي بالغ
الأهمية في المسابقة التمهيدية. وقال بايدن: «أعتقد أن أمامنا عمل للقيام به، حتى
مع هؤلاء الذين نجدهم بغيضين، لجعل نظام الحكم يعمل من أجلنا جميعا. إنني أؤمن
بذلك، وأعلم أنه يمكن القيام به دون المساومة على مبادئنا».
وبعد ذلك جاء التحول: «الآن – هل كنت مخطئا قبل أسابع قليلة لأنني أعطيت الانطباع بأنني كنت إلى حد ما أثني على هؤلاء الرجال الذين عارضتهم مرارا وتكرارا؟ نعم، كنت مخطئا. إنني نادم على ذلك، وآسف على أي ألم أو سوء فهم قد أكون تسببت فيه لأي شخص».
ثم سأل بشكل
دفاعي: «هل يجوز أن تلغي هذه العثرة 50 عاما من سجلي في القتال من أجل الحقوق
المدنية، والعدالة العرقية في هذا البلد؟ آمل ألا يكون الأمر كذلك، ولا أعتقد أنه
كذلك». وأضاف: «هذا ليس تقييما نزيها لسجلي. سأجعل سجلي وشخصيتي تدافع عن نفسها
ولا يتم تشويهها أو تلطيخها».
واعترف
مستشار بارز لبايدن بأن هاريس «حققت نجاحا أثناء المناظرة»، لكنه قال إن بايدن
أوضح بأن الهجوم كان «مخادعا» إلى حد بعيد، حيث إنهما وافقا بالفعل على الحافلات
المدرسية اليوم.
وأشار
بايدن أيضا إلى أن الاستمرار في عدم الاعتذار والدفاع عن كل موقف في الماضي ربما
يكون قد انتهي: «لستُ نفس الشخص الذي دخل مجلس الشيوخ في سن التاسعة والعشرين. ولا
أتظاهر بأنني فعلت كل شيء بشكل صحيح. ولا أدعي أنني لم أغير مواقفي. لقد نضجت،
وهذا أيضا أمر جيد. إن بي أخطاء ولست كاملا، مثل أي شخص آخر. لقد اتخذت أفضل
القرارات في الوقت الذي كان يجب اتخاذها فيه. وإذا كان الاختيار بين العمل وبين
عدم القيام بأي شيء، فإني أختار العمل».
تلك
حجة معقولة وصادقة تماما، ولو تم التعبير عنها قبل أسبوع أو نحو ذلك، لكانت قد
أغنت عن كثير من الحزن، ولتراجعت الأرقام في استطلاعات الرأي حول هاريس.
وتعليقا
على تصريحات بايدن، قدم السيناتور «كوري بوكر» (ديمقراطي –نيو جيرسي) ثناء مشروطا،
قال فيه يوم السبت الماضي: «أشعر بالإحباط لأن هذا استغرق وقتا طويلا. لكني أشعر
بالامتنان له لأنه فعل ذلك، لا يمكن أن يكون لدينا ثقافة، حيث لا يستطيع زعيم
الوقوف والقول: لقد كنت غير كامل وأعتذر».
لماذا
نسمع هذه الرسالة اليوم؟ يزعم فريق بايدن أنه ستكون هناك ثمة حاجة لمثل هذا الحديث
في وقت ما، ووقته المناسب جاء يوم السبت في ولاية حاسمة بالنسبة له، أي ساوث
كارولينا.
وربما
لم يكن من السهل بالنسبة لبايدن التخلي عن موقفه بعدم الاعتذار إطلاقا. لكنه كان
جزءا من استراتيجية شاملة لتجاهل خصومه في المرحلة التمهيدية والانخراط مباشرة مع
الرئيس ترامب.
وبالنسبة
لمؤيدي بايدن القلقين، فإن تغيير موقفه لم يكن من الممكن أن يكون سريعا بما فيه
الكفاية.
فالعديد من المرشحين (مثل باراك أوباما في 2012) أجروا مناظرات سيئة ثم
تخلصوا منها. ويستطيع بايدن فعل ذلك أيضا. ويراهن هو وفريقه على أن إظهاره كرجل
قادر على القتال والدفاع عن نفسه، وإظهار تواضعه كنقيض لترامب، واستعراض سجله في
الحياة العامة.. سيعيد تأسيسه كمرشح أوفر حظا.
عن صحيفة الاتحاد الإماراتية