لم يسبق للمملكة العربية السعودية أن سمعت هذا العدد من الأصوات المرتفعة لشخصيات وازنة داخل معسكر الشرعية، والتي تدين بعبارات واضحة سلوك التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن، على خلفية التحركات الخطيرة للإمارات وأدواتها العسكرية والسياسية؛ التي بدأت باقتحامات منسقة للمرافق الحيوية في المحافظات الجنوبية، بدءا من محافظتي أرخبيل سقطرى الواقعة على المحيط الهندي، وشبوة النفطية الواقعة وسط البلاد.
وإذا كانت محاولة السيطرة على مرفأ "حُولافْ"، وهو الميناء الرئيس في أرخبيل سقطرى، قد فشل بسبب عدم تكافؤ القوة، فإن توازن القوى في محافظة شبوة قد دفع بقوات "النخبة الشبوانية" المدعومة من الإمارات إلى خوض معارك عنيفة في مدينة عتق، عاصمة المحافظة، على خلفية محاولاتها السيطرة على مطار المدينة ومبنى المحافظة ومحكمة الاستئناف، والانتشار العسكري في أنحاء المدينة؛ تمهيداً لإنهاء دور السلطة المحلية الموالية للشرعية، وذلك بعد أيام من فشل مماثل للسيطرة على ميناء "النشيمة" النفطي في ذات المحافظة.
رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع الرياض، كان أبرز الأصوات التي تحدثت عن "مخطط التقسيم الذي يديره البعض"، في إشارة واضحة للإمارات، "مصحوب بعنف الأتباع، ودون تفكير أو اعتبار لمصالح ومشاعر الشعب اليمني وحقه في الحفاظ على وحدته وسيادته على أرضه".
هناك عدد كبير من الساسة اليمنيين انضموا مؤخراً إلى الأصوات الرافضة لسياسات التحالف في بلادهم، ومعظمهم مقيم في الرياض التي يتواجد فيها الرئيس هادي بصورة دائمة بناء على رغبة سعودية في إبعاده عن بلده، وربما عاد الأمر إلى فقر في خيال الرجل وعدم رغبته في تبني خيارات يدافع بها، ولو على صلاحياته كرئيس للبلاد على الأقل.
وضعت التحركاتُ الإماراتية الأخيرة في سقطرى وشبوة وعدن؛ معسكر الشرعية أمام خيار المواجهة الشاملة مع التحالف، في وقت هو في أمسّ الحاجة فيه إلى الاستمرار في مواصلة معركة الاستنزاف طويلة الأمد التي يخوضها ضد الحوثيين، وهي المعركة التي يبدو أن تحالف الرياض- أبو ظبي صممها لإنهاك القوى اليمنية، بما يسمح ربما بتمرير مخطط تفكيك الدولة اليمنية، والاستحواذ على الأجزاء الحيوية فيها، على نحو ما يتجلى في سلوك المملكة بمحافظة المهرة شرق البلاد، وسلوك الإمارات في محافظة أرخبيل سقطرى.
وضعت التحركاتُ الإماراتية الأخيرة في سقطرى وشبوة وعدن؛ معسكر الشرعية أمام خيار المواجهة الشاملة مع التحالف، في وقت هو في أمسّ الحاجة فيه إلى الاستمرار في مواصلة معركة الاستنزاف طويلة الأمد التي يخوضها ضد الحوثيين
قد تعكس سياسات الرياض تبايناً في أسلوب تنفيذ مخططات الهيمنة في الجنوب تحديداً، لكنها لا تتناقض من حيث الأهداف، بدليل هذا التحشيد العسكري السعودي المبالغ فيه في محافظة المهرة
لا يزال الخطاب الإعلامي السعودي يصرف أنظار السعوديين إلى المساحة الهامشية في الصراع الذي بات يهدد وجوديا الدولة السعودية نفسها، وليس فقط الدولة اليمنية