نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلتها حانا لوسيندا-سميث، تتحدث فيه عن برنامج لشركة عقارات في دبي تقدم محفزات للمشترين على شكل تأشيرات "شينغن" لأوروبا، مشيرة إلى أن ذلك البرنامج ينتقده البعض لما ينجم عنه من مخاطر أمنية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المستثمرين الذين يشترون عقارات في دبي يحصلون على فرصة للدخول إلى أوروبا من الباب الخلفي.
وتكشف سميث عن أن شركة "كلايندست غروب"، التي تقوم ببيع عقارات في مشروع "هارت أوف يوروب"، وهو عبارة عن مجموعة من الجزر الصناعية، التي تبعد 2.5 ميل عن ساحل إمارة دبي، عرضت على المشترين تأشيرات إلى محور الشينغن في محاولة ترويجية للصيف.
وتورد الصحيفة نقلا عن الشركة، قولها إن الخطة جذبت عددا من الاستعلامات حولها، خاصة في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنه بموجب الخطة، فإن المشتري الذي ينفق خمسة ملايين درهم إماراتي (مليون جنيه إسترليني) على عقار في دبي سيحصل على استثمار حد أدنى بقيمة 100 ألف يورو، و35 ألف يورو رسوم الحصول على الجنسية في مولدوفا في شرق أوروبا، حيث ستتكفل الشركة بدفع الرسوم.
ويفيد التقرير بأن مولدوفا لم تنضم إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن سكانها يتمتعون بحرية دخول إلى 121 دولة، من بينها دول محور الشينغن، لافتا إلى أن هذه الدولة، التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ3.5 مليون نسمة، وتعاني من انكماش اقتصادي حاد، قامت بالإعلان عن برنامج المواطنة عبر الاستثمار في العام الماضي، وذلك في محاولة لدعم خزينتها، ولا يشترط في المتقدم زيارة البلد.
وتقول الكاتبة إن برامج الجنسية عبر الاستثمار قد توسعت خلال العقد الماضي، حيث تقدمها عدة دول اليوم، منها ثلاث دول في الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن صناعة كهذه ليست منظمة، مع أن مجلس استثمار الهجرة وضع شروطا لكيفية عمل أعضائه.
وتلفت الصحيفة إلى أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حذرت من برامج الجنسية عبر الاستثمار، وإمكانية تعرضها لسوء الاستخدام، وإخفاء أرصدة في ملاجئ ضريبية، مشيرة إلى أن الدول التي لا تشترط قضاء فترة فيها تكون أكثر عرضة لإساءة الاستخدام.
ويذكر التقرير أن المفوضية الأوروبية عبرت عن قلقها من الأمن والتهرب الضريبي والفساد في تقرير نشر في كانون الثاني/ يناير، وهي تعمل على وضع معايير لكل من المواطنة عبر الاستثمار وبرامج أخرى مشابهة للإقامة من خلال الاستثمار، التي تقدمها 20 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي.
وتنوه سميث إلى أن خطة مولدوفا تمنح لمن يحصلون على الجواز حق عدم الكشف عن هويتهم، فيما يمكنهم توسيع المواطنة لتشمل أفرادا في العائلة، لكن بعد دفع رسوم إضافية، ويمكن توريثها للأولاد والأحفاد، وتعمل في الوقت ذاته للحصول على عضوية في الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنه من ليست لديه جنسية يمكنه التقدم من خلال البرنامج، وقد أصدرت أول جنسية عبر الاستثمار الشهر الماضي.
وتبين الصحيفة أن شركة "كلايندست" تعمل مع وكالتين في دبي، تعترف بهما حكومة مولدوفا، وتقومان بالنظر في الطلبات التي يأخذ الواحد منها أربعة أشهر.
وينقل التقرير عن مدير الشركة جوزيف كلايندست، قوله إن "مئات" المستثمرين عبروا عن اهتمامهم بالمشاركة في المشروع منذ الإعلان عنه قبل أسبوعين، مشيرا إلى أن معظم الاستعلامات جاءت من سوريا والعراق والصين والسعودية.
وتقول الكاتبة إن مشروع "هارت أوف يوروب"، الذي يضم سبع جزر، كل واحدة مصممة بناء على دولة أوروبية، يعد جزءا من مشروع تطوير قديم تم البدء فيه أثناء ذروة الإعمار في دبي، مشيرة إلى أن الأزمة المالية العالمية عام 2008 أدت إلى توقف المشروع في وقت بدأ فيه المستثمرون بالبحث عن طرق لاستعادة أموالهم التي وضعوها في مشاريع البناء.
وبحسب الصحيفة، فإن شركة "كلايندست" أحيت المشروع، الذي يكلف 3.9 مليار دولار، وبنت 400 بيت سياحي، ومن المتوقع إكمالها العام المقبل، وقال كلايندست: "كانت لدينا عروض مماثلة في السابق، وقدمنا سيارات.. في هذا العام قررنا عرض جوازات سفر، والجواز المولدوفي هو أفضل الجوازات للمستثمرين".
ويورد التقرير نقلا عن مدير شركة "هينلي أند بارتنرز" التي صممت خطة الجواز المولدوفي، بادي بيلوير، قوله إن الطلب سيتم النظر فيه بدقة شديدة، وقبل أن تقرر الحكومة منح الجواز، وأضاف: "تعلم الحكومة المولودوفية من هم، ويتم التشارك في المعلومات المقدمة في الاستمارة مع عدة منظمات، من الإنتربول واليوروبول وعدد من الأجهزة الأمنية الصديقة، ويتم التدقيق به داخليا ودوليا، بما في ذلك فحص الحسابات المصرفية".
وتستدرك سميث بأن النائب الألماني في البرلمان الأوروبي سيفن غيغولد وعضو لجنة الجرائم المالية فيه، يرى أن بيع الجوازات يمثل "خطرا أمنيا غير مقبول"، ودعا للمصادقة على معايير متفق عليها في أوروبا كلها، والتأكد من التزام الدول بها، وقال: "يجب أن تعتمد التأشيرات والجنسية على الاندماج والإقامة، وليس محفظة النقود".
وتنقل الصحيفة عن الباحثة البارزة في "غلوبال ويتنس" المعادية للفساد، نعومي هيرست، قولها إن الخطة التي تروج لها شركة "كلايندست" تشير إلى الكيفية التي أصبحت فيها الجنسية "بضاعة"، وأضافت أن الخطة و"بعيدا عن مظاهر القلق الأخلاقية فإنها تمثل خطرا أمنيا لمولدوفا ونظام الشينغن عامة، الذي يمنح حرية حركة دون تأشيرة.. نتطلع إلى وضع حد لشراء الأغنياء الجنسية في أوروبا والوصول السهل إليها".
ويفيد التقرير بأنه بحسب مؤشر الفساد الذي تعده منظمة الشفافية الدولية، فإن رتبة مولدوفا هي 122 من بين 180 دولة، ووصف رئيسها إيغور دودون الذي أطيح به نهاية الأسبوع، بعد قضية تقدم بها الحزب الديمقراطي الذي كان في السلطة حتى شباط/ فبراير، بأنه حزب الأوليغارش، ويعد رئيسه فلاديمير بلاهوتونيك أغنى رجل في البلاد.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الرئيس الانتقالي بافيل فيليب أعلن عن حل البرلمان، ودعا لانتخابات في أيلول/ سبتمبر، في وقت أعرب فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن القلق من هذه التطورات، وكان المتحدث باسم المفوضية الأوروبية واضحا بأن منح الجنسية مقابل الاستثمار خطأ.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فورين أفيرز: هل يجب السماح لجهاديي "الدولة" بالعودة لبلدانهم؟
NYT: الانتخابات تضع أوروبا على جبهة الحرب مع الشعبوية
هل أصبحت إيران "صفقة مربحة" لأسلحة الولايات المتحدة وأوروبا؟