على عكس الغزل المتبادل ـ الذي ساد لبرهة في الإعلام، وعقب إعادة افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق ـ فقد كان المؤتمر الصحافي للعقيد الركن تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف السعودي – الإماراتي في اليمن مؤخراً، وبغض النظر عن مضامينه العسكرية وأبعاده الأمنية والاستراتيجية، فقد حمل رسائل دبلوماسية واضحة، لا تقل عن تلك العسكرية والأمنية والاستراتيجية وتعكس تطورات الحرب السعودية ـ الأمريكية.
ففي المؤتمر الصحافي، الذي عقده قبل أيام، لم يشر كثيراً ولم يتحدث عن إيران، عدوه التقليدي اللدود، بل صب جام غضبه ولومه على نظام «الطرطور» الذي أصبح «مكسر عصا» للجميع وعرضة للانتقام وتصفية الحسابات.
وحين يشعر بنيامين نتنياهو وفريقه بأي ضيق و"ملل" وبأنه "زهقان" فحالاً يلجأ لضرب سوريا للتسلية والفرفشة، وتسخين الأجواء ونشر البهجة، وصار الطيران الإسرائيلي يُحلق في كل أمان ويُسر في أجواء دمشق في سعادة واطمئنان غامرين، لا يشعر بهما فوق مطار اللد نفسه.
وها هو العقيد المالكي يوجه جل انتقاده ويضع اللوم على «الطرطور» بالاعتداءات الأخيرة على الأراضي السعودية.
حديث الصحافي اللبناني خضر العواركة، المحسوب والمقرب جداً من المخابرات السورية، وبالتالي الروس، عن استبدال الأسد بسهيل الحسن، يكشف الكثير الكثير.
هل تستطيع أبواق المخابرات السورية وذيول الاحتلال الروسي والإيراني في سوريا أن تنشر مثل هذا الكلام، الذي ذكره عواركة من دون ضوء أخضر من مكان ما؟
لقد بدا عواركة، كما أوعزوا له، وكأنه يتباكى على بشار الأسد، ولا يريد له أن يسقط، بينما الرسالة الحقيقية من وراء المقال المثير هي فتح الباب أمام ما هو آت في سوريا.
لقد كان بإمكان المتحدث السعودي أعلاه أن يتحدث عن الصواريخ الحوثية من دون التطرق إلى صور بشار الأسد المرسومة عليها، لكنه تعمد التركيز على الصور بإيعاز من السلطات العليا في السعودية لإيصال رسائل محددة.
وقد وصلت الرسائل إلى مستلميها هذه المرة. هل نحن بصدد إمكانية أن يكون رأس «الطرطور» كبش فداء، يتم التضحية به على مذبح التسويات؟
ماذا سيفعل الرئيس الروسي بوتين خلال زيارته المقبلة إلى السعودية؟
عن صحيفة القدس العربي اللندنية