ملفات وتقارير

ثلاثة قتلى بقصف مجهول في سيناء.. إلى متى يدفعون الثمن؟

لم يعرف مصدر القصف بعد - جيتي

بينما كان المصريون يستعدون لطعام إفطار يوم الاثنين الموافق 22 رمضان، سقطت قذيفتان لم يعلن عن مصدرهما على تجمع للصائمين لتقتل وتصيب أحد عشر مصريا من عائلة واحدة بينهم أطفال، بمنطقة الشيخ زويد بشمال سيناء.

الناشط السيناوي أشرف أيوب، نشر قائمة بأسماء القتلى الثلاثة والمصابين الثمانية، وقال: "قبل الإفطار أثناء قصف منطقة جنوب الشيخ زويد سقطت قذيفتان طائشتان على ديوان تجمع (الخلفات) التابع لمنطقة (الجورة) حيث تجمع أفراد عائلة واحدة حول مائدة إفطار جماعي داخله كالعادة اليومية برمضان، نتج عنه شهداء ومصابون من رجال العائلة وأطفالها ومازال الباقي يعاني الإصابات الخطيرة".

"اللي خايف على عمره"

تلك المجزرة تتزامن مع تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" صدر الثلاثاء، وجاء فيه أن قوات الجيش والشرطة المصرية بسيناء ترتكب انتهاكات جسيمة وواسعة ضد المدنيين، وترقى بعضها لجرائم حرب، وأنها جزء من حملة مستمرة ضد تنظيم الدولة، منذ شباط/ فبراير 2018.

وأكدت أنها وثّقت جرائم الاعتقالات الجماعية التعسفية، والإخفاء القسري، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء، وهجمات جوية وبرية قد تكون غير قانونية ضد المدنيين.

 

اقرأ أيضا: "رايتس ووتش": الجيش المصري ارتكب جرائم حرب بسيناء (شاهد)

وحمّلت المنظمة الجيش والشرطة المصرية المسؤولية عن غالبية الانتهاكات، مشيرة لارتكاب المسلحين المتطرفين جرائم مروعة، بما فيها خطف وتعذيب عشرات السكان، وقتل بعضهم، وإعدام بعض عناصر الأمن.

وفي التقرير الذي لم تعلق عليه القاهرة بعد، كشفت المنظمة أيضا عن شن إسرائيل غارات جوية على شمال سيناء طالت المدنيين، داعية إسرائيل، إلى "التحقيق بشفافية بالحوادث التي أدت فيها غارات الجيش الإسرائيلي إلى إصابات بين المدنيين بسيناء"، و"إبلاغ نتائج هذه التحقيقات للضحايا المدنيين وأقاربهم، وتقديم تعويضات مالية واعتراف غير مادي بالضرر الذي لحق بهم".

"خبرات الامتصاص ثم الهجوم"

وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الناشط السيناوي أشرف أيوب، إن أهالي سيناء يدفعون الثمن في تلك الحرب التي يشنها النظام على الإرهاب وعصابات التهريب من دمائهم وقوت يومهم ومن شرفهم ويعانون من تلويث سمعتهم، موضحا أن "هذه خبرات شعب مقاوم، في التمسك بالأرض".

وأضاف، أن "خبرات أهالي سيناء جعلتهم يمتصون كل الضربات التي جاءتهم من سلطة أو محتل، ثم الهجوم"، موضحا أنهم "مع السلطة يقدمون مقاومة سلبية بعدم الاعتراف بقوانينها التي تسلب منهم الحقوق، مثل قوانين عدم الاعتداد بملكية أرضهم المبنية والمزروعة، فيتجاهلونها، ويرفضون تقنين أوضاعهم حسب موادها".

وقال الناشط السيناوي، إن "أهالي سيناء دائمو الرد على عمليات التشويه بحقهم والتي تدفع بها السلطة للضغط عليهم للقبول بما تريد، بالرد المساوي في المقدار ما يجبر السلطة للدفاع عنهم، لأنها تعلم أن هذا التشويه من صناعتها".

"شاهد من أهلها"

وفي تعليقها قالت الناشطة السيناوية منى الزملوط، إنه "يقتل عشوائيا وغير عشوائي"، متسائلة: "ولم لا يقتل ويقوم بمجازر بحق عائلات ويقول: إنها بالخطأ، بداية من مجزرة أحمد فريح وأسرته -قتلوا بقصف طائرة إسرائيلية بدون طيار تشرين الثاني/ نوفمبر 2014-، حتى مجزرة عائلة فالح الهبيدي -قتلوا بقصف من كمين للجيش في نيسان/ أبريل 2015-"، مؤكدة أنه "يكمل طريقه دون تراجع".

وأضافت الزملوط، لـ"عربي21"، أن "أرواحنا رخيصة، وطالما الجيش يدفع تعويضا ماليا مقابل الدم وبشرط أن يوقع الأهالي على محضر يقول إن المنفذ مجهول؛ سيبقى أهالي سيناء حقل تجارب حتى تنقرض عائلاتهم وأسمائهم وينساهم التاريخ".

وتابعت: "الأهالي قد تضطر لأخذ تعويض عن هدم بيوتهم وتجريف مزارعهم لعدم وجود البديل ولأنه جزء من حقهم، وقد تضطر لأخذ التعويض عن إصابة أبنائهم لعلاجهم"، معتبرة أن "التعويض المالي في الدم هو أول أسباب استمرار القتل العشوائي للمدنيين بسيناء".

وأكدت أنه "بداية من أحداث حي الترابين، -قصفه الجيش المصري في نيسان/ أبريل 2016، وهدم 13 منزلا، وهجر140 عائلة-، كثير من الأسر أخذت تعويضات مالية من الجيش بعد قتل ذويهم بلغت 80 ألف جنيه"، معتقدة أنه "بهذه الطريقة أصبح الأمن يشتري الناس ويُسكتهم"، ومعتبرة أن "قبول التعويض في الأرواح أكبر جريمة لأهالي سيناء بحق أنفسهم".

وعن دفع أهالي سيناء الثمن بحرمانهم من خيراتها، قالت الناشطة السيناوية، إن "السعودية تستخرج أجود أنواع اللؤلؤ من جزيرتي تيران وصنافير، ونحن كأهالي سيناء جنوب ووسط وشمال متأكدون أن سيناء كلها كنوز حرمنا منها دون ذنب".

وأوضحت أن "خير سيناء محرم على أهلها، وليس لهم عند الدولة غير الاٍرهاب والدم والتشويه، مضيفة أن من يريد منهم العيش بها فليعمل بالتهريب حتى لا يستطيع رفع عينه بالدولة ويبقى بنظرها نظيفا".

"صامدين إلى متى؟"

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، أشار الناشط السيناوي إبراهيم الكاشف، لما أسماه طوابير الذل للحصول على الغاز للسيارات، وقال : "من قلب سيناء؛ قهر وذل وإهانة وتضييق وموت، وصامدين إلى متى يا وطن ونحن جزء من الوطن؟".