ملفات وتقارير

دعوة الإبراهيمي و"رفاقه" الجيش للحوار.. حل أم تعقيد للأزمة؟

يعتقد الإبراهيمي ورفقاؤه أن التمسك بانتخابات الرئاسة في 4 يوليو المقبل سيزيد من الانسداد السياسي- صحيفة نفحة

أثارت دعوة ثلاث شخصيات جزائرية يتقدمها وزير الخارجية سابقا أحمد طالب الإبراهيمي، لفتح حوار مع المؤسسة العسكرية حول الذهاب لمرحة انتقالية، ردود فعل واسعة بين مؤيد ومعارض للفكرة.


وجاء في البيان الذي وقعه الإبراهيمي بمعية الحقوقي المعروف علي يحيى عبد النور، والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، دعوة المؤسسة العسكرية بإلحاح إلى "فتح حوار صريح و نزيه مع ممثلي الحراك الشعبي والأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية المؤيدة له، من أجل إيجاد حل سياسي توافقي في أقرب الآجال".


ويعتقد موقعو البيان أن التمسك بالانتخابات الرئاسية في 4 تموز/ يوليو المقبل، سيزيد من حالة الانسداد السياسي التي تحمل أخطارا جسمية على البلاد، ولم يؤدي إلا إلى تأجيل ساعة الميلاد الحتمي للجمهورية الجديدة".


وتساءل الثلاثة، "كيف يمكن أن نتصور إجراء انتخابات حرة ونزيهة ترفضها من الآن الأغلبية الساحقة من الشعب، لأنها من تنظيم مؤسسات مازالت تديرها قوى غير مؤهلة معادية للتغيير والبناء؟".


الحوار هو الحل


وفي تفاعله مع هذه الرؤية، قال رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، إنه يؤيد ضرورة فتح حوار بين المؤسسة العسكرية، باعتبارها السلطة الحقيقية القائمة في البلاد، وبين فعاليات قوى التغيير المناصرة لخيار الشعب، سواء كانت هذه الفعاليات في الأحزاب أو النقابات أو الطلبة أو شباب الحراك وغير ذلك.

 

اقرأ أيضا: معارض جزائري: "الإبراهيمي" لا يمانع قيادة المرحلة الانتقالية

وأوضح جاب الله في تصريح لـ"عربي 21"، أن البلاد تشهد اليوم أزمة طال أمدها وأصبحت تتطلب حلولا عاجلة، ولا يجب على المؤسسة العسكرية التوقف كثيرا عند حرج التدخل في الشأن في السياسي إذا كان هذا ما يعيقها فعلا عن فتح حوار مع القوى الحية في المجتمع.


وأبرز جاب الله أن تمسك المؤسسة العسكرية بما يسمى الحل الدستوري منذ بداية الحراك، أثبت قصوره على معالجة الأزمة، بل إن هذا الحل ظهر أنه أزمة بحد ذاتها، لكون المادة 102 من الدستور التي تحدد كيفيات انتقال السلطة تتحدث عن الوضع الطبيعي وليس الثوري كما حدث في الجزائر بعد أن سحب الشعب الجزائري ثقته من كامل النظام.


وحول رأيه في دعوات رحيل رئيس الأركان التي يرفعها جزء من الشارع وتأثيرها على إمكانية فتح المؤسسة العسكرية حوارا، قال جاب الله: "إن ردة الفعل هذه طبيعية بعد أن انتظر الشعب طويلا من قيادة الجيش المساعدة على تحقيق مطالب الحراك دون جدوى".


وأضاف في تفسيره: "كأن لسان حال المنادين بذلك يقول، ما دمتم غير قادرين على تحقيق مطالبنا فماذا تفعلون في مناصبكم. أي كأنها دعوة مبطنة لحثّ المؤسسة العسكرية لتتجاوب مع مطالب الشعب".


ورغم الاختلاف الأيديولوجي بينهما، يقاسم رئيس حزب جيل جديد، سفيان جيلالي، ما قاله عبد الله جاب الله، من حيث ضرورة فتح المؤسسة العسكرية لحوار للخروج من الأزمة.


وأوضح جيلالي في فيديو له تأييده الكامل لمضمون بيان الشخصيات الثلاثة، محذرا من مغبة الذهاب إلى انتخابات 4 جويلية التي تلقى رفضا شعبيا واسعا لأن ذلك يعني اختيار رئيس يصادم الإرادة الشعبية.


خيبة أمل


لكن على عكس ذلك، عبّر البعض عن خيبة أملهم في بيان الإبراهيمي بعد أن كانوا ينتظرون منه إجابة واضحة حول الطلبات التي كانت تناشده إما لقبول رئاسة الدولة مؤقتا خلفا للرئيس الحالي المرفوض أو الترشح لانتخابات 4 تموز/ يوليو، لقيادة البلاد في إطار الحل الدستوري تجنبا لدخول البلاد في مرحلة انتقالية.

 

اقرأ أيضا: مقري: إجراء الانتخابات في 4 يوليو ستكون كارثة على الجزائر

وقد دفعت هذه الخيبة رئيس حركة البناء الوطني ( المحسوب على التيار الإسلامي ) إلى مهاجمة الإبراهيمي، رغم أنه يقدم على أنه مقرب من الإسلاميين، قائلا: " يشيد بالحراك ولا أدري أين وجد في الحراك من يطالب بمرحلة انتقالية؟".


وتابع عبد القادر بن قرينة، في تعليقه على البيان: " على الجيش أن يحاور ممثلي الحراك، هل يتكرم و يعطينا من هم ممثلي الملايين من الحراكيين في كل بلديات الوطن وكيف نستخرجهم؟".


وختم الوزير السابق "الرجل مازال مرتهن بعلاقاته الماضية في الأسماء ( في إشارة إلى الاثنين اللذين وقعا معه البيان المحسوبين على التيار العلماني)، فليس لديه أي انفتاح على غيرهم، وكأن الجزائر عقيم و لم تلد غيرهم !!".


دعوة فضفاضة


ومن وجهة نظر أكاديمية، أفاد محرز بويش أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة البويرة، بأن بيان الشخصيات الثلاثة، لم يأت بالجديد من حيث أنه تطرق إلى الحوار بشكل عام وفضفاض ولم يقدم خارطة واضحة للحل.


وذكر بويش في حديثه لـ"عربي 21" أن الإشكال في الحراك أصبح يرى في المؤسسة العسكرية عائقا، وليس حلا، إذ أن جميع المؤشرات توحي برفض القايد للمرحلة الانتقالية.

 

وأضاف، أن عقدة الأزمة اليوم، هي في من يمكنه عمليا إقناع المؤسسة العسكرية بمرافقة مطالب الحراك دون أن تكون بالضرورة طرفا في الحكم، وكيفية حل هذا الانسداد.