أثار إعلان محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، عن بيع "المصرف المتحد" إلى صندوق استثمار أمريكي خلال 3 أشهر، تساؤلات ومخاوف واسعة في الأوساط المصرفية والمالية بمصر.
وكشف عامر، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء المصرية "أ ش أ"، الإثنين، أن هناك مفاوضات على وشك الانتهاء حول صفقة بيع المصرف المتحد إلى صندوق استثمار أمريكي خلال 3 شهور، وذلك بعد انتهاء المؤسسة الأمريكية من عمليات الفحص النافي للجهالة للبنك.
"غموض"
ولم يذكر عامر أي تفاصيل حول الصفقة، أو أسباب بيع المصرف المتحد المملوك للبنك المركزي إلى صندوق استثمار أمريكي دون غيره من الصناديق والبنوك المصرية والعربية والعالمية، كما أنه لم يكشف عن اسم الصندوق الأمريكي مكتفيا بوصفه بأنه من أكبر صناديق الاستثمار بالعالم، ورأسماله 104 مليارات دولار، فيما تثار التساؤلات حول كيفية إنفاق الأموال الناتجة عن البيع.
و"المصرف المتحد"، ناتج عن اندماج المصرف الإسلامي للتنمية، وبنك النيل، والبنك المصري المتحد، والتي كانت مهددة بالإفلاس، فيما يبلغ رأسماله نحو 3.5 مليارات جنيه، ويمتلك نحو 54 فرعا بالقاهرة والمحافظات.
ويأتي الإعلان عن صفقة بيع المصرف المتحد، بالتزامن مع الحديث عن بيع 30 بالمئة من "بنك القاهرة" الحكومي بالبورصة، إلى جانب الإعلان عن بيع 20 مليون متر من الأراضي التابعة لشركات قطاع الأعمال، وأيضا بيع حصص في 23 شركة حكومية لتوفير 4.6 مليارات دولار.
"تكرار الأخطاء"
وفي تعليقه حول بيع "المصرف المتحد"، قال الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، إن "الخاسر الوحيد من هذه الصفقة هو الشعب المصري، محذرا في الوقت نفسه من الغموض الذي يكتنف الإعلان عن الصفقة وأسباب بيع المصرف المتحد".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "عربي21": "عادة أداء الحكومة المصرية في كثير من الممارسات الاقتصادية يتسم بعدم الشفافية، وبعيدا عن اسم الصندوق الذي سيعلن عنه عاجلا أم آجلا، قد يكون أحد أسباب هذا الغموض وجود حصص كبيرة للصهاينة أو بعض الدول العربية التي تدعم الثورات المضادة أو حتى بعض المسؤولين المصريين سواء السابقين أو الحاليين".
وأوضح الصاوي أن تجربة الخصخصة في القطاع المصرفي المصري، في عهد مبارك صاحبها العديد من الأخطاء والمشاكل، مضيفا: "النظام المصري الحالي يكرر نفس الأخطاء السابقة، والنتيجة بقاء المشكلات الاقتصادية التي بررت الحكومة عمليات البيع لعلاجها كما هي، حيث تزايد عجز الموازنة، تفاقم الدين العام بمعدلات غير مسبوقة".
"البيع بالأمر"
وعن سبب بيع البنك المركزي المصري للمصرف المتحد، قال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، إن بيع المصرف المتحد جاء بناء على طلب من صندوق النقد الدولي، الذي أكد على ضرورة تخلص البنك المركزي من المصرف المتحد وبيعه".
وأضاف الولي، في تصريحات لـ "عربي21" أن "البنك المركزي لا يصلح أن يمتلك بنوكا لأنه في الأصل رقيب عليها"، لافتا إلى أن البنك المركزي تدخل قبل 13 عاما لحل أزمة 3 بنوك عجزت عن دفع القروض، ووصلت خسائرها للتآكل في رأس المال، فضخ المركزي أموالا بها بعد دمجها في بنك واحد تحت اسم المصرف المتحد".
وانتقد الولي، سياسة البيع بالأمر المباشر، وعدم طرح مناقصات عالمية مرجئا سبب تجاهل الحكومة لها لـ"عدم وجود برلمان يحاسب، ولا إعلام يكشف وينتقد، ولا قضاء ينتصر لأي قضية ضد البيع المخالف للقوانين".
"علامات استفهام"
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي رضا عيسى، أن "قرار البيع يأتي مع إصرار النظام الحالي على تكملة مسار نظام حسني مبارك بسياسة الخصخصة لشركات الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال"، مؤكدا أنه "يأتي أيضا في ظل تعليمات صندوق النقد الدولي".
وقال في تصريحات لـ "عربي21"، إن هناك أيضا علامات استفهام كبيرة حول الصفقة وبيعها لصندوق استثمار أمريكي، مشيرا إلى أن هناك بنوكا أمريكية في مصر أغلقت بعد فترة.
ويرى الخبير المصرفي، أشرف دوابة، خلال حديثه لـ "عربي21"، أن الحكومة المصرية تتجه حاليا لبيع كافة أصول وممتلكات الدولة في محاولة لترقيع الديون، مؤكدا أن بيع المصرف المتحد ما هي إلا محاولة حكومية لحل جزء من أزمة الدين الحالية.
صندوق النقد يمتنع عن إقراض السودان.. ويشترط لذلك
عاصمة السيسي الجديدة تقترض 3 مليارات دولار من الصين
هل تنقذ "إصلاحات الحريري" اقتصاد لبنان من الإفلاس؟