اقتصاد عربي

لماذا تراجعت ضرائب الجهات السيادية وزادت على المصريين؟

تستهدف الموازنة الجديدة تحصيل 856.6 مليار جنيه إيرادات ضريبية، مقابل 755 مليار جنيه العام الجاري- جيتي
في قراءة للمؤشرات الأولية للموازنة العامة المصرية الجديدة في 2019-2020، كشف خبراء اقتصاديون تراجع الضرائب المحصلة من الجهات السيادية، منها (قناة السويس وهيئة البترول والبنك المركزي)، وتضاعف الأخرى المحصلة من الجهات غير السيادية (الشعب).

وأكد الخبير الاقتصادي، رضا عيسى، أن الضرائب بالموازنة تقسم إلى نوعين حسب مصادرها، الأول: الضرائب من الجهات السيادية، التي تتوقع الموازنة أنها ستنخفض لأول مرة منذ 5 سنوات.

وأضاف عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أما القسم الثاني: فهي الضرائب من الجهات غير السيادية، التي تتوقع الموازنة زيادتها بمبلغ 125 مليار جنيه، وهو ما يعني زيادة بنسبة تقترب من ربع قيمة الضرائب التي تم تحصيلها بالعام المالي الحالي.

 
أكبر إيرادات الدولة

وتستهدف الموازنة الجديدة تحصيل 856.6 مليار جنيه إيرادات ضريبية، مقابل 755 مليار جنيه العام الجاري، بحجم إيرادات مستهدفة من جهات غير سيادية نحو 674.7 مليار جنيه، ونحو 182 مليار جنيه من جهات سيادية.

وتعد الضرائب المورد الأكبر ببند الإيرادات، حيث أكد وزير المالية، محمد معيط، أنها تمثل 75 بالمئة من إيرادات الدولة، والباقي إيرادات تجارية وصناعية وتوزيعات القطاع العام، ورسوم إضافية، مثل المحاجر والمناجم، وأهمها قناة السويس.

وقال وزير المالية محمد معيط: "نتوقع عجزا في الموازنة الجديدة بمقدار 445 مليار جنيها، ما سيفرض علينا فرض مزيد من الضرائب والرسوم.

وأكد مراقبون أن زيادة الحد الأدنى للرواتب إلى 2000 يعني الدخول في شريحة الضرائب على الدخل بنسبة 10بالمئة نحو 900 جنيه ضريبة سنوية، إلى جانب الحديث عن تعديل قانون الضرائب على الدخل لتقليل عجز الموازنة.

جهات لا تدفع

وكانت صحيفة "الوطن" المحلية، المؤيدة للنظام العسكري الحاكم، نشرت تقريرا لم ير النور بعد مصادرة النسخ المطبوعة قبل 4 سنوات، وبالتحديد 10 آذار/ مارس 2015، عن تهرب 13 جهة سيادية مصرية من سداد الضرائب أهدرت نحو  7.9 مليار جنيه على الدولة، وأكدت أن بينها مؤسسة الرئاسة، والمخابرات العامة، ووزارتي الدفاع والداخلية.

وكشفت قرارات للسيسي ووزير دفاعه عن إعفاءات لهيئات ومصانع الجيش ومشاريعه من الضرائب، حيث استثنى قائد الانقلاب في 19آب/ أغسطس 2014، أندية وفنادق القوات المسلحة، ودور الأسلحة، والمجمعات، والمراكز الطبية، والمستشفيات، والعيادات العسكرية، والعقارات المبنية، وغيرها من الوحدات، من قانون الضريبة العقارية.
 
وأعفى وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، في 2019، نحو ألف منشأة ربحية وترفيهية تابعة للجيش من الضريبة المفروضة على العقارات والمنشآت التجارية والصناعية، لاعتبارات تتعلق بشؤون الدفاع ومتطلبات الأمن القومي.

سياسته منذ البداية


وحول دلالات تراجع ضرائب الجهات السيادية مع تعاظم وزيادة أعمالها وزيادة الضرائب على الشعب رغم تراجع أحواله، أكد الخبير في الاقتصاد الإسلامي، الدكتور أشرف دوابه، أن الضرائب هي سياسته المعروفة، وهي الجزء الأكبر من الموازنة العامة للدولة، وتمثل أكثر من 75بالمئة.

أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة إسطنبول، صباح الدين زعيم، قال لـ"عربي21"، إن السياسة العامة للنظام الحالي منذ البداية هي التركيز على تحصيل الضرائب من الجهات العادية؛ بهدف تحقيق مزيد من الموفورات أو الإيرادات، مضيفا أن "من يتحمل المزيد من الضرائب هو الشعب لا غيره".

وأوضح أن تراجع الضرائب على الجهات السيادية دليل على وجود نوع من الإعفاءات لها، رغم أنها تسيطر على اقتصاد مصر في جله، حتى أنهم قدموا إعفاءات لأكثر من 10 جهات سيادية لا تدفع عدة أنواع من الضرائب، برغم ما تحققه من أرباح وما يسند إليها من مشروعات. 

وشدد دوابة على أن ما يتم إعلانه من أرقام عن فائض في الميزان التجاري البترولي ومن أرباح لقناة السويس، وفي التوقيت ذاته تراجع ضرائبهما، يؤكد أنها أرقام لتجميل الأمور فقط لا غير.

وارتفعت إيرادات قناة السويس 2.92 مليار دولار من 2.76 مليار دولار، بالنصف الأول من العام المالي الحالي، وأعلن البنك المركزي، الثلاثاء، أن الميزان التجاري البترولي حقق فائضا للمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات بلغ 150.8 مليون دولار.

"الانهيار أدنى مما نتخيل"

وفي تعليقه، أكد نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، مجدي حمدان موسى، أنه "من الواضح أن هناك خبايا أخرى لم نعلم بها بعد عن الموازنة"، موضحا: "في الموازنة ديون مستحقة تصل إلى أرقام فلكية، ديون بشكل لم يحدث من قبل".

السياسي المصري، أشار لـ"عربي21"، إلى "تراجع الإيرادات، سواء بقناة السويس أو قطاع البترول أو البنك المركزي، وتراجع دخل الدولة من السياحة أيضا، وعدم وجود عنصر واحد مميز للتصدير".

وقال موسى، إن "كل تلك التراجعات تندرج تحت مسمى واحد، هو السياسات الخاطئة لإدارة موارد الدولة، والفشل في تعظيمها كنتاج طبيعي لوجود فكر لم يخطط والإدارة بفكر اللحظة، وانتفاء أي دراسات، وعدم الأخذ بآراء الخبراء".

وأشار أيضا إلى "محو الدور الرقابي لأهم مؤسسة في الدولة، ألا وهي مجلس النواب، وإحالته القرارات للموافقة بلا فتح لأي باب للمناقشة والاعتراض"، واصفا الحالة المصرية بأن "الانهيار الاقتصادي للدولة أصبح أدنى مما نتخيل". 

ولدت ميتة

وفي السياق ذاته، كتب الخبير الاقتصادي، محمود وهبة، قائلا: "البقية في حياتك. توفيت ميزانية 2020/2019، في ولاده متعثرة"، واصفا إياها بـ"أغرب ميزانية في العالم"، موضحا أنها "نشرة هدفها الأساسي مدح السيسي كونها بنيت على توجيهاته". 


  ش