صحافة دولية

ناشر واشنطن بوست: 6 أشهر على قتل خاشقجي والعدالة لم تتحقق

ريان: خاشقجي لم يفعل شيئا ليستحق هذا المصير البشع- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا لناشرها فرد ريان، يقول فيه إن ستة أشهر مضت على جريمة قتل وتقطيع جثة الصحافي جمال خاشقجي ولم يفعل ترامب شيئا. 

ويقول ريان: "اليوم وقبل ستة أشهر، دخل رجل يقترب من تحقيق سعادته الكبرى إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، فيما كانت المرأة التي ستصبح زوجته تنتظر أمام بوابتها، وذهب إلى هناك بناء على توجيه مسؤولين سعوديين؛ للحصول على وثائق ضرورية لزواجه المقبل، إلا أن مصيدة نصبت بعناية كانت تنتظره، فكانت هناك مجموعة عملاء المخابرات السعودية تترقب دخوله، وقاموا بقتله بطريقة وحشية وقطعوا جثته". 

 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "جمال خاشقجي، الصحافي المساهم في (واشنطن بوست) لم يفعل شيئا ليستحق هذا المصير البشع، فقد هوجم بناء على أوامر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؛ لأنه كان ببساطة يقوم بعمله الصحافي: قول الحقيقة".

 

ويقول ريان إنه "بعد مرور نصف عام على هذا الفعل الشنيع الذي صدم العالم، فإن الأمر يستحق تقييم ما تم فعله استجابة للحادثة، وما لم يتم فعله".

 

ويلفت الكاتب إلى أن "السعوديين تبنوا استراتيجية التهرب، فلم يكشفوا عن جثة خاشقجي بعد، ما يمنع عائلته من إقامة جنازة إسلامية مناسبة، لقد عمد النظام إلى التضحية بمسؤولين قابلين للتضحية؛ سعيا إلى تهدئة الغضب الدولي من خلال تنظيم محاكمة زائفة"، مشيرا إلى أن سعود القحطاني، منسّق العملية التي قتلت خاشقجي، الذي لا يزال حرا، وهو مستمر في تقديم المشورة لولي العهد. 

 

ويقول ريان: "أما من أمر بالقتل، وهو ولي العهد، فقد تنقل حول العالم، حيث صافح فلاديمير بوتين بكفه، وتقرب من الصينيين، واحتك مع قادة العالم الآخرين، كجزء من جولة عالمية تهدف لإعادة تأهيل السمعة".

 

ويعلق الكاتب قائلا: "للإنصاف، فقد اتخذ المجتمع الدولي موقفا ذي مبادئ من أجل حرية الصحافة وحقوق الإنسان، وفي الشهر الماضي، اجتمعت 36 دولة، بما في ذلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كافة، البالغ عددها 28 دولة، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؛ (لإدانة بأشد العبارات الممكنة) مقتل خاشقجي ودعوة السعوديين للتعاون مع تحقيق مستمر للأمم المتحدة، فيما علقت دول ديمقراطية غربية زياراتها السياسية إلى السعودية، وقلصت مبيعات الأسلحة، وحجبت بوادر الدعم الأخرى للنظام السعودي".

 

اقرأ أيضا: تفاعل واسع مع هاشتاغ "خاشقجي لن يموت"
 

ويتساءل ريان قائلا: "ماذا عن الولايات المتحدة، حاملة لواء الحرية حول العالم لفترة طويلة؟".
ويقول الكاتب إن "المهنيين المتفانين في أجهزتنا الاستخباراتية الأمريكية أدّوا أعمالهم، لقد حققوا بسرعة وبدقة، واستنتجوا بثقة عالية أنّ ابن سلمان كان بالفعل وراء مقتل خاشقجي".

 

وينوه ريان إلى أن "الكونغرس أدى عمله أيضا، وصوت لصالح وقف دعم الحرب السعودية ضد اليمن بالاتفاق بين الحزبين، والتحقيق في رد الولايات المتحدة على جريمة القتل، وتحرك من أجل تقييد توصيل التكنولوجيا النووية إلى الحكومة السعودية، وفي تشرين الأول/ أكتوبر استشهد أعضاء مجلس الشيوخ بقانون ماغنِتسكي، الذي سمح للولايات المتحدة بفرض عقوبات على السعوديين، الذين انتهكوا حقوق الإنسان من خلال تورطهم في مقتل خاشقجي".

 

ويقول الكاتب: "أما إدارة ترامب فهي قصة مختلفة تماما، وأصدر مسؤولو الإدارة كلمات انتقادية وتأنيبا خفيفا، إلا أنهم فشلوا في فرض عقوبات ذات معنى، لقد قوّضوا وشوشوا وتجاهلوا النتائج التي توصلت إليها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ليواصلوا العمل كالمعتاد مع ولي العهد".

 

ويرى ناشر "واشنطن بوست" أن "هذه المقاربة الإنكارية التي تقول (لا أرى شيئًا!) لا تعني مجرد غضّ النظر ريثما يقتل السعوديون صحافيا مرموقا، بل أيضا عندما يسجن النظام النساء لمطالبتهن بالحريات الأساسية وتعذيب قادة الأعمال وإرهاب المواطنين ليخضعوا".

 

ويقول ريان: "للأسف، فأكثر شخصية خانعة في هذه القصة هي الرئيس ترامب، حتى بعد ظهور أدلة دامغة تبين أنّ السعوديين كذبوا بشأن وفاة خاشقجي، أعلن ترامب أن ابن سلمان (حليف كبير)، واحتج قائلًا إنّ الأمير قد يكون بريئا، ربما الأمر الأكثر فظاعة هو أنّ ترامب تنازل عن مسؤوليات منصبه ورفض الامتثال لمتطلبات قانون ماغنِتسكي بأنّ تقدم الإدارة نتائجها بشأن قضية خاشقجي إلى الكونغرس".

 

ويجد الكاتب أنه "من خلال هذا الرد العاجز، فإن ترامب لا ينتهك القانون فحسب، بل إنه يقوض مصداقية الولايات المتحدة وسلطتها الأخلاقية أيضا".

 

ويبين ريان أنه "تماشيا مع وجهة نظره التعاقدية في التعامل مع السياسة الخارجية، يبدو ترامب مستعدا لبيع مبادئ أمريكا، لكن ماذا أضاف منهجه إلى الجانب الآخر من العملية التجارية؟ إنّه يدعي أنّ قيمة صفقات الأسلحة السعودية، ومساعدة السعودية في تحقيق أهدافنا الاستراتيجية في المنطقة، تتطلبان منا كتم اعتراضاتنا على جرائم النظام، لكن تلك المليارات من الدولارات المزعومة في مبيعات الأسلحة، والتقدم في عملية سلام الشرق الأوسط لم يتحققا بعد".

 

ويقول الكاتب: "لا يوجد أي تفنن في عقد الصفقات إذا كنت على استعداد للتنازل عن الشروط الأساسية، على مدى عقود، تجنّب رؤساء من كلا الحزبين بثبات خوض هذا الطريق السهل، واتخذوا مواقف صعبة للإظهار للعالم أنّ الولايات المتحدة لن تتنازل عن قناعاتنا أبدًا".

 

ويذهب ريان إلى أنه "لهذا السبب وبعد مرور ستة أشهر، لم تتلاش قصة جمال خاشقجي، بل مع كل يوم يمر دون تحقيق العدالة، فإن عواقب مقتله تزداد إثارة للقلق، وكل يوم يسمح فيه ترامب للسعوديين بتجنب المحاسبة هو يوم يعتقد فيه المزيد من الطغاة حول العالم أنّه يمكنهم ارتكاب جرائم قتل دون عقاب، وكل يوم تتبدد فيه قيمة السمعة التي راكمَتها الأجيال الماضية من الأمريكيين".

 

ويشير الكاتب إلى أن "الرئيس ترامب لاحظ ذات مرة، (العالم مكان خطير للغاية)، لهذا السبب يجب على الولايات المتحدة أن تقف شامخة دائما وألا تتخلى عن قيمها أبدا، يجب أن يواصل الكونغرس بذل كل ما في وسعه لمحاسبة قتلة خاشقجي، يجب أن ينظر مسؤولو الإدارة إلى الأدلة المروعة التي تدعم استنتاجات وكالاتنا الاستخباراتية، ويجب على ترامب، كحدٍ أدنى، الالتزام بالقانون وتقديم النتائج التي يتطلبها قانون ماغنِتسكي".

 

ويختم ريان مقاله بالقول: "لا يمكن أن تمر ستة أشهر أخرى دون المحاسبة على هذه الجريمة البغيضة، العدالة لصحافي بريء، ومصالح أمريكا الأكثر أهمية لا تتطلب شيئًا أقل من ذلك".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)