أُولى القِبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، مسرى الرسول الكريم
ومِعراجه للسموات العُلى، بوابة السماء وزهرة المدائن، يتعرض لحملة شرسة ومسعورة
من قبل الاحتلال، الذي يُحاول تهويد المدينة المُقدسة، وطمس طابعها العربي
والإسلامي، والتعدي بشكل سافر على حُرمة المسجد الأقصى، تُغلق أبوابه في وجه
المُصلين، ويُمنع رفع الآذان فيه، ويُطرد حراسه، ويُبعد ويُعتقل أئمته ووُعاظه،
يُمعن هذا المُحتل بإذلال الناس على حواجز التفتيش العنصرية التي تنتقص من آدمية
البشر وتنتهك حقوقهم في العبادة وإقامة صلواتهم متى يشاؤون.
إنه الظلم الذي تجاوز المدى، وأصبح وصمة عار على جبين الإنسانية
جمعاء، كل قوانينهم الباطلة وغير الشرعية، التي لا نعترف بها أصلا؛ لأنها تصدر عن
كيان مُحتل ليس له أي صفة قانونية، هدفها الوحيد استفزاز مشاعر المسلمين، وفرض أمر
واقع يضمن لهم السيطرة الكاملة على المدينة المقدسة، لن نقبله مهما كانت الظروف
والضغوط، هنيئا لكم أيها المقدسيون وأنتم تُدافعون عن شرف هذه الأمة بِصدوركم
العارية، وإيمانكم العميق بعدالة القضية والحق الأبدي في إرثنا وتاريخنا، تتحدون
صلف هذا المُحتل الغاشم، وتجعلون من أجسادكم وأرواحكم دِرعا واقيا وحاميا لأقصاكم،
كُنتم وما زِلتم رأس الحربة، وشوكة في حَلقْ غُلاة المُتطرفين، دولة الباطل ساعة
ودولة الحق إلى قيام الساعة، وإن غدا لناظره لقريب.
نحن أمام استهداف احتلالي همجي غير مسبوق للأقصى يتطور بشكل مُتسارع،
مستغلا حالة التراجع والتقهقر العربي والإسلامي في نُصرة قِبلتهم الأُولى، وانشغالهم
بقضاياهم الداخلية، الذي لا يعفيهم من المسؤولية الدينية والأخلاقية والتاريخية.
إخواننا
في الأمتين العربية والإسلامية، لا داعي أن نُذكركم بقُدسية المسجد الأقصى، الذى
بات وحيدا هو وأهله يستغيث بكم لنصرته والذَودْ عنه، إنه سورة وآية من قرآنكُم
العظيم فهل تَعِقلون؟ لا شرف ولا كرامة لكم والأقصى يُهان أمام أعينكم وأنتم في
سُبات عميق، لا تُحركون ساكنا ولا تهتز لكم ضمائر، أما آن لكم أن تفيقوا وتنتفضوا
لأقصاكم؟ اخرجوا عن صمتكم ولبوا نداء الأقصى.