كشفت صحيفة "
واشنطن بوست" في تقرير لمراسلتها ليز سلاي عن محاولات النظام السوري العودة إلى
الجامعة العربية، وما يعيق ذلك، وموقف الأفرقاء من عودته.
وجاء تقرير الصحيفة الذي ترجمته "
عربي21" بعنوان "يريد
الأسد العودة إلى الحضن العربي وأمريكا تقف في طريقه"، حيث اعتبر أن جهود الدول العربية للعمل مع النظام السوري لبشار الأسد الذي انتصر في الحرب أجلت على ما يبدو بسبب موقف الولايات المتحدة التي تريد منع حلفائها من إعادة العلاقات مع حكومته.
وأثار قرار الإمارات العربية المتحدة نهاية العام الماضي فتح سفارتها في دمشق ومحاولات تقارب قامت بها دول عربية أخرى مع نظامه، التوقعات بعودة
سوريا إلى النظام العربي بعد ثمانية أعوام من الثورة ضد حكمه، والتي أدت لعزل نظامه عن بقية الدول العربية.
وبحسب الصحيفة فقد ضغطت إدارة الرئيس دونالد ترامب على حلفائها للتوقف، وحذرت من أي محاولة للمشاركة في إعادة إعمار سوريا ستؤدي إلى عقوبات أمريكية مصممة للضغط على الأسد من أجل القبول بإصلاح سياسي حسبما قال مسؤولون أمريكيون.
وتشير الصحيفة إلى أن الكثير من الدول العربية ليست متأكدة مما إذا كانت تريد إعادة تأهيل زعيم لا يزال قريبا من إيران التي وسعت من نفوذها في سوريا بعدما ساعدت الأسد على الانتصار في الحرب.
وتقول الصحيفة إن موقف الولايات المتحدة من الدور الإيراني لخصه مسؤول أمريكي بـ"العزلة السياسية والضغط". وقال إن الأهداف الأمريكية تنص على "خروج كل القوات التي تقودها إيران في سوريا". وفي المقابل تقوم روسيا بلعبة متناقضة تماما، حيث تحث الدول العربية على بناء جسور مع دمشق، بحسب دبلوماسيين اطلعوا على التفكير الروسي. ويقول هؤلاء إن موسكو تحاول إقناع الدول العربية باستئناف العلاقات مع الأسد كوسيلة للحد من تأثير إيران عليه.
وتضيف الصحيفة أن السؤال هو عن كيفية معالجة الأمور المتعلقة بنجاة الأسد بعد ثمانية أعوام من الحرب في سوريا ومع جيرانه العرب. ودعمت الكثير من الدول العربية الحرب على نظامه، ولكنها تواجه الآن حقيقة بقائه في المستقبل المنظور. وتأمل سوريا في أن تسهم الدول العربية بتمويل جزء من كلفة إعادة إعمار البلاد بعد الحرب التي تقدر بحوالي 400 مليار دولار. ويتباهى أنصار الحكومة السورية بأن الدول العربية تصطف منتظرة الحصول على قطعة من إعمار البلاد، ما يجعل الأسد في موقع يختار فيه الدول التي سيمنحها. ووصف سالم زهران، المستشار السياسي المقرب من دمشق، العملية بأنها مثل "مسابقة جمال".
وتضيف الصحيفة أن الحكومات العربية راقبت بنوع من الذعر منافسيها غير العرب مثل تركيا وإيران، وهم يحصلون على مكاسب في سوريا أثناء غيابهم عن الساحة، بشكل لم يعد لديهم ذلك التأثير القوي في البلد الذي يقع في قلب العالم العربي.
وكانت سوريا قد طُردت من الجامعة العربية بعد الثورة. وتقرر روسيا مصير البلد بالتعاون مع إيران وتركيا. وقال أنور قرقاش، وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتي: "التأثير العربي في دمشق هو صفر". وشرح في مقابلة مع الصحيفة قرار بلاده استئناف العلاقات مع النظام السوري بالقول: "لأننا حرقنا كل الجسور في عام 2011، فقد فُتح المجال أمام القوى الإقليمية لأن تكون المقرر الرئيسي ولم يعد للعرب قرار".
وسيكون موضوع سوريا محل نقاش في القمة العربية التي ستعقد هذا الشهر في تونس، حيث تدفع الدولة المضيفة إلى جانب العراق باتجاه عوده دمشق إلى الجامعة. ولكن المسؤولين العرب يشيرون إلى غياب التوافق حول الموضوع.
وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إن "عودة سوريا تحتاج لإجماع عربي" و"لم ألاحظ نتيجة تقودنا إلى الإجماع الذي نتحدث عنه".
ويقول الدبلوماسيون إن السعودية ومصر تتحركان نحو وقف أي محاولة لإعادة مقعد سوريا في الجامعة. وقال دبلوماسي غربي: "من الواضح أن مصر والسعودية هما اللتان تقودان المعارضة، وطالما بقيتا على موقفهما فإن أي تحركات خليجية لن تكون حاسمة في عودة دور الأسد" في الجامعة العربية.
وتقول الصحيفة إن الإمارات متمسكة بموقف عدم المشاركة في عمليات الإعمار إلا في حال تم التوصل لحل سياسي. ونقلت عن قرقاش قوله: "لا نزال نؤمن بأن الاستثمار في الإعمار مرتبط بالتقدم السياسي".
وكانت زيارة الأسد إلى طهران الأسبوع الماضي، وهي الأولى له منذ بداية الحرب، تذكيرا بمصاعب إبعاد سوريا عن الفلك الإيراني. ونقلت عن حسن حسن، الباحث في معهد التحرير بواشنطن قوله: "كان هناك تردد في التوجه للتصالح مع الأسد، والذي أبطأته أمريكا" و"بعد معانقة الأسد لطهران، سيتم وضع الكابح على الجهود". لكن قرقاش يعتقد أنه من الأفضل المشاركة بدلا من الوقوف متفرجين. وقال: "لسنا ساذجين كي نعتقد أننا سنكون البديل عن إيران بعد أسبوع أو شهر من فتح سفارتنا، ولكننا نعتقد أنه من المهم أن يكون لدمشق جسور عربية يمكنها أن تبني عليها". ويضيف: "لا نعتقد أن الإمارات ستحقق الفرق، بل إنها كذلك ستكون جزءا من القرار العربي الواحد بشأن سوريا. ونحن متأكدون من حدوثه".