صحافة دولية

موقع أمريكي: الإمارات تلعب دورا بالشرق الأوسط يتجاوز وزنها

محمد بن زايد قاد جهود التطوير السريع للجيش من خلال الاعتماد على حاملي الجنسية الإماراتية- جيتي

نشر موقع "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكي تقريرا، قال فيه إن الأدوار القيادية في الشرق الأوسط، تشهد تغييرات مفاجئة، في ظل تراجع الدورين السعودي والأمريكي، وسعي الإمارات، الدولة الصغيرة والغنية، لإعادة تشكيل نفسها وملء الفراغ لتصبح هي القوة المهيمنة إقليميا.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن فعاليات افتتاح المعرض الدولي للدفاع "أيدكس"، وهو أكبر ملتقى لصانعي المنتجات العسكرية يقام في الشرق الأوسط، خلال شهر شباط/ فبراير الماضي في أبوظبي، حملت رسالة واضحة من قبل الإمارات، حول قدرتها على شن العمليات العسكرية في البر والجو والبحر.

وأشار الموقع إلى أنه بالنسبة لهذا البلد الذي لا يتجاوز عدد مواطنيه الواحد مليون، فإن هذه المساعي تمثل محاولة للعب دور يتجاوز وزنه في الشرق الأوسط.

وأضاف الموقع أن أبوظبي التي استعرضت معداتها وخبراتها العسكرية خلال هذا المعرض، شدت اهتمام العالم، الذي بات يشعر بأن هذه الدولة الخليجية الصغيرة التي وصفها وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس بأنها "أسبرطة الصغيرة"، مستعدة للهيمنة على المنطقة.

ولكن بحسب الموقع، فإن سعي الإمارات لتحقيق هذا الأمر يتطلب، ليس فقط زيادة الإنفاق العسكري، بل كان يعني أيضا تغييرات في كل مستويات المجتمع.

ويقول الموقع إن صورة الإمارات لم تكن في الماضي مرتبطة بالقوة العسكرية، بل كانت معروفة بناطحات السحاب وجزرها الاصطناعية، ومطاعمها، وجلبها للعمالة الأجنبية.

 

اقرأ أيضا: 62 صفقة عسكرية في "أيدكس 2017" بـ 4.2 مليارات دولار

ومع نهاية القرن العشرين، كان تعداد القوات الإماراتية محدودا، وكانت تعتمد على الضباط والطيارين الأجانب، وتستخدم معدات قديمة، ولذلك فإن مشاركتها مع قوات حفظ السلام الأممية في الصومال وكوسوفو كانت محدودة.

ولكن مع تعاظم المصالح الاقتصادية الإماراتية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهمت أبوظبي أنها تحتاج مع مطلع القرن الجديد إلى قوة عسكرية لحماية ودعم نفوذها المالي.

ويقول الموقع أن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، قاد جهود التطوير السريع للجيش، من خلال الاعتماد على حاملي الجنسية الإماراتية، وزيادة الإنفاق العسكري للحصول على أكثر التكنولوجيات والأنظمة تطورا.

 

وقد شهد هذا الإنفاق ارتفاعا من 7.94 مليار دولار في 1998 إلى 15.7 مليار دولار في 2009 ثم 24.4 مليار دولار في 2014.

وذكر الموقع أن الإمارات بحلول العام 2014، أصبحت في المرتبة الثانية من حيث الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط بعد حليفتها السعودية، وثالث أكبر مشتر للأسلحة في العالم.

 

اقرأ أيضا: أبوظبي تبرم صفقات أسلحة بأكثر من مليار دولار

وأشار الموقع إلى أن القدرات العسكرية الإماراتية تعززت من خلال التجربة الميدانية التي اكتسبتها خلال العقد الماضي، عبر مشاركتها في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان، وفي فرض منطقة حظر الطيران في ليبيا، والتحالف ضد تنظيم الدولة في سوريا.

إلا أن الصعود العسكري للإمارات "أسبرطة الصغيرة"، تبلور من خلال التحالف التي تقوده السعودية في اليمن منذ 2015، عبر مشاركة القوات البرية والبحرية والجوية الإماراتية، في السير اليومي للعمليات، والسيطرة على بعض المناطق في اليمن خلال الأربع سنوات الماضية.

 

ورغم أن هذه الحرب تتعرض لانتقادات لكونها اتسمت بسوء التخطيط، وتسببت بأكبر أزمة انسانية في العالم، فإن بعض المراقبين العسكريين لا يلقون باللوم كثيرا على الإمارات.

وأورد الموقع أن الإمارات استعرضت خلال معرض أيدكس للصناعات العسكرية بعض المنتجات محلية الصنع، من دبابات وصواريخ موجهة، وطائرات بدون طيار وبنادق قنص.

ومن أجل إنعاش صناعاتها العسكرية، شجعت أبوظبي على الدخول في مشاريع مشتركة بين شركات دولية وأخرى محلية، من أجل أخذ التكنولوجيات والقيام بالإنتاج على الأراضي الإماراتية.

 

أما على الصعيد البشري، فقد أقرت الإمارات منذ دخولها حرب اليمن قانونا يفرض المشاركة في الخدمة العسكرية الإجبارية لمدة 12 شهرا، على كل الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و30 عاما، وخلال العام الماضي، تم تمديد فترة الخدمة لتصبح 18 شهرا. والآن يضم الجيش الإماراتي حوالي 60 ألف فرد.

وأشار الموقع إلى أنه على الرغم من هذه التوجهات العسكرية، فإن المحللين يرجحون أن يكون تركيز أبوظبي، على العمل الدبلوماسي.

 

وعوضا عن المغامرات العدائية العسكرية، فإن الاستراتيجية الإماراتية ستكون الإعتماد على هذه القوة لممارسة الضغوط على الحلفاء والأعداء في المنطقة، وستكون دائما هنالك القوات الخاصة وعمليات القصف المحدود كخيار لحماية مصالحها في الخليج وشمال أفريقيا.

 

اقرأ أيضا: "التمويل الأسود".. زلزال مالي يضرب اقتصاد الإمارات (ملف )

وأضاف الموقع أن الاستراتيجية الإماراتية لن تكون متهورة أو هجومية، بالشكل الذي يصف به بعض الدبلوماسيين، الاستراتيجية السعودية على سبيل المثال.

وأشار الموقع إلى أن هناك مخاوف من وصول الأسلحة الإماراتية إلى أيدي بعض الحلفاء والمجموعات غير النظامية.

 

حيث ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها في شباط/ فبراير الماضي، أن بعض نماذج العربات العسكرية والأسلحة التي بيعت إلى الإمارات، عثر عليها لدى ميليشيات مساندة للحكومة في اليمن.

وتساءل الموقع حول تأثير هذا الصعود العسكري الإماراتي على العلاقات مع الولايات المتحدة، حيث أن سعي أبوظبي للحد من تبعيتها لواشنطن فيما يتعلق بالجوانب العسكرية والسياسية والأمنية، قد يعقد العلاقة بين البلدين، خاصة إذا حاولت الإمارات الإلقاء بثقلها العسكري وراء نفوذها المالي في العالم العربي.

ولكن في نفس الوقت، يرجح الموقع أنه رغم التطور السريع لصناعاتها العسكرية، فإن اعتماد الإمارات على التكنولوجيات الأمريكية لن يشهد أي تراجع خلال الفترة المقبلة.

 

إذ تمثل عقود الشراء الإماراتية 7.4 بالمئة من جملة مبيعات الأسلحة الأمريكية. وقد شهد معرض أيدكس عددا من العقود بقيمة ملايين الدولارات، حصلت عليها شركات أمريكية للصناعات العسكرية.