على غرار حُمى الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها المنطقة، يستعد قطاع غزة
الأحد لإطلاق حملة شعبية تطالب فيها بتنحي رئيس السلطة، محمود عباس، عن الحكم؛ من
خلال مظاهرات وفعاليات جماهيرية ستجوب شوارع القطاع.
الحملة -التي ستشارك فيها حركة حماس- تفاعل معها مغردون على مواقع التواصل
الاجتماعي، تحت وسم (ارحل)، حيث نشر نشطاء تغريدات ومواد مصورة تدين سلوك رئيس السلطة
في تعامله مع القطاع، خصوصا ما يتعلق بسياسة فرض العقوبات على القطاع، والتي ساهمت إلى
حد كبير في تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.
على الأرض، شهدت ساحة السرايا وسط مدينة غزة استعدادات لوجستية لاستقبال
المتظاهرين، حيث من المقرر أن تبدأ فعاليات اليوم الأول بإقامة حشد جماهيري حاشد من
كافة محافظات القطاع.
حركة فتح، بدورها، وعلى لسان عضو اللجنة المركزية للحركة، حسين الشيخ، اعتبر
الحراك الجماهيري الذي دعت إليه حماس تجاوزا لكل الخطوط الحمراء، مضيفا في تغريدة على
تويتر أن هذا "الحراك سيدفعنا لاتخاذ قرارات وإجراءات حول مستقبل وجود حماس على
الساحة الفلسطينية، وتحديد موقف تبنى عليه استراتيجية جديدة في التعامل معها ومع وجودها".
أما نشطاء حركة فتح، فأطلقوا بدورهم وسما على مواقع التواصل الاجتماعي
تحت عنوان (اخترناك)؛ لتجديد ولائهم للرئيس، ورفض أي محاولات للمساس بشرعيته.
يتزامن هذا الحراك الشعبي المطالب بتنحي رئيس السلطة محمود عباس مع وصول
الأخير لمدينة شرم الشيخ، حيث من المقرر أن
يشارك في فعاليات القمة العربية الأوروبية، متجاهلا الدعوة التي أطلقها رئيس المكتب
السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، التي دعاه فيها من القاهرة إلى عقد لقاء ثنائي برعاية
مصرية؛ للتباحث في الملفات التي تعيق تفاهمات المصالحة.
سيناريو الانفصال
من جانبه، أشار مدير شبكة الأقصى الإعلامية، وسام عفيفة، إلى أن "الحراك
الشعبي الذي يشهده قطاع غزة بين مؤيد ومعارض لبقاء الرئيس هو تعبير عن الأزمة السياسية
الراهنة التي انتقلت بدورها من أيدي السياسيين إلى الشارع، وأن الوصول لهذه المرحلة
يعني أن سيناريو الانفصال بين شطري الوطن بات أقرب من أي وقت مضى".
وأضاف عفيفة لـ"
عربي21" أن "الانقسام ليس سببا في الوصول
لهذه المرحلة، فهو قائم منذ 13 عاما، ولكن سلوك رئيس السلطة وفريق المقاطعة في التعامل
مع غزة من خلال تخطي كافة الخطوط الحمراء، عبر سياسية التلاعب بأرزاق المواطنين، ووضعها
مادة للابتزاز السياسي، يشير إلى أن رؤية الرئيس لغزة تتمثل باعتبارها إقليما متمردا، ويجب اتخاذ كافة الخطوات الممكنة لاستعادته".
التهديد بعقوبات
من جانب آخر، أشار عضو المجلس الثوري لحركة فتح، يحيى رباح، إلى أن "شرعية
الرئيس محمود عباس هي خط أحمر لا يمكن النقاش في دستوريته، وما تسعى إليه حركة حماس
في حراكها المزعوم يتناغم مع الموقف الإسرائيلي الراغب في إزاحة الرئيس عن المشهد؛ تمهيدا
لتطبيق خطة الانفصال، التي هي جزء من صفقة القرن الأمريكية".
وعن الخطوات المنوي اتخاذها لمواجهة هذا الحراك، أشار رباح لـ"
عربي21" إلى أن "حركة حماس وضعت نفسها في موقف سيجبرنا على اتخاذ إجراءات جديدة تقوض وتضعف
من وجودها في غزة، بما يتيح للقيادة استعادة القطاع لحضن الشرعية، وسيجري النقاش حول
هذه الإجراءات بعد عودة الرئيس من جولته الخارجية".
تجدر الإشارة إلى أن آخر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث
والدراسات المسحية صدر في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، خلصت نتائجه إلى أن 64 بالمئة
من الشارع الفلسطيني أبدوا رغبتهم برحيل الرئيس محمود عباس مقابل تأييد 32 بالمئة،
وفي مؤشر آخر يرى 43 بالمئة من الشارع أن الرئيس هو المسؤول عما آلت إليه الأوضاع
في غزة مقابل 21 بالمئة حمّلوا حركة حماس هذه المسؤولية.
تباين وجهات النظر
إلى ذلك، أشار الكاتب والمحلل السياسي، ذو الفقار سويرجو، إلى أن "تباين
وجهات النظر بين طرفي الانقسام فيما يخص تنفيذ خارطة الطريق لمعالجة الأوضاع الداخلية
هي من أوصلت الحالة إلى هذا المستوى، فحركة حماس ترى أن الانتخابات الشاملة (التشريعية
والرئاسية وبناء منظمة التحرير) هي المدخل لإنهاء الانقسام".
وأضاف سويرجو لـ"
عربي21": "على النقيض من ذلك، ترى حركة
فتح أن المساس بشرعية الرئيس هي خط أحمر لا يمكن النقاش في دستوريته، وهذا الخلاف القائم
هي ترجمة لمحاولات كل طرف حشد مناصريه؛ لقياس شعبيته في أي استحقاق انتخابي قادم".
اقرأ أيضا: "حماس" تشارك الأحد في مظاهرة تطالب برحيل عباس