صحافة دولية

هل بدأت CIA تشك بقدرة ابن سلمان على حماية مصالح أمريكا؟

بلومبيرغ قالت إن سي آي إيه لم تعد تر أنه من الضروري الاعتماد على ابن سلمان- جيتي

نشرت مجلة "أوريون21" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الشكوك التي بدأت تحوم حول حقيقة اعتبار محمد بن سلمان ورقة رابحة بالنسبة للولايات المتحدة.

وقالت المجلة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن "التسريبات" الأخيرة لوكالة المخابرات المركزية بشأن تورط ابن سلمان في قضية اغتيال جمال خاشقجي تؤكد أن "السي آي إيه" بدأت تشك في قدرات ولي العهد الشاب على حماية مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

في المقابل، كشفت قضية خاشقجي عن بروز حليف غير متوقع للوكالة، ألا وهي تركيا التي تواصل حملة الضغط على ابن سلمان مستغلة قضية اغتيال الصحفي السعودي.

 

وكشفت وكالة "بلومبرغ" للأنباء أن الـ"سي آي إيه" أصبحت تعتبر أنه لم يعد ضروريا الاعتماد على ولي العهد السعودي لحماية المصالح الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، ما يعني أن مصالح واشنطن ستكون في مأمن أكثر مع قائد جديد يتولى حكم المملكة. 


ونوهت المجلة بأن السرعة التي بادرت بها وكالة المخابرات المركزية لتحميل ابن سلمان مسؤولية الضلوع في مقتل خاشقجي، تشير إلى شكوكها بشأن مدى قدرته على تطبيق السياسة الأمريكية "لاحتواء" إيران، والتي تم العمل عليها ببطء خلال عهد باراك أوباما، قبل أن تعود بقوة منذ انتخاب دونالد ترامب. ولا تثق السي آي إيه أيضا في قدرة ابن سلمان على حماية إسرائيل.

وأشارت إلى حدثين آخرين كانا لهما وقع سلبي على صورة ابن سلمان، أولهما الحرب في اليمن وثانيهما الحصار الدبلوماسي على قطر. وحاليا يعاني اليمن، أفقر دول الشرق الأوسط، من عدوان أغنى دول المنطقة السعودية والإمارات، حيث يعمل كلاهما على قطع الإمدادات الإيرانية عن المتمردين الحوثيين.

 

وبالنسبة لواشنطن، فإن التدخل السعودي ليس سوى "ذريعة"، خاصة أن الدعم الإيراني للحوثيين كان منذ بداية التمرد محدودا للغاية.

وبينت المجلة أن التدخل العسكري السعودي الإماراتي في اليمن قدم فرصة ذهبية لإيران من أجل تعزيز نفوذها أكثر على حدود المملكة العربية السعودية بأقل الخسائر والتكاليف، وذلك عبر إرسال إمدادات الأسلحة والمستشارين العسكريين إلى المنطقة. وتشبه تحركات إيران التدخل العسكري للاتحاد السوفيتي في أفغانستان، حيث أدت هذه الحرب إلى إلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة وحلفائها بأقل التكاليف.

ويبدو أن وكالة المخابرات المركزية قد اقتنعت بأن واشنطن قد دفعت كثيرا لحفاظ بن سلمان على شرعيته وتقديمه كقائد حربي. وقد فقدت الوكالة ثقتها في بن سلمان لاسيما مع تكثيف تنظيم القاعدة لنشاطه في شبه الجزيرة العربية منذ انطلاق التدخل السعودي في اليمن.

وأكدت المجلة أن بن سلمان وحليفه الإماراتي ارتكبا خطأ فادحا بالنسبة للسي آي إيه عند فرض العزلة الدبلوماسية على قطر. ولكن هذا الحصار في الحقيقة لن يساهم سوى في إضعاف التحالف العربي ضد إيران المتمثل أساسا في مجلس التعاون الخليجي، الذي أضحى بدوره في حالة موت سريري.

وأفادت المجلة بأن القاعدة العسكرية الأمريكية في قطر أشارت إلى تلقي واشنطن عدة معلومات حول مشاريع لغزو قطر من قبل جيرانها. وخرجت هذه المعلومات في البداية عن طريق البيت الأبيض الذي تربطه علاقات مباشرة بكل من ابن سلمان وابن زايد، وخاصة عبر صهر ترامب جاريد كوشنر.

أما الأمر الثالث الذي لم يرق لوكالة المخابرات المركزية وأعاد إليها أيام الحرب الباردة، هو محاولات السعودية المتكررة عقد صفقات بيع أسلحة مع روسيا لشراء أنظمة الدفاع الجوي إس-400 الروسية. وتتذكر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جيدا زيارة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، خلال سنة 2017، والتي انتهت بتوقيع عقد تسليح بين الطرفين سرعان ما ألغي فيما بعد.

وأشارت المجلة إلى أن الوكالة تعتقد أن ابن سلمان لن يحافظ طويلا على منصبه كولي للعهد، ويبدو أنها لن تخاطر بالاستعانة به باعتبار أن مستقبله لا زال غير واضح.

 

في المقابل، هناك عنصران هامان قد يكونان لصالح بن سلمان، أولهما سيطرته المطلقة على الأجهزة الأمنية. فبغض النظر عن دوره البارز في وزارة الدفاع، استغل بن سلمان إعفاء محمد بن نايف من ولاية العهد خلال سنة 2017، ليضع يده على وزارة الداخلية ويعيد تنظيم أجهزة مكافحة الإرهاب والمخابرات ويجعلها تحت إشراف وكالة واحدة، ألا وهي "رئاسة أمن الدولة".

وعلى الرغم من أن رئاسة أمن الدولة السعودية خاضعة للعاهل السعودي، إلا أن ابن سلمان يمتلك نفوذا كبيرا عليها. كما قام بتعويض قادة كبار في الجيش وتعيين ضباط شباب يدينون له بالوفاء والإخلاص. أما العنصر الثاني فيتلخص في دعم سلمان بن عبد العزيز المتواصل لابنه المفضل رغم الأخطاء التي ارتكبها وقسوة سياسته، وحتى تورطه في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.